أشاد الفنان اللبناني نيكولا معوض، بالدورة الـ13 من مهرجان مالمو للسينما العربية، الذي انعقد قبل أيام في السويد، إذ شارك في تلك الدورة كعضو لجنة تحكيم مسابقة الأفلام القصيرة، وعن هذه التجربة قال لـ”صوت بيروت إنترناشونال” أن “وجود مهرجان خاص بالسينما العربية في مدينة أوروبية شيء مُهم جداً بالنسبة للثقافة بشكلٍ عام، والسينما بشكلٍ خاص، إذ يمكن اعتبارها بمثابة سفير للسينما العربية في تلك الدولة، كما أنّ الأفلام التي شاركت في هذه الدورة، تشهد تنوعاً كبيراً”.
ورأى معوض أنّ تجربته كعضو لجنة تحكيم، ومسألة تقييم الأفلام صعبة للغاية، “الفن بالنسبة لي أذواق شخصية، وعلى الرغم من أنّ تقييم الأعمال يتم وفقاً لعناصر معينة داخل المشروع، لكن في النهاية هي ذوق شخصي لصُناعها، لذلك تكون آراء أي لجنة تحكيم مختلفة تماماً فيما بينهم”.
وأضاف نيقولا، أنّ “أبرز ما يُميز تلك التجربة بالنسبة له، هو إتاحة الفرصة للدخول في نقاشات سينمائية مختلفة مع باقي أعضاء لجنة التحكيم، ومعرفة وجهات نظر مختلفة، واكتساب خبرات، خصوصاً وأنّ المهرجانات بشكلٍ عام تخلق حالة من التبادل الثقافي والمعرفي، وتُوفر فرصة للتعرف على شخصيات من جنسيات وثقافات مختلفة”.
وتحدث نيكولا معوض، عن فيلمه الأميركي الأحدث “His Only Son” بعد عرضه العالمي الأول في أميركا مؤخراً، مؤكداً أنه لم يكن يسعَ للعالمية إطلاقاً، بينما جاء المشروع عن طريق الصدفة البحتة، “طموحي كان متجهاً للسينما الفرنسية، خصوصاً وأنني أجيد التحدث بتلك اللغة جيداً، واعتبرت أن الأمر سيكون سهلاً بالنسبة لي”.
وكشف كواليس ترشيحه لتجسيد شخصية “النبي إبراهيم” في الفيلم، قائلاً إنه تلقى رسالة عبد البريد الإلكتروني من قِبل الجهة المنتجة، تطلب منه اختبار أداء على تلك الشخصية، “صورت مقطع صغير بواسطة هاتفي المحمول، وبعدما أرسلته بأسبوعين، تلقيت مكالمة من الشركة، بشأن ترتيب إجراءات السفر، وبالفعل التقيت بهم وخضعت لاختبار ثانٍ، ليُسند لي المشروع، وهذا لم يكن ضمن مُخططاتي تماماً”.
وأوضح أن فيلمه الآخر “Three Thousand Years of Longing” الذي شارك في الدورة الـ75 من مهرجان كان، جاء عن طريق الصدفة أيضاً، “وقع الاختيار عليّ، بعدما شاهدت الشركة المنتجة البرومو الدعائي الخاص بـ”His Only Son” قبل طرح الفيلم بفترة، وجمعتني مراسلات بهم للمُشاركة بالعمل بعدما أجريت اختبار تمثيل”.
وأضاف: “لست مُتعاقداً مع وكالة إدارة أعمال فنانين بالخارج، لذلك كانت تلك التجارب بمثابة فرصة جيدة لي، وسعدت بها للغاية، خصوصاً وأنّ تُفسح لي المجال للمُشاركة في أعمال فنية على نطاق واسع”، مُشدداً على أهمية احتكاك المُمثل والعمل مع ثقافات مختلفة خارج مساحة الأمان المُعتاد عليه
وأرجع معوض، أسباب مشاركته في فيلم “His Only Son”، إلى أنّ “الشخصية تُقدم للجمهور من منظور إنساني مختلف عن الصورة النمطية التي تُنفذ بها هذه النوعية من الأفلام، إذ كنا نرغب في تقديم شخصية النبي إبراهيم من زاوية إنسانية وطبيعية”.
