شعار ناشطون

مسؤول أمني لعون والحريري: حلّ سياسي أو انتظروا المحتجّين داخل بيوتكم

18/03/21 08:33 am

<span dir="ltr">18/03/21 08:33 am</span>

ملاك عقيل – أساس ميديا

في الساعات الماضية بقي الشارع تحت السيطرة، بخلاف الدولار الذي سجّل أرقامًا خيالية ليس في تاريخ لبنان فحسب، بل في تاريخ الشعوب، ربطًا بمسار تضخّم حجر الأزمة المالية. طرقات تُفتح وتُغلَق بهمّة القيّمين عليها، وأخرى يتدخّل الجيش لفتحها خصوصًا في المناطق الحسّاسة والأوتوسترادات الدولية، ومحاولات اقتحام مضبوطة لوزارات ومؤسسات. لكن لا شئ يضمن بقاء الوضع تحت السيطرة. الأمور آيلة إلى سوء أكبر يضع لبنان برمّته في دائرة الخطر الشديد.

يعترف مصدر أمني بارز لـ”أساس” بأنّ “القوى والأجهزة الأمنية عايشت تجارب متعدّدة منذ التسعينيات في سياق الانفلات الأمني: من الحرب مع إسرائيل، إلى الإرهاب و7 أيار والتظاهرات الشعبية الحاشدة على الأرض، وآخرها تجربة ما بعد 17 تشرين وما نتح عنها من ظواهر خطيرة تمسّ بالأمن الاجتماعي والقومي، كالتوترات حول المصارف، أو ارتفاع سواتر الفتنة بين منطقة وأخرى. لكن للمرة الأولى تكون القوى الأمنية، وعلى رأسها الجيش، أمام سيناريو كارثي بكل ما للكلمة من معنى، إذا لم يتمّ التعاطي معه بدقة ومسؤولية، قد نصبح أمام فوضى شاملة، الخطورة فيها أنك ترسل العسكر إلى مهمّة من دون سلاح، كونه ضحية لهذه الأزمة مثل بقية أطياف الشعب، وفي ظلّ غياب قرار سياسي منسجم وموحّد لمواجهة موجة قد تبتلع الجميع. وحين تحضر الفوضى العبث بالأمن يكون عمودها الفقري”.

ولا يوازي هذا المشهد خطورةً سوى انفصال الطبقة السياسية التام عن الواقع. ويكفي رصد غياب ردات الفعل على الانهيار المالي في أروقة أصحاب القرار، والبرودة القاتلة في التعاطي مع ملف تأليف الحكومة. وحدها كلمة رئيس الجمهورية ميشال عون مساء أمس كَسَرت حال المراوحة مع وضعه الرئيس المكلّف سعد الحريري أمام خيارين: أما الصعود إلى بعبدا والاتفاق معه على التأليف الفوري للحكومة “من دون تحجّج أو تأخير”، أو الاعتذار و”إفساح المجال أمام كل قادر على التأليف”.

حتّى الآن، نجح الشارع في جزءٍ منه كفريق سياسي، يتصدره تيار المستقبل والقوات اللبنانية ومِن خلفِهما رئيس مجلس النواب نبيه بري، في “شيطنة” صورة ميشال عون وعهده، وتحميله وحده مسؤولية الانهيار وفوضى الدولار ومسار فساد من نتاجه الأفظع هدر الـ 40 مليار دولار في قطاع الكهرباء والطاقة.

 

للمرة الأولى تكون القوى الأمنية، وعلى رأسها الجيش، أمام سيناريو كارثي بكل ما للكلمة من معنى، إذا لم يتمّ التعاطي معه بدقة ومسؤولية

 

وهو واقع تدركه بعبدا ويتحصّن خلفه رئيس الجمهورية، ليمارس المزيد من التشدّد في التعاطي مع أخصامه، مع تكراره عبارة: “لن أسمح لهم بتحميلي مسؤولية ما صنعته أياديهم طوال العقود الماضية. وسأخوض معركتي حتى الرمق الأخير”.

هذا الكلام قيل صراحةً خلال اجتماع بعبدا الأمني والاقتصادي الأخير. وقد استمع  رؤساء الأجهزة الأمنية  بانتباه لرئيس الجمهورية يروي لهم تفاصيل 13 تشرين الأول 1990، مؤكّدًا للحاضرين: “إنّهم يزوّرون الحقائق حين يقولون إنّي هربت إلى السفارة الفرنسية. لقد وصلت إليها بحماية عسكرية ولم أكن أنوي مغادرة لبنان. واليوم سأواجه ولن أستسلم مهما كان الثمن غاليًا”.

والتشنّج السياسي الذي جعل قصر بعبدا كالقلعة التي يحاصرها “الأعداء” في الداخل والخارج، في استعادة لمشهد التسعينيات، وحوّل مشروع تأليف الحكومة إلى مهمّة مستحيلة، هو الوجه الآخر لأزمة أمنية بالغة الخطورة، خصوصًا مع ازدياد الحديث عن حدثٍ أمني ضخم أو توترات أمنية في المناطق، قد تقذف بالأزمة إلى مهوارٍ أكثر خطورة.

