بقلم الكاتب صفوح منجّد
لا تجاوز للحقيقة ولا من مبالغة في القول بأنّ ما تقوم به إسرائيل على مختلف جبهات القتال وبصورة خاصة في قطاع غزة منذ بداية الأحداث التي مرّ على إندلاعها 65 يوما، هو إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني، يتم تنفيذها ودعمها وتشجيعها من قِبل جهات دولية عدّة ، إما من خلال رفدها بالدعم العسكري واللوجيستي والمالي وإما بالإنخراط في هذه الجريمة الوحشية والجبانة ، كما تفعل الولايات المتحدة الأميركية التي ومنذ اليوم الأول على إندلاع المعارك غير المتكافئة بين العدو الإسرائيلي وشبّان تحركوا أخيرا لإزالة هذا السرطان المهيمن على بلدهم، الذي سبق لهذا العدو أن إقتطع الجزء الأكبر منه لإقامة دولته، وها هو هذا المجرم اليوم يحاول الإستيلاء على ما تبقى من هذه الأرض ومن ثرواتها، وها هو أيضا الداعم الأكبر لهذه الجريمة الكبرى، يضع نفسه وأسلحته وصواريخه وبوارجه في خدمة ودعم هذا المخطط الرهيب.
وإن صحّ القول، لا بد من الإشارة إلى أن أسباب إندلاع هذه المواجهة بل الحرب الضروس من قِبل الصهاينة لم تكن ومنذ البداية، رداً على عملية إختطاف رهائن، إنما كان كل شيىء محضّراً ومجهزاً حتى قبل المباشرة في تنفيذ خطة الإختطاف.
والملاحظ أنّ عملية الدعم من قِبل راعية الإجرام في العالم، لم تتلكأ إنما كان كل شيىء مدبرا من توجيه البوارج والغواصات الأميركية إلى البحر المتوسط، وإرسال الصواريخ والقذائف وبعضها يستعمل للمرة الأولى، وتتصف بدقّة في التصويب وإلحاق التدمير الهائل بالممتلكات لاسيما بالأبنية، مما ساهم في تدمير حارات وشوارع بأكملها وإزالتها من الوجود إلى جانب سقوط أعداد كبيرة من السكان بين قتيل وجريح.
وتفيد المعلومات أن حالة الدمار هذه التي لحقت بقطاع غزة على الخصوص وتحدثت عنها دوائر وأوساط إعلامية كثيرة في المنطقة وفي العالم، وتشير الى أن مثل هكذا جرائم لم يسبق أن تم مشاهدتها في الحروب الكونية، ما يؤكد النوايا الخبيثة التي هيّأت لهذه الجرائم التي لم ير العالم مثيلا لها في التاريخ وأن التخطيط لها قد اُعِدّ منذ أشهر.
وتساءل العديد من المراقبين عن طبيعة السكوت الذي يلف المنطقة، وخاصة على الصعيد العالمي والعربي في آن معا حيث يسود الصمت المُطبق تجاه جرائم الإبادة القائمة على قدم وساق، وإلآ ما معنى؟ وكيف يحصل؟ وكيف يمكن تفسير هذا الإرتفاع الكبير في أعداد القتلى في صفوف أبناء الشعب الفلسطيني، وبصورة خاصة صغار السن منهم، يليهم النساء والفتيات فالشبّان؟ أليس في ذلك خطة جهنمية جرى ويجري تنفيذها بدقّة وإحتراف وتهدف إلى الحد من التزايد السكاني لدى الأهالي الأصليين وبذلك أيضا يتم إستئصال هذا الشعب من أرضه وبلده!!
ووسط كل هذه المخططات الجرمية والوحشية واللاإنسانية، يبدو أن بعض العرب إما أنهم لا يزالون في غيّهم صامتون، وعن التحرك جامدون وعن التفكير ساهون!!. شعب يُستأصل من أرضه وتاريخه ونحن نيام أو أن البعض قد تجاوز حدود الإنسانية ليكتفي بالتساؤل: ماذا نفعل؟ وكيف نواجه؟ ألم يتساءل هؤلاء أنّ دورهم آتٍ ولا ريب في ذلك! وكيف يستقيم ذلك؟ و”أمنا الحنون”والتي تواصل إهتمامها بمسألة إنتخابات رئاسة الجمهورية في بلدنا، قد أوقفت مساعداتها التي كانت مقررة لجيشنا اللبناني؟ بل كيف يجيز العالم المتحضّر، والعرب جزء منه، أعمال التنكيل بالموقوفين والمعتقلين لدى الصهاينة وممارسة أنواع الرعب حتى لا نقول أكثر، بحق الفتيان والفتيات وتعريتهم، وتعريضهم للكشف بواسطة الليزر للتحقق ما إذا كانوا قد إبتلعوا موادا تتعلق بأمور عسكرية، وفي حقيقة الأمر كل هذه الممارسات هي لإخضاعهم لأبشع أنواع الإنتهاكات اللاإنسانية.
ألَم يتابع “إخواننا” المخاطر التي تنتج عن إستخدام مادة الفوسفور الأبيض في الحروب؟ ألم يصلهم خبر إحباط الولايات المتحدة قراراً في مجلس الأمن الدولي للنظر في هذه الجرائم، من خلال إستخدامها الفيتو؟ ألم يتأثروا من مشاهد المعارك الطاحنة، والظروف المروعة التي يعيشها سكان غزة وهم يتضورون جوعا، بعد أن أحرق الإسرائيليون المساعدات التي كانت مرسلة إلى الغزاويين؟ ألم يشاهدوا؟ ألم يسمعوا (أن الغزّاوي لبس الكفن.. والإيراني قبض الثمن).