شعار ناشطون

سامي كلارك: هذا الزمن خاتمة صنّاع الفنّ الجميل

25/03/21 11:05 am

<span dir="ltr">25/03/21 11:05 am</span>

روي أبو زيد – نداء الوطن

رفع سامي كلارك اسم لبنان عالياً في مختلف المهرجانات العالمية والعربية، فانطبع اسمه في ذاكرة جيل الثمانينات والتسعينات وما زالت أغنياته خالدة حتى يومنا هذا. “نداء الوطن” التقت كلارك ودار هذا الحوار الشامل.

لماذا هذه الغيبة الطويلة؟

اعتدنا على العمل من المنزل في ظلّ انتشار الجائحة وفرض حظر التجوّل. استفدتُ من ذلك لتنظيم أرشيفي الفني كما أعدت توزيع بعض الأغاني للفنان الراحل زكي ناصيف تتناول مواضيع الإغتراب والعلاقة بين المقيم والمغترب لتسليط الضوء على أهمية المغتربين في دعم وطننا. صوّرتها على طريقة الفيديو الكليب وستصدر بداية الصيف المقبل. كذلك، أعدت تسجيل أغنية “كريندايزر” ومن المفترض أن أصوّرها قريباً في المملكة العربية السعودية لكنّ الجائحة فرملت السفر والتصوير في الوقت الراهن.


كيف سيتّم التصوير إذاً؟

سننتقل الى تقنية “زوم” مع فرقة “إيهاب درويش” المؤلّفة من 180 عازفاً و30 شخصاً من الكورال. ورافقتني الفرقة العام الفائت خلال تصوير أغنية “لولاكي” في بولونيا.

ماذا عن كتابك الجديد؟

أحضّر لكتاب “قصّة غنيّة”. اخترت لتنفيذه 400 أغنية من اغنياتي الـ853 كي أسرد قصّتها مع صورة وظروف تسجيلها. سأنشره على حسابي الخاص بالتعاون مع صديق لبناني يعيش في “أبو ظبي”.

ما الذي تغيّر بين زمن الفن الجميل واليوم؟

اختلف العصر، خصوصاً مع التكنولوجيا. لم تعد الكلمات ذات قيمة وجفّ إنتاج الشعراء وأصبح العمل الفني مقروناً بالمادة فقط. أنا لا افكّر بهذه الطريقة. أعي أنّ الفنّ رسالة وليس تجارة لذا أعمد الى السير عكس التيار والإستمرار في الإنتاج والتطوّر وتقديم أعمال راقية تشبهني.

لماذا لا تصدر أغنية تواكب هذا العصر؟

وكأنك تقرأ أفكاري! أعمد الى تجديد أغنية “ليش عملتي هيك يا لطيفة” بطريقة مبتكرة وكوميدية. أثق بأن هذه الأغنية القريبة من القلب والخفيفة على أذن المستمع ستخرق الظروف الصعبة التي نعيشها ما قد يعيد الأمل الى قلوب اللبنانيين. كما أحضّر لأغنية ثانية عنوانها “ليش بتنسوا الزمان؟”(للمؤلف الموسيقي وحيد عازار) وتتحدّث عن العرب والأجانب الذين احبّوا لبنان في عصره الذهبي وتركوه في عزّ مشاكله.

 

ما الذكرى التي تستحضرك عند الحديث عن الراحل الياس الرحباني؟

هو عرّابي الفني ورفيقي من أوّل خطوة فنية قمت بها. كان أخي الكبير وقدّمنا سوياً حفلات في لبنان مع الست فيروز والأخوين الرحباني ورياض شرارة. كنّا نغني “موري موري”.

تقرّبتُ من عائلة الرحباني وتغذّيتُ فكرياً بالإصغاء الى أحاديثهم الوجدانية والعميقة. كنّا نسافر كثيراً أنا والياس، وكانت زوجته نينا تعطيني بعض الملاحظات حول لغتي القريبة من الإنكليزية خلال الغناء. تتلمذتُ بعدها على يدي الراحل الكبير زكي ناصيف الذي منحني مفاتيح الغناء الشرقي وتعاونتُ مع مايك حرّو في الأناشيد الوطنية فدربني على البيانو والفوكاليز. عملت بعدها مع الموسيقار الراحل وليد غلمية في مهرجانين عالميين. كنت محاطاً بأهم الأسماء الفنية بفضل الياس الذي وجّهني على سكّة الفن الصحيح. أشعر أنه ما زال موجوداً معي بفنّه وأغانيه وأعماله الخالدة الى الأبد.