ويأتي في هذا الإطار تسريب الوثيقة الأمنية من جانب الأمن العام،  التي أشارت إلى “التداول بمعلومات عن التحضير لتصعيد كبير في الشارع، ومن الممكن أن يتطوّر إلى حصول عمليات ظهور مسلّح وتوجّه إلى منازل السياسيين، والأمور ذاهبة نحو فوضى وتخريب واستخدام السلاح في الشارع، وأعمال نهب وسرقة وتصفية حسابات، بذريعة تردّي الأوضاع الاقتصادية وتنفيذًا لأجندات سياسية، والتوقيت أصبح بين ليلة وضحاها”.

وفق مطلعين، أتت هذه الوثيقة في سياق توصيف الوضع في طربلس تحديدًا، وأخذت منحى التحليل أكثر من تضمّنها معلومات موثوقة، لكنها قد تكون مفيدة في سياق الضغط للتسريع بالحلّ السياسي.

لكن برأي مصادر أمنية، فإنّ “هذا النوع من السيناريوهات قد يصحّ ويطال مناطق عدةّ، خصوصًا في الشمال والبقاع وبيروت”.

وتضيف المصادر الأمنية لـ”أساس”: “ثمّة محظوران كبيران حين نتحدّث عن الوضع الأمني. الأول إمكان حدوث عملية اغتيال لشخصية مؤثرة قد تنقلنا إلى مكان آخر، نظرًا لتداعياتها السياسية والتي قد ترتّب نتائج مباشرة على مسار الأزمة. والثاني اقتتال داخلي في الشارع، يُستخدم خلاله السلاح الحزبي (معظم الأحزاب تملك السلاح) أو الفردي. وحتى الآن وعلى الرغم من التوجّس الأمني من وجود سلاح في كلّ منزل في لبنان،  فإنه لم يُرصد أيّ حادث يصبّ في هذه الخانة على الرغم من الغليان الشعبي. مع الإشارة إلى تزايد الحديث عن إمكان توجّه متظاهرين نحو قصر بعبدا وبيت الوسط”.

 

التشنّج السياسي الذي جعل قصر بعبدا كالقلعة التي يحاصرها “الأعداء” في الداخل والخارج، في استعادة لمشهد التسعينيات، وحوّل مشروع تأليف الحكومة إلى مهمّة مستحيلة، هو الوجه الآخر لأزمة أمنية بالغة الخطورة

 

وقد نقل عن مسؤول أمني بارز قوله للرئيسين عون والحريري: “عليكم أن تجدوا حلًّا في السياسة في أسرع وقت، وتبادل التنازلات لتأليف الحكومة، وإلّا قد تقتحم الناس منازل السياسيين ويفلت الشارع وندخل في المحظور”.

وتشير أوساط متابعة إلى “جهد مشترك يحصل في الكواليس على الخط السني – الشيعي –الدرزي، لضبط الأرض قدر المستطاع، منعًا لحصول أيّ احتكاكات تنذر بالأسوأ”، وقد عكس إشكال عائشة بكار أمس والذي تخلّله إطلاق نار، عيّنة عن الحوادت التي قد تشهدها المناطق، فيما تجنّد كل من تيار المستقبل وحركة أمل للتأكيد بأن لا خلفيات سياسية له.

وتبدأ مروحة الهواجس الأمنية من إمكان حصول عمليات اغتيال في الوقت الضائع، قبل أن تلوح بوادر الحلّ ليُبنى على “الدمّ” مقتضاه، أو حصول صدام بين مرافقي وحرّاس أيّ شخصية سياسية قد تتعرّض لـ”هجوم” من بعض المتظاهرين، بما في ذلك مقرّات بعض الوزارات أو دخول طابور خامس لحرف البوصلة في الشارع، أو احتكاكات بين  شارع وآخر، أو وقوع حوادت سطو مباشر على بعض المحال التجارية، كون “الجوع كافر”، أو استخدام السلاح الفردي أمام محطة بنزين أو صيدلية أو فرن…

في المحصّلة، هي سيناريوهات لا ينتعش الحديث عنها إلا حين تدخل الدول في سياق الفوضى الشاملة، فيكتسب الأمن الذاتي حصانة أكبر.

ومع ذلك، تجزم مصادر أمنية بأنّ “انتشار الجيش بالقدر المطلوب في المناطق وجهوزيته الدائمة رغم الأوضاع القاسية، يبقي الوضع الأمني تحت السيطرة”، مشيرة إلى أنّ “الوضع الاستثنائي الذي تمرّ به البلاد، لم يمنع الأجهزة الأمنية كافة من الاستمرار في عملها الأمني المعتاد، في ملفات الإرهاب والمخدرات والجرائم الجنائية، التي بلغت مستويات قياسية في الآونة الأخيرة”.

تابعنا عبر