لم يسلم الفنان قصي الخولي من سهام الانتقادات الحادّة في سوريا، عندما أعلن قبل أيام عن لقاء جمعه مع أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني. وما جعل تلك الحملة تشتد عليه، هو وصفه لأمير قطر بـ”المفدّى”، واعتباره الدوحة “فخراً لكل عربي”، وذلك عبر تغريدة على حسابه في “تويتر”.
ولأنّ الخولي معروف بولائه للسلطة في دمشق، وسبق له أن عبّر عن تأييده للجيش العربي السوري وللانتخابات التي أوصلت الرئيس بشار الأسد إلى ولاية رئاسية جديدة، فقد أثارت تغريدته استغراباً واستهجاناً لدى فئات واسعة من المواطنين السوريين.
ولكن لم تكد هذه الفئات السورية تستفيق من صدمة الخولي، حتى أطلّ على قناة تلفزيون سوريا المعارض، والذي يُبث من تركيا، والذي يُعتقد أنّ جزءاً كبيراً من تمويله يأتي من مؤسسات إعلامية قطرية.هذان “الاختراقان الفنيان” لا يُنظر إليهما على أنّهما مجرد شطحات تعبّر عن مزاج متغيّر لهذا الفنان أو ذاك، بل بدا وكأنّه يندرج في سياق منضبط يحاول التمهيد لتغييرات سياسية في العلاقة بين دمشق والدوحة، لاسيما أنّ ما حدث يأتي بعد أيام قليلة من عودة سوريا إلى الجامعة العربية بقرار حاز على إجماع الدول العربية بما فيها قطر، التي اكتفت بالتلويح بقرارها السيادي في التطبيع الثنائي مع سوريا.
وما عزّز فكرة وجود شيءٍ ما وراء “الأكمة”، أنّ ما جرى ضمن سياق فني سرعان ما تلته بادرة جديدة لا تقلّ أهمية، وإن جاءت هذه المرّة ضمن سياق عمليات الإغاثة. وتمثلت هذه البادرة في مشاركة وفد من منظمة “الهلال الأحمر السوري” الإثنين في 5 حزيران (يونيو) الجاري، في أعمال الدورة الـ47 للهيئة العامة للمنظمة العربية للهلال والصليب الأحمر في قطر.وضمّ الوفد رئيس المنظمة في سوريا، خالد حبوباتي، والأمين العام للمنظمة، خالد عرقسوسي، وتُعقد الاجتماعات في العاصمة القطرية، الدوحة، على مدار يومين.
ووفق ما ذكرت المنظمة عبر “فايسبوك”، يناقش المشاركون، وهم رؤساء وأمناء هيئات وجمعيات ومنظّمات “الهلال والصليب الأحمر” العربية، استجابة المنظمات العربية وأعضائها لكارثة الزلزال في سوريا وتركيا، والأوضاع الإنسانية في الدول العربية التي تعرّضت لكوارث.
وينظر معارضون سوريون إلى حبوباتي باعتباره “أداة إغاثية” في يد السلطات السورية، تهدف إلى إعادة ربط العلاقات مع المنظّمات الإنسانية الإقليمية والدولية على خلفية الزلزال المدمّر الذي ضرب سوريا وتركيا في 6 شباط (فبراير) الماضي.
وبرزت صور رئيس منظمة “الهلال الأحمر السوري”، خالد حبوباتي، في أعقاب كارثة الزلزال، في المطارات، عند استقبال طائرات المساعدات، وعند توقيع الاتفاقات مع منظمات إغاثية دولية. وكان من أوائل المطالبين برفع العقوبات الغربية عن سوريا، لمواجهة تداعيات الزلزال.وفي أحدث الاتفاقات التي وُقّعت لمساعدة متضرّري الزلزال في سوريا، وقّع حبوباتي مع الوكالة الإيطالية للتعاون الإنمائي AICS، اتفاقية لتقديم الأخيرة مليون يورو كمساعدات طارئة.
ولم تأتِ هذه الاتفاقات نتيجة الحملة الإعلامية السورية الرسمية لرفع العقوبات وجلب المساعدات وتفعيل اتفاقات الحماية المدنية الأوروبية وحسب، وإنما كان لحبوباتي الدور في اختيار منظمته كشريك لتلك الدول، عبر شبكة علاقاته التي راكمها منذ سنوات خارجياً مع مسؤولي الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الإنسانية كالاتحاد الدولي للصليب الأحمر، وفق تقرير لموقع “عنب بلدي” المعارض.وفي 28 كانون الثاني (يناير) الماضي، التقى حبوباتي مع البابا فرنسيس، في روما، حيث تحدث عن الوضع الإنساني في سوريا، مروّجاً لما تحدثه العقوبات الاقتصادية على سوريا من آثار سلبية.
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان قد ذكر في العام 2018، أنّ حبوباتي تعرّض للاعتقال من قِبل الأجهزة الأمنية على خلفية “تهم تتعلّق بالفساد واختلاس مبالغ مالية طائلة تُقدّر بمئات الملايين من العملة السورية”. لكن منظمة الهلال الأحمر السوري نفت الخبر.وسرت في آذار (مارس) الماضي توقعات بأن توجّه المفوضية الأوروبية دعوة إلى حبوباتي لحضور مؤتمر المانحين الذي عُقد في بروكسل في منتصف الشهر نفسه، وقد تسبّب ذلك في حملة قوية ضدّ توجيه الدعوة. وبالفعل انعقد المؤتمر من دون حضور حبوباتي. لكن الأخير حضر في “مؤتمر التعافي من الزلزال في تركيا وسوريا” بضيافة الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب والهلال الأحمر، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، في مدينة جنيف السويسرية في أواخر شهر نيسان (أبريل) الماضي.
ونشرت وكالة “الأناضول”، بياناً صادراً عن الهلال الأحمر التركي جاء فيه: “حضر المؤتمر أكثر من 50 ضيفًا من حوالى 30 بعثة دبلوماسية في جنيف، إضافة إلى رئيس الهلال الأحمر التركي كرم قنيق”، مشيرة إلى أنّ رئيس الهلال الأحمر التابع لنظام الأسد “خالد حبوباتي”، كان ضمن الحضور.