واستعرض أبرز الصعوبات التي واجهته خلال تصوير الفيلم في لوس أنجلوس، لعل أبرزها أنّ “التصوير كان في فترة الصيف، والتحضير للتصوير يستغرق نحو 4 ساعات في كل مرة، وكنا نُصور في مناطق صعبة جداً مليئة بالعقارب، لكن فريق الأمني كان حريصاً على سلامتنا”.
وأضاف أنّ “الشخصية في حد ذاتها كانت صعبة أيضاً على المستوى الدرامي، كونها تاريخية وملامحها مختلفة تماماً عن الشكل المعاصر، لذلك طوال فترة التصوير كنت في حالة عزلة نوعاً ما، في محاولة للتعايش مع المشروع، ولم أكن أسمع موسيقى إطلاقاً، أو أن أتواصل حتى مع أي عنصر من عناصر الحياة الحديثة”، لافتاً إلى تخوفه المسبق من المسؤولية الضخمة التي تقع على عاتقه، خاصة وأنه يشارك كبطولة في أول فيلم أميركي له، “كنت على درجة عالية من التركيز والتحضير، منعاً للشعور بالندم في وقتٍ متأخر”.
وأعرب عن سعادته البالغة بردود فعل الجمهور بعد عرض الفيلم في أميركا، ووصوله للمركز الثالث في “البوكس أوفيس”، قائلاً إنّ: “ذلك لم يكن متوقعاً بالنسبة لي، خصوصاً وأنه حقق ردود فعل ضخمة، لذلك كنت أتمنى عرضه في الدول العربية لكن للأسف لن يحدث ذلك بسبب طبيعة المشروع، ولم يعرض سوى في لبنان فقط، لكنه سيُعرض عبر إحدى المنصات الرقمية قريباً”.
ولفت إلى أنّ هناك تقارير صحفية أميركية أشادت بأدائه في الفيلم، وكان ذلك بمثابة دافع كبير بالنسبة لي، “شعرت أنني أسير على الطريق الصحيح، وكأنني حصلت على جائزة كبرى، فهذه التجربة السينمائية بالتأكيد ستؤثر بشكلٍ إيجابي على اختياراتي الفنية في السوق العربية خلال الفترة المُقبلة”.
وأعرب أيضا عن سعادته البالغة بردود فعل الجمهور، حول مسلسل “الثمن” الذي يعرض عبر قناة “mbc”، قائلاً إنّ: “تفاعل الجمهور مع الأحداث، يأتي لشعورهم بأنّ الشخصيات قريبة منهم للغاية، تدفعهم للتعايش معهم والتأثر بكل ما يمرون به من أحداث، وهذا شيء إيجابي جداً، خصوصاً وأنّ الدراما التلفزيونية تُعاني خلال السنوات الأخيرة من غياب حالة الألفة والترابط بين الجمهور والأعمال المُقدمة لهم على الشاشة، إذ يضطرون لمُشاهدة مسلسلات ليست شبههم وبعيدة عن الواقع والمجتمع الذي يعيشون فيه”.
ورأى معوض أنّ “الشخصية التي أقدمها داخل المسلسل قوية ومختلفة وبها تنقلات عالية على مستوى الأداء والتمثيل، حيث إنّ حياة البطل تتحول فجأة إلى النقيض، فبعدما كان يعيش حياة سعيدة، يكتشف فجأة إصابته بالسرطان، ويخفي الخبر عن عائلته والدائرة المُقربة منه، وأعتقد أنّ ذلك الدافع الرئيسي وراء مُشاركتي في العمل”.