منير الربيع – المدن
سلسلة تحركات سياسية وديبلوماسية تشهدها الساحة اللبنانية، أبرزها زيارة رئيس تيار المردة سليمان فرنجية إلى قائد الجيش جوزيف عون للتعزية، علماً أنه اللقاء الثاني بين الرجلين منذ فترة. إذ كان اللقاء الأول على عشاء في دارة قائد الجيش قبل يوم من التمديد له.
في إطار تحركات فرنجية، فإن الأنظار تتجه إلى العشاء الذي يجمعه بالرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في كليمنصو. ويأتي هذا اللقاء بعد إنهاء القطيعة بين الطرفين، إثر الزيارة التي أجراها تيمور جنبلاط إلى بنشعي ولقائه فرنجية، والبحث في ملف تعيين رئيس للأركان، الذي لا يزال مفتوحاً بانتظار الوصول إلى صيغة لحله، في ظل استمرار رفض وزير الدفاع البت بهذا الأمر.
من اليرزة إلى كليمنصو
تحرك فرنجية يوحي بأن الرجل يعمل على إعادة إحياء ترشحيه، خصوصاً بعد موقف رئيس مجلس النواب نبيه برّي، القائل بأن لا مرشح معلناً سوى فرنجية. ما يعني إعادة التأكيد على دعم ترشيحه. اللقاء مع قائد الجيش كان في غاية الهدوء والصراحة والإيجابية، وفق ما تقول مصادر متابعة. معتبرة أن فرنجية تحدث بشكل مباشر مع قائد الجيش بأن كليهما مرشحان للرئاسة، ولا يجب على أحدهما أن يتعارض مع الآخر أو يكون على قطيعة معه، طالما أن الاستحقاق الرئاسي لا يبت في الداخل اللبناني، إنما له سياقاته الدولية والإقليمية. وبالتالي، الشخص الذي سيكون مطروحاً أو يحصل الإجماع حوله لن يكون أحد منهما قادراً على التأثير به. ولذا، كان تشديد حول ضرورة التعاون والتنسيق، بغض النظر عن الشخص الذي ستؤول إليه رئاسة الجمهورية.
من اليرزة إلى كليمنصو، فإن فرنجية أيضاً ومن خلال تجديد مروحة اتصالاته ولقاءاته، يشدد على تحسين العلاقة مع الجميع، وعدم الدخول في قطيعة من أي طرف. خصوصاً في ظل التطورات الحاصلة في المنطقة، وحاجة اللبنانيين إلى الالتقاء مع بعضهم البعض. تأتي زيارته إلى كليمنصو بعد رسائل عتب متبادلة بينه وبين الاشتراكي. ولكن على وقع هذا التحرك، لا بد من الإشارة إلى نقطة أساسية، أن تحرك فرنجية يأتي بعد موقف رئيس مجلس النواب، وفي ظل تحركات عديدة تشهدها المنطقة في سبيل الوصول إلى تفاهمات أو تحضير الأرضية للتفاهم. لذلك، تقول مصادر متابعة إن جنبلاط أيضاً يعمل على تحضير الأرضية لأي تطور قد يطرأ على الساحة في المرحلة المقبلة، سواءً كان يصب بشكل إيجابي تجاه فرنجية أم بشكل سلبي.
الرئاسة والحدود
عشاء كليمنصو، في مقابل موقف برّي الذي خرج به بعد زيارة المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين، يدفع الكثيرين في لبنان إلى طرح تساؤلات حول إمكانية ربط الاستحقاق الرئاسي بالقرار 1701 والوضع في الجنوب، والذي يرتبط بشكل مباشر بتطورات الوضع في المنطقة وعلى إيقاع حرب غزة. ومن بين التساؤلات المطروحة، إذا كانت كل هذه التحركات في الداخل تصب في خانة إمكانية الوصول إلى تقاطع إيراني أميركي في لبنان، ينتج رئيساً للجمهورية على غرار تجربة العام 2016. في المقابل، هناك وجهة نظر أخرى تسقط أي احتمال لأن تؤدي التطورات إلى انتخاب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، بظل عدم الحماسة أو الموافقة عليه من قبل الدول الخمس، وانتقالهم إلى البحث عن مرشح ثالث، فيما هناك جهات أخرى تفضل ترشيح قائد الجيش جوزيف عون للرئاسة.
في موازاة هذه الحركة السياسية، برز تحرك السفير السعودي باتجاه دار الفتوى، حيث التقى بالمفتي عبد اللطيف دريان. وأكد البخاري بعد اللقاء حرص المملكة على دعم لبنان لمساعدته على إنهاء أزماته، فيما شدد دريان على “أن دور المملكة أساسي في نهوض الدولة ومؤسساتها، ودار الفتوى حريصة باستمرار على التعاون مع الأشقاء العرب، وخصوصاً دول مجلس التعاون الخليجي، وفي مقدمها المملكة العربية السعودية الحاضنة للبنان وشعبه وللقضايا العربية والإسلامية”، آملاً “أن تسفر جهود المملكة واللجنة الخماسية في إيجاد حل في أقرب فرصة ممكنة، للمساعدة في انتخاب رئيس للجمهورية، لتكون هذه الخطوة الأولى نحو نهوض الدولة ومؤسساتها”.
كذلك، جاءت زيارة السفير الفرنسي إلى رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل. وحسب المعلومات، فإن اللقاء كان بهدف البحث في الاستحقاق الرئاسي، والتحضيرات لعقد الاجتماع الخماسي، وإمكانية انتخاب رئيس بمعزل عن تطورات الوضع في غزة. فيما التقت السفيرة الأميركية ليزا جونسون بوزير الخارجية عبد الله بوحبيب، الذي قال: “تلقينا بارتياح جهوزية الولايات المتحدة الأميركية للتوسط في تخفيض التصعيد وإعادة الهدوء والاستقرار إلى الجنوب”. أضاف: “نتحاور مع الجانب الأميركي بانفتاح وروح إيجابية، للوصول إلى حلول مستدامة تحفظ سيادة لبنان وسلامة أراضيه، وتضمن الحقوق والأمن والاستقرار بالأخص لأهالي الجنوب”.
على وقع هذه التحركات يستمر البحث بين الدول الخميس المعنية بلبنان بموعد انعقاد اجتماع اللجنة الخماسية، وإذا سيكون آخر هذا الشهر أم في الأسبوع الأول من شهر شباط، وسط تداول في مكان انعقاد الاجتماع، وإذا كان سيتم عقده على مستوى السفراء في لبنان، أم على مستوى المندوبين الممثلين لدولهم في إحدى الدول الشريكة بالاجتماع.