كتبت راجانا حمية في “الأخبار”:
يوماً بعد آخر، تتحوّل علاجات مرضى الكلى إلى أزمة تهدّد حياة الكثيرين منهم. فبعد مسلسل انقطاع معظم أدوية العلاج المستخدمة في المستشفيات أو في البيت، ومن ثم مشكلة انقطاع بعض المستلزمات الأساسية لماكينات الغسيل في مراكز غسل الكلى بسبب انسحاب الشركات من السوق اللبناني وهجرة الأطباء القسرية، تكبر اليوم أزمة المستشفيات مع الجهات الضامنة في ما يخصّ مستحقاتها العالقة، والاختلاف على «تسعيرة» الجلسة ما بين الطرفين لتزيد الطين بلّة.
في الآونة الأخيرة، عملت وزارة الصحة العامة على تعديل جلسة غسيل الكلى لتصبح مليونين و500 ألف ليرة لبنانية، وتبعتها في ذلك الصناديق الضامنة الأخرى التي تلتزم تسعيرتها، كتعاونية موظفي الدولة، أو تلك التي تصدر لائحة أسعارها الخاصة. غير أن هذا الإصدار الأخير أتى في عزّ زوبعة سعر صرف الدولار، حيث بات التوازن مفقوداً، ما دفع بالمستشفيات إلى إجراء دراسة تحدّد من خلالها كلفة الجلسة، وخلصت في نهاية المطاف إلى تحديدها بـ59 دولاراً أميركياً. يضاف إليها 15 دولاراً أخرى كبدل أتعابٍ للطبيب المعالج.
وإن لم تطبّق هذه التعرفة الجديدة حتى اللحظة، بانتظار اللوائح الجوابية من الصناديق الضامنة، لناحية تأمين تمويل لدفعها أو التوافق على تعرفة مقبولة من الجميع، إلا أن الإجراءات التي بدأت تتخذها بعض المستشفيات تنذر بالوصول إلى المرحلة الأصعب، مع التوجه نحو الخيارات الأكثر تطرّفاً. وفي هذا السياق، تشير المعلومات إلى أن هناك أربعة مستشفيات عمدت أخيراً إلى إبلاغ نقابة أصحاب المستشفيات الخاصة في لبنان بنيّتها إقفال مراكز غسل الكلى لديها بشكلٍ نهائي. وهي بحسب نقيب أصحاب المستشفيات، سليمان هارون، «ليست مستشفيات صغيرة، وإنما متوسطة الحجم». أما ماذا يعني ذلك؟ يعني أن هناك عدداً من المرضى سيصبحون بلا علاجات، أو في أحسن الأحوال سيتسوّلون علاجاتهم في مستشفيات أخرى… إن وافقت هذه الأخيرة. ويقدّر هارون أعداد المرضى في تلك المستشفيات بما يفوق المائة. يصف هارون الأمر بـ«الأزمة المستعصية»، لا سيما أن الكثير من مراكز المستشفيات قد اتخذ خياراً ــــ وإن ضمنياً ــــ بعدم قبول أي مريض غسيل كلى «مدعوم».
أما بالنسبة إلى الأسباب، فيأتي في مقدّمها المستحقات العالقة لدى وزارة الصحة العامة، كما الصناديق الأخرى، إذ يشير هارون إلى أن هناك الكثير من المستشفيات لم تتقاضَ تلك المستحقات عن العام الماضي كله، «وإن تقاضتها اليوم، فهي بالكاد تشكّل ما نسبته 20 إلى 25% من قيمتها الفعلية، ومعناها أن المستشفيات قد استنفدت الاحتياط الذي كانت تتكئ عليه». يضاف إلى ذلك، أنه «لم يعد باستطاعتها الاتكال على مواردها من دخول المرضى، بعدما خفّت نسبة الدخول بحدود 40%». وبحسب هارون، بما أن المصاريف في المستشفيات لا تزال نفسها، وأضيفت إليها عملة الدولار، فيما المداخيل انخفضت بنسبة كبيرة، «كانت هذه الخيارات».
إلى الآن، لم تحدّد تلك المستشفيات مواعيد الإقفال، بانتظار ما ستؤول إليه النقاشات مع وزير الصحة العامة، حيث يشير هارون إلى أن المستشفيات تطالب «بإعادة النظر بجلسات الغسيل والسعي إلى ربطها بمؤشر تسعير استثنائي يحدّده الطرفان».