منذ زلزال تركيا وسوريا المدمر والذي اعتُبر من أكثر الزلازل تدميراً في العالم، ظهرت حالات عديدة، منها نفسية ومنها جسدية، بين من عاشوا هذه التجربة في البلاد المعنية وحتى بين آخرين يعيشون في بلاد أخرى شعرت بالهزة وارتداداتها. متلازمة دوار ما بعد الزلزال من الحالات التي ظهرت إصابات بها على أثر الزلزال وتكشف الطبيبة الإختصاصية في أمراض وجراحة الأنف والأذن والحنجرة في المركز الطبي للجامعة اللبنانية الأميركية – مستشفى رزق الدكتورة رنا بركه عن ظهور حالات عديدة في لبنان من المتلازمة التي ترتبط بعناصر جسدية وأخرى نفسية أيضاً.
ما هي متلازمة دوار ما بعد الزلزال؟
تم اكتشاف متلازمة دوار ما بعد الزلزال بعد زلزال اليابان الذي بلغت قوته 9 درجات على مقياس ريختر في عام 2014 واعتُبر من أكبر الزلازل في العالم. على أثره كان من الممكن القيام بدراسة واسعة شملت مجموعة واسعة من الناس وقد لوحظ ارتفاع معدلات الإصابة بدوار أو بشعور بهزة رغم عدم حصولها. يشعر البعض بذلك لمدة تقل عن دقيقة في نوبات من وقت إلى آخر، ومن الأشخاص من يعانون من هذا الشعور طوال الوقت ومن دون توقف على أثر الزلزال. هي أعراض مشتركة بين كثيرين ممن يعانون هذه المتلازمة.
هل تعتبر هذه المتلازمة حالة نفسية أو جسدية؟
في الواقع، هي ترتبط بالناحيتين النفسية والجسدية. ففي الجانب الجسدي، هي ترتبط بالأذن الداخلية وبالسائل الذي فيها المسؤول عن نقل المعلومات بين الإحساس بالتوازن في الساقين والدماغ. ففي حال حصول خلل هنا يؤدي إلى فقدان التوازن بسبب خلل فيه ما يسبب شعوراً بالدوار. في الوقت نفسه هي حالة ترتبط باضطراب ما بعد الصدمة والتوتر المرتبط بالشعور بالهزة والخوف المرافق لذلك، فيزيد الوضع سوءاً لدى من يعانون هذه المشكلة. لذلك يعتبر من شعروا أكثر بالهزة أولاً أكثر عرضة لمتلازمة دوار ما بعد الزلزال.
من يعتبر أكثر عرضة للإصابة بمتلازمة دوار ما بعد الزلزال؟
إضافة إلى أن من شعروا أكثر بالهزة، يعتبر من لديهم تاريخ مع الإصابة باضطراب ما بعد الصدمة ومن يعانون من دوار الحركة وأيضاً من كانوا في طوابق عالية عند حصول الهزة فقد شعروا بها حكماً أكثر من الآخرين. هذا وقد تبيّن أن النساء هنّ أكثر عرضة لها ومن تخطوا سن 21 سنة. ووفق بركه تم تشبيه هذه المتلازمة والشعور المرافق لها بما يشعر به من واجدوا على باخرة ويستمر شعورهم بفقدان التوازن بعد الوصول إلى البر وكأنهم لا يزالون في البحر.
ما هو العلاج المتبع لمتلازمة دوار ما بعد الزلزال؟
ما من علاج خاص متوافر لمتلازمة ما بعد الزلزال. إنما يتم التركيز في هذه الحالة على العلاج الفيزيائي حسب بركه لاعتبار أن ذلك يمكن أن يساعد في استعادة التوازن. فثمة تمارين خاصة تعمل على الجهاز العصبي وعلى التوازن المطلوب. هذا ما يساهم باستعادة التوازن على مستوى الأذن الداخلية. وفي الوقت نفسه، يتم اللجوء إلى العالم الإفتراضي VR فيساهم في ذلك ايضاً. ويمكن أن يوصف للبعض دواء يعطى لمن يعانون دوار الحركة لكن لا ينصح به للمدى البعيد عادةً.
علماً انه يتم التعاطي مع هذا النوع من الحالات في لبنان مع أشخاص تأثروا بالزلزال، فيما قد لا تكون من الحالات التي يتم التركيز عليها بين من عاشوا هذه التجربة الصعبة في تركيا وسوريا لأن الأضرار التي تعرضوا لها تعتبر أهم بكثير وثمة مشكلات أكثر خطورة يتم التعاطي معها. وقد زادت الحالات في لبنان بشكل خاص أيضاً، كما توضح بركه، لأن كثيرين ربطوا بين الشعور بالهزة وما واجهوه في لحظة انفجار مرفأ بيروت. استعادوا هذه المشاعر ما حرّك لديهم اضطراب ما بعد الصدمة الذي عانوه حينها وعاشوا مشاعر الخوف نفسها. وبالتالي، بطبيعة الحال هناك متابعة نفسية ضرورية أيضاً عندها لمساعدة هؤلاء الأشخاص لتخطي ما يمرون به بما أن العلاجين النفسي والجسدي مترابطين هنا.
تنصح بركه في الوقت نفسه، وإلى جانب المتباعة النفسية والعلاج الفيزيائي بالتقيد بالنصائح التي تعطى لكل من يعاني توتراً أو اضطرابات جراء الهزة ويجد صعوبة في تخطيها:
– تجنب متابعة وسائل التواصل الاجتماعي بكثرة بما فيها من أخبار عن الدمار والهزات والأضرار.
– الخروج إلى مساحات واسعة في الطبيعة والنظر بعيداً لأن لذلك أثراً إيجابياً واضحاً من الناحيتين النفسية والجسدية.