أما زلنا في عصر الفن الجميل بعد رحيل الكبار؟

قد يكون هذا الزمن خاتمة صنّاع الفن الحقيقي الجميل، إذ ألحظ أبعاد الإلكترونيات المتداخلة مع الأغنية وسط الاستغناء عن الآلات الموسيقية الحيّة، ما يفقدها الروح ويقتلها سريعاً.

من يحمل اليوم مشعل الفن الراقي؟

زياد وأسامة وغدي ومروان وغسان الرحباني، فيروز، ماجدة الرومي وجوليا بطرس. لكنّ عطاءهم محدود ويجب تفعيله في العمل المسرحي الذي يعيش للأبد. “مثل عاصي ومنصور والياس ما في”! ويبقى الفنّ أسير الظروف المتردية في البلاد فضلاً عن غياب الإنتاج.

ترك جيل عاصي الحلاني ووليد توفيق ووائل كفوري ونجوى كرم بصمة مميزة، لكنّه لم يلمع كنجم فيليمون وهبة وزكي ناصيف.

كيف يمكن تعزيز الفن في ظلّ غياب نقابة داعمة وهادفة؟

النقابة عندنا “جمعيّة خيريّة” غير مهنية فضلاً عن الفضائح التي طالتها أخيراً لكنّها استقرّت اليوم برئاسة جهاد الاطرش. يتغلغل الفساد في المؤسسات كافة لكن بنسب متفاوتة. كنت عضواً في مجلس إدارة نقابة الفنانين المحترفين وحاولنا آنذاك تقديم بعض المشاريع الهادفة لكنّها لم تلقَ موافقة سائر الأعضاء. كذلك، يجب توحيد النقابات تحت راية وزارة فنون جميلة تخطّط لاستمرارية الفن وتدعمه. لكن للأسف نحن بلد مباح من أولاده تغيب عنه المواطنية وتطغى عليه الطائفية.

أعيد بناء الصروح الثقافية المتضرّرة من إنفجار 4 آب بمجهود شخصي. لماذا غياب الاهتمام بالثقافة؟

لأن الناس يتهافتون خلف قوتهم اليومي، متلهّين بالدولار في السوق السوداء. يجب ترميم الإنسان قبل الصروح وتوحيد الأهداف اللبنانية ونشر العدالة بين الجميع. أعتقد أنه علينا الخروج من شريعة المزرعة التي نعيش فيها إذ لا يمكنك الإنتظار ممّن هدّم بلدك أن يعيد بناءه! على سبيل المثال لا الحصر، أسستُ مع اندلاع الحرب الأهلية في لبنان جمعية “New Lebanon” عام 1976، وجمعت أكثر من أربعة عشر ألف شابٍ لمواجهة الحرب فأقمنا القداديس في الملاجئ وساعدنا بترميم البيوت ومددنا يد العون. لكنّ الأحزاب “فرفطت” مشاريعنا واستبدّت بنا وبأحلامنا.

هل حققت ثورة “17 تشرين” أهدافها؟

بالطبع لا. على الثورة أن تتوحّد تحت كنف مجموعة قياديّة ترسم خطوطها الواضحة، وتهدف الى إلغاء الطائفية السياسية فضلاً عن ضمان الحقوق والواجبات وتعزيز المساواة.

ما الحل إذاً؟

يجب ضرب البلد بيد من حديد عبر إعادة “تنظيف” القضاء من السياسيين “الوسخين”. يبدأ التغيير بالولاء الكامل للجيش اللبناني وتخلّي الفئات الأخرى عن أسلحتها. لا يجوز التستّر عن السلاح المتفلّت بعد الآن! حتى أنا علّمت النشيد الوطني خلال الحرب في المدارس فتعرّضت للتهديد. يريدون من لبنان أن يكون ساحة بيع وشراء!

تابعنا عبر