زياد عيتاني – أساس ميديا
لم يخطر ببالي، وأنا أتأمّل اللائحة، التي أرسلها الرئيس ميشال عون إلى الرئيس سعد الحريري الأحد الفائت، لزوم تشكيل الحكومة كما أشار إليها، إلا فاتورة “الحاج أبو إسماعيل”.
“الحاج أبو إسماعيل” لمن لا يعرفه هو رجل جنوبيّ سبعينيّ كان يبيع الخضار في منطقتنا بالمصيطبة وكانت نسوة الحيّ ترسلن أولادهنّ إلى دكانه لشراء الخضروات والفاكهة، وما نقص من مكوّنات لإتمام الطبخة كالكزبرة أو البقدونس. يحمل كلّ ولد ورقةً كُتبت عليها الأنواع والكمّيّات المطلوبة ليعود محمّلاً بالمطلوب ومعه فاتورة الحاج “أبو إسماعيل”.
كما كانت جدّتي تُطلق عليها، وقد كتب عليها بالتفقيط ثمن كلّ غرض ووزنه ولزوم استعماله. كأن يقول كيلو بندورة للطبخ وكيلو بندورة للسلطة. وأجمل عبارة لا تغيب عن مخيّلتي تلك التي كانت والدتي تردّدها عندما تقرأ الفاتورة بناءً على طلب جدّتي التي لا تُجيد القراءة: “يقصف عمرك يا أبو إسماعيل على هالخطّ”.
بعيداً عن فاتورة الخضرجي “أبو إسماعيل” ومطابقتها من حيث الشكل والكثير من المضمون للائحة الرئيس ميشال عون، لا شكّ أنّ من أشار على الرئيس عون إرسال لائحة كهذه كان يهدف إلى إحراج الرئيس سعد الحريري ودفعه للاعتذار عن عدم الحضور إلى قصر بعبدا وفقاً للموعد المحدّد يوم الاثنين. وإلّا فما سبب توقيت إرسال الورقة يوم الأحد تحديداً؟
“الحاج أبو إسماعيل” لمن لا يعرفه هو رجل جنوبيّ سبعينيّ كان يبيع الخضار في منطقتنا بالمصيطبة وكانت نسوة الحيّ ترسلن أولادهنّ إلى دكانه لشراء الخضروات والفاكهة، وما نقص من مكوّنات لإتمام الطبخة كالكزبرة أو البقدونس
لكنّ المفاجأة كانت في تكتّم الرئيس الحريري على الورقة وعدم تسريبها والصعود إلى قصر بعبدا ليعلنها من بوّابة القصر وأمام الإعلام محقّقاً سلسلة من النقاط في مباراة الملاكمة بينه وبين الرئيس وصهره.
النقطة الأولى: ردّ الإهانة لرئاسة الجمهوريّة من بوّابة القصر الجمهوريّ.
النقطة الثانية: كشف كلّ الأكاذيب التي رُوِّجت في الأيام الأخيرة عن غياب بعض الأسماء، وتحديداً الشيعيّة منها، عن اللائحة التي قدّمها الرئيس الحريري.
النقطة الثالثة: بعد الجولة الرابحة للرئيس عون يوم السبت بزيارة النائب السابق وليد جنبلاط
ما فعله الرئيس الحريري في قصر بعبدا بالأمس، ربما لم يكن استجابة لمطلب الناس بقدر ما كان ردّاً متوقّعاً على هذا الكمّ من الاستفزاز الذي مارسه رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون منذ الأسبوع الفائت، عندما أطلّ بخطابه المقتضب، وصولاً إلى جدول معايير تشكيل الحكومة الذي أرسله يوم الأحد الفائت إلى بيت الوسط، ليكون أمراً لم يسبقه إليه أيّ رئيس للجمهوريّة، حتّى من رؤساء ما قبل اتفاق الطائف.
لقد أطلق الرئيس الحريري معركة استعادة كرامة رئاسة مجلس الوزراء بما تعنيه من رمزيّة لمكوّن أساس في لبنان، ألا وهو المكوّن السُنّي، بعد طول غياب اتهم خلالها الرئيس الحريري “ولم يكن كلّه ظلماً” بالتفريط بهيبة الموقع وصلاحياته.