سجّل ارتفاع بلغ نسبة 80 في المئة في معدلات انتشار الحصبة في العالم في عام 2022 بالمقارنة مع عام 2021. كما حذّر الخبراء من إمكان ارتفاع أكبر في عام 2023. بالفعل، يسجّل حالياً انتشار للمرض الذي كان من الممكن السيطرة عليه في معظم دول العالم. وقد ظهرت هذا الانتشار في دول عديدة من كينيا والنيبال وأستراليا ونيجيريا والهند، فيما من الممكن الوقاية منه بتلقي اللقاح. لكن يعلم الكل أن معدلات تلقي اللقاح تراجعت إلى حد كبير منذ انتشار وباء كورونا. وفي لبنان، أعلنت وزارة الصحة العامة عن تسجيل ارتفاع في معدلات الإصابة بالحصبة وعن وجود بؤر لانتشار الحصبة في مناطق عديدة في البلاد، مع تراجع معدلات تلقي اللقاح. علماً أن الأزمة ساهمت في ذلك أيضاً نظراً للوضع المعيشي الصعب. لذلك، تتكثف حالياً حملات التلقيح المجانية في لبنان وفي دول عديدة بهدف السيطرة على الحصبة وتجنب انتشاره بمعدلات كبرى.
ما هي الحصبة؟
الحصبة فيروس معد جداً ومميت أحياناً. لكن يمكن الوقاية منه باللجوء إلى اللقاح، كما توضح رئيسة قسم طب الأطفال في مركز بلفو الطبي الدكتورة باتريسيا كلداني، مشيرةً إلى أن أعراضه أولاً مشابهة لتلك الناتجة من الإنفلونزا، بدءاً بالرشح والتهاب العين Conjunctivitis وسعال في الأيام الثلاثة الأولى ويبدأ بعدها الطفح الجلدي الذي يتحوّل ليكون أقرب إلى صفيحات تزول بعد أيام وتبدأ مرحلة التعافي عندها.
من يعتبر أكثر عرضة لمضاعفات الحصبة؟
يزيد خطر التعرض لمضاعفات الحصبة لدى الأطفال الذي هم دون سن 5 سنوات ولدى الراشدين الذين لم يلتقوا اللقاح. علماً أن المضاعفات التي يمكن أن تنتج من الحصبة هي بنوعين: منها يرتبط بالجهاز العصبي ومنها ما يرتبط بالجهاز التنفسي، حيث تسبب التهاباً رئوياً إما بسبب الفيروس بذاته أو بسبب التهاب بكتيري آخر. وتضاف إلى ذلك المضاعفات الأخرى كالتهاب الأذن والإسهال لاعتبار أن فيروس الحصبة يخفض المناعة ويزيد خطر الإصابة بالتهابات.
لماذا يزيد انتشار الحصبة حالياً؟
بحسب منظمة الصحة العالمية، يُسجل ارتفاع في معدلات انتشار الحصبة، خصوصاً في دول معينة كالهند واليمن والباكستان وأفغانستان ونيجيريا حيث تنخفض معدلات تلقيح الأطفال.
وقد ساهمت انتشار وباء كورونا في تراجع معدلات التلقيح بحسب كلداني ويؤدي ذلك حكماً إلى ارتفاع معدلات الإصابة بأمراض عديدة ومنها الحصبة. كما تساهم الحروب والهجرة أيضاً في زيادة معدلات انتشار المرض بسبب عدم تلقي اللقاحات. تجدر الإشارة إلى أنه في عام 2021 تشير الإحصاءات إلى أنه حصلت حوالي 130 ألف حالة وفاة بين الأطفال في العالم بسبب فيروس الحصبة، وهي في معظمها بين الأطفال.
كيف يعطى لقاح الحصبة؟
من المفترض تلقي لقاح الحصبة في البلدان التي لا يحقق فيها المرض انتشاراً واسعاً، جرعة أولى قبل عمر السنة ثم يجب الحصول على جرعة تذكيرية بين عمر 4 أو 5 سنوات. وبذلك، يكون الطفل محصناً في مواجهة فيروس الحصبة بنسبة تتخطى الـ90 في المئة. أما في البلدان التي ينتشر فيها الفيروس، فقد يختلف الوضع. في لبنان مثلاً، يعطى الطفل اللقاح في عمر 9 أشهر ثم في عمر 15 شهراً. أما الجرعة الثالثة فتعطى بين عمر 4 و 5 سنوات فتكون فاعلية اللقاح عندها قد بلغت حدها الأقصى لتأمين مناعة تامة للطفل.
أما في حال تلقي جرعة واحدة قبل عمر السنة، فتشير كلداني إلى أنه لا يمكن اعتبار الطفل محمياً تماماً من الفيروس. فهو لم يحصل عندها على مناعة تامة. فمن الضروري الحصول على جرعتين من اللقاح بعد عمر السنة.
أما في حال حصول حملات تلقيح، كما يحصل حالياً في لبنان وفي دول عديدة في العالم، فيجب أن يتلقى الأطفال اللقاح أيضاً، خصوصاً إذا كان الطفل قد تلقى جرعة واحدة بعد عمر السنة، فيجب أن يحصل على جرعة تذكيرية ثانية. مع الإشارة إلى أنه لا مشكلة في تلقي جرعة ثانية في مدة قريبة وليس من الضروري الانتظار حتى عمر 4 أو 5 سنوات بل يمكن الحصول عليها قبل هذه السن، وفق ما توضحه كلداني. ومن المفترض أن تكون كل اللقاحات التي تلقاها في مدونة في سجل اللقاحات الخاص به.