أحمد الأيوبي – نداء الوطن
أعلن النائب فيصل كرامي تشكيل تكتل «التوافق الوطني» الذي يضمّ النواب فيصل كرامي، عدنان طرابلسي، حسن مراد، محمد يحيى، وطه ناجي، في خطوة لم تحمل تفاعلاً شعبياً أو سياسياً في الأوساط السنية، ومرّت خبراً لم يستوقف المعنيين في إدارة الشأن السياسي على ضفّتَي الصراع القائم، باعتبار أنّ هذا التكتّل لا يشكِّل فارقاً فعلياً في المعادلة الرئاسية، لأنّ أعضاءه منتمون لمحور الممانعة، ولن يضيفوا شيئاً إلى الخريطة النيابية سوى المكتسبات السياسية الخاصة بأعضائه في مسألة تشكيل الحكومة المنتظرة بعد الاستحقاق الرئاسي.
اعتبر كرامي أنّه ليس في موقع الموالاة ولا في المعارضة وينتظر التطورات الرئاسية لتكوين موقف التكتل من ملف رئاسة الجمهورية. وفي هذا الإطار يحاول كرامي أن يتموضع على مساحة متوسطة داخلياً وإقليمياً، وكذلك في ما يتعلّق باستحقاق رئاستي الجمهورية والحكومة.
ولكن لا تحتاج الهوية السياسية لهذا التكتل إلى جهد لتحديدها، فهو يقف على طرفي خطّ الممانعة: «حزب الله» وإيران، والنظام السوري، وإن كانت حصّة نظام بشار الأسد أكبر لأنّ المعلومات تفيد بأنّ «تكتّل التوافق» جرى إنشاؤه بقرار سوري لدعم فيصل سياسياً في المرحلة المقبلة، كما يعمل وزير سابق تعرّض للتحقيق في عاصمة أوروبية على دعم وتمويل هذا التكتل من الناحية المالية.
تستند فكرة دعم موقع كرامي من قبل النظام السوري إلى تكليفه بأنّ يكون صلة الوصل بين الدولة اللبنانية والدولة السورية في المرحلة المقبلة، ما يعطيه قدرة على تحقيق مكاسب كبيرة في كلّ الملفات المتعلقة بالبلدين، وذلك حسب ما يتفاخر مقرّبون من كرامي.
ماذا يريد من تكتل «التوافق»؟
يهدف كرامي من إنشاء هذا التكتل إلى إعطاء نفسه فرصة التسمية لرئاسة للحكومة، باعتباره رئيساً لكتلة نيابية سنية مع وعود لأعضائها بمواقع وزارية وسلطوية، لكنّ هذا المسار مهدّد في حال لم ينجح كرامي في الوصول إلى رئاسة الحكومة، فإنّ التكتل عندها يفقد زخماً أساسياً، وإذا فشل في الحصول على وزارة وازنة أو أكثر ستكون أيضاً ضربة معنوية كبيرة. ولا يبقى لوجوده مبرّر سوى أن يكون ممثلاً للنظام السوري على الساحة اللبنانية.
من الملاحظ هنا رفض النائب جهاد الصمد الدخول في التكل نظراً للمسار السلبي الذي ساد العلاقة مع كرامي عند تشكيل «اللقاء التشاوري» سابقاً، رغم كونهما في الحلف الاستراتيجي ذاته.
ليس صحيحاً أنّ هذا التكتل يملك قراره في الملف الرئاسي، فجميع أعضائه يصبّون في خانة «حزب الله» والنظام السوري. وبالتالي فإنّه لا يضيف جديداً في هذا الاستحقاق، لأنّه فشل في استقطاب أيّ نائب مستقلّ.
يحاول كرامي الإيحاء بأنّه ليس منحازاً وليس ضمن المحور الإيراني، ليتوازن مع الجانب السعودي. لكنّ خياراته وخيارات أعضاء التكتل محكومة بتوجهات هذا المحور، لتصبح اللقاءات السابقة مع السفير السعودي وليد البخاري بعيدة عن النكهة السياسية كما حاول البعض تسويقها عند حصولها.
لا يملك رئيس «تكتل التوافق» برنامجاً أو رؤية سياسية ذات خصوصية، ويمكن القول إنّه لزوم ما لا يلزم في المعادلة السياسية سوى تأكيد إنتماء جميع أعضائه إلى محور الممانعة، ويبدو أنه سيكون حصة النظام السوري في السلطة في المرحلة المقبلة.
تقارب بين ريفي ومطر
ذهب خيار النائب طه ناجي الذي حاول إيجاد مساحة تلاقٍ مع خصومه السياسيين، إلى الاصطفاف السلبي مع زميله عدنان طرابلسي، بينما يحتاج النائب حسن مراد إلى مظلة سنية يتلطى بها، لكن يتوقع أن يقع الخلاف مع النائب محمد يحيى عند الوصول إلى الحصص الوزارية لأنّه يتمسّك بالتوزير لشخصه، وهذا كان سبب مغادرته كتلة التيار الوطني الحرّ.
في المقابل، ظهرت بوادر تقارب بين النائب أشرف ريفي وأعضاء كتلة «تجدّد» مع النائب إيهاب مطر الذي أعلن أنّه يجد نفسه في السياسة أقرب إلى النائبين ريفي والياس الخوري (القوات اللبنانية)، وتشير المعلومات إلى أنّ نقاشات تدور لتحصين الحضور النيابي السني السيادي في إطارٍ من التعاون والتنسيق المفتوح من دون التقيّد بالشكل، وهذا الجهد يركّز على المضمون وعلى وضع نقاط جامعة بين النواب السياديين لمتابعة حقوق طرابلس والشمال، ولتحصين الحالة السيادية بشكل عام.
تعاني الحياة السياسية في طرابلس اضطرابات كثيرة، وسبق لبعض النواب أن طرحوا التعاون التنموي لتحييد الخلاف السياسي، لكنّ طرح كرامي لهذا الاصطفاف الجديد والمهمات المطلوبة منه، سيطيح بهذا الطرح، مما يكسب التقارب بين النواب ريفي ومطر والخوري أهمية خاصة في هذه المرحلة من الصراع السياسي المفتوح.