كتبت لما الرفاعي في موقع “ناشطون”:
يتميّز السفير نواف سلام عن غيره من باقي المرشحين أو بالأصح المترشحين إلى منصب رئاسة الحكومة بأمرين لا يمتلكهما غيره:
الأول أنه موظف بالسليقة. يتعامل مع كل أمر على أنه وظيفة يسأل بداية عن الضمانات الوظيفية، ثمّ عن الراتب الذي يتقاضاه وانتهاء بالتعويض الذي سيحصّله في نهاية خدمته. هكذا تعامل مع الاستحقاق النيابي الأخير عندما طُرح عليه ترؤس لائحة التغييرين في بيروت، ثمّ لائحة الرئيس فؤاد السنيورة، وكان جوابه في العرضين ما هي ضمانات الفوز؟ وكيف سأعوّض راتبي الذي سأخسره في الفريش دولار مع تراجع قيمة الليرة اللبنانية التي يتقاضى النواب رواتبهم على أساسها؟
أما الأمر الثاني: جهله بما يحصل في لبنان من تطورات وأزمات ومصاعب يواجهها اللبنانيون عند كل صبيحة ومساء. فهو المقيم الدائم خارج لبنان متنقلاً من عاصمة الضباب إلى عاصمة مقاهي الرصيف، وما بينهما الى عاصمة الشوكولا أو عاصمة الساعات الدقيقة بمواعيدها. بيروتيّ دون أن يعرف ماذا حلّ ببيروت، ودون أن يمشي بشوارعها. هو أقرب إلى كائن فضائي استيقظ فوجد نفسه على كوكب الأرض حيث يجهل لغة هذا الكوكب وسبل المشي والعيش فيه.
صديق للرئيس فؤاد السنيورة كيف لا وأكثرية المواقع الرسمية التي شغلها جاءت بتزكية من الرئيس فؤاد السنيورة. واليوم تربطه علاقة صداقة مع رئيس جمعية المقاصد فيصل سنو، فهو المحتاج إلى شرعية سنيّة بيروتية، والمقاصد خير ملجأ، ورئيس المقاصد بحاجة إلى من يُحقق له بعض الأماني في تولّي نجله بعض المناصب الوزارية، ونواف المرشح للدخول إلى السراي خير خيار لأصعب أمنية.
يحتاج السُنّة في لبنان إلى رئيس للحكومة هذا أمر مؤكّد، لكنهم لا يحتاجون لأي رئيس حكومة. هم بحاجة إلى رجل منهم، ويعيش بينهم يدرك أنّ طرقاتهم بلا إضاءة، وأنّ مؤسساتهم الأهلية شبه مفلسة، وأنّ حقوقهم الوظيفية في الدولة أكثر من مهدورة. هم بحاجة إلى رئيس حكومة يعرف الروشة وأزمة المياه فيها، ومطّلع على البسطا وزقاق البلاط وانتقاص كرامة بنيها فيها، كما يدرك ما تحتاجه الطريق الجديدة من رعاية وفرص عمل لأبنائها، ويعلم علم اليقين أنّ لمدينة طرابلس أبناء في السجون دون محاكمة، وأنّ لصيدا شيخاً اجتمعت عليه شياطين الارض، كما أنّ البقاع يقاتل للحفاظ على الهوية.
ما يريده السُنّة من رئيس الحكومة المقبلة قد نجده بين الكثير من الأسماء. لكن المؤكّد أنّ تلك الصفات والمقومات لا يمتلكها السفير نواف سلام.
هو مرشح لرئاسة الحكومة نعم، لكنه مرشح قادم من الفضاء الخارجي.