مقال للكاتب والصحافي صفوح منجّد
حفل الإسبوع المنصرم بالمواقف والأحداث والتطورات التي كان لها مفاعيلها على مختلف الأوضاع المحلية، سياسيا وقضائيا وإقتصاديا والتي من شأنها أن تدفع البلد نحو مزيد من الخراب والدمار في حال مراوحة عملية اللامبالاة بالسبل والوسائل الكفيلة بمتابعة الوضع في لبنان ووضعه على سكة الخلاص من الأزمات التي تعصف باللبنانيين، وفي مقدمة كل ذلك إجراء الإنتخابات الرئاسية من خلال عقد جلسات إقتراع متتالية حتى تتم عملية الإقتراع لصالح أحد المرشحين وحيازته على الاصوات المطلوبة وفق القوانين المرعية وهي 65 صوتا من أصل 86 نائبا يحضرون الجلسة.
على أن يلي ذلك البدء في تشكيل حكومة إنقاذية بإمكانها دفع الأوضاع نحو تأمين العافية للبلد والإنطلاق في عملية بناء مؤسسات الدولة بما يؤكد للبنانيين إمكانية إستعادة ما تم تخريبه وتهشيمه وتدميره طوال العهد البائد وسرقة الأموال من جيوب ومدّخرات الناس والتسبب بالجوع والآلام، ومبيت المواطن اللبناني من دون لقمة خبز أو حبة دواء وحتى من ماء نظيف وعمل يُمكّن الأكثرية الساحقة من اللبنانيين من توفير الغذاء لهم ولعائلاتهم وكذلك الغطاء والمأوى.
كل ذلك يحدث فيما المنظومة الحاكمة إياها مستمرة في جرائمها في كل المجالات غير عابئة بالمآسي والكوارث التي تلحق بالناسن وها هي اليوم “تستشرس” ضد العائلات الثكلى التي دمّرها إنفجار 4 آب في مرفأ بيروت، ولم تبال بما خلّفه هذا التفجير من دمار وخراب وما دفعه سكان أكثر من ثلث مساحة العاصمة بيروت من خسائر فادحة كان ضحيتها 220 شهيدا رجالا ونساء وأطفالا، إضافة إلى دمار وخراب في ممتلكاتهم والعشرات من المتضررين والجرحى الذين نسمع من وقت إلى آخر أنّ بعضهم قد فارق الحياة، ما يعني أنّ هذه المأساة مستمرة ومقاضاة المنظومة أيضا ستستمر بكل الاشكال والمواقف والملاحقات طالما أن الجريمة لم يتم الكشف عنها و تحديد المسؤولين الحقيقيين عن التفجير الذي لم تشهد البشرية مثيلا له.
وبعد، يحدثونك عن الأخلاق والقيم وأن تلك المنظومة ماضية في الكشف عن المتسببين؟ كيف؟ ومتى؟ وهل يستقيم ذلك مع حقيقة ما تفعله المنظومة مهما علا شأن أركانها والضالعين في عضويتها؟ ألم يتفوّه أحد “كبارها”، أمام مجموعة من مناصريه يوم المجابهة الدامية أمام قصر العدل منذ أيام حينما كان أهالي الشهداء والمتضررون يعتصمون مؤيدين مواقف القاضي طارق البيطار وتحرّكه “الشريف” لمتابعة حقيقة ما جرى والكشف عن من تسبب بهذا الإنفجار الهائل، حين إنبرى أحدهم كما أشرنا ليقول للعناصر المولجة بحمايته (ألا يموت هؤلاء ويلتحقون بمن قُتل بالإنفجار ويخلصونا بقى)؟.
بالحقيقة ما قاله هذا “الوغد” لا يدل فقط على كلام صادم ومقيت فقط، بل يعبّر عن روح إجرامية وعن قذارة نفسية وعقلية مقرفة.
فالقضية كانت ولا تزال هي محاولة تفلّت البعض من الإدانة والعقاب! وبالمختصر المفيد أن القضية هي في أسباب تعطيل التحقيق العدلي، وأنّ النخبة الحاكمة في لبنان تتمتع بسلطة ونفوذ كبيرين على القضاء أولا وعلى المؤسسات الرسمية ثانيا، لأن كثيرين من القضاة يدينون للسياسيين بالفضل في تعيينهم في مناصبهم، والعديد من المسؤولين من بينهم الرئيس السابق للجمهورية ورئيس وزرائه حين ذاك حسان دياب، كانوا على علم بأمر شحنة المواد الكيماوية (نيترات الأمونيوم) التي إنفجرت في مرفا بيروت وأنّ منظمة “هيومن رايتس ووتش” أكدت أن مسؤولين أمنيين وحكوميين كبارا توقعوا وجود خطر كبير على الحياة جراء تخزين الشحنة في المرفأ وأعربوا ضمنا إحتمال حدوث وفيات من جراء إمكانية إنفجارها في العاصمة.
كل ذلك لم يُشِر إليه رئيس الميليشيا المسلحة لحزب الله حين أوفد وفيق صفا إلى قصر العدل في حينه لتهديد القضاة، ب “طريقة” تهبيط السقف على رؤوسهم إذا إستمروا في تأييدهم للقاضي البيطار وموافقتهم على ما توصل إليه من نتائج.
فهل هذا التهديد هو من باب “التنفيس” أم حقيقة واقعة يعاقب عليها القانون سيما وأن ذلك ترافق مع واقعة خطرة جدا على أمن البلد وهي (غزوة الطيونة) فهل السيد يفكر اليوم بغزوة مماثلة؟؟ كل ذلك في وقت تُشير فيه المعلومات بأن زيارة وزير الخارجية الإيرانية عبد اللهيان إلى بيروت قبل أيام عزّزت من مناخ تشدد حزب السلاح ومحور الثامن من آذار على مختلف الصعد معتبرة أنّ ما جرى التداول فيه خلال تلك الزيارة سرعان ما تبلور وإنعكس على الملف الرئاسي من خلال الإندفاعة الواضحة لحزب السلاح في مواقفه وأن عبد اللهيان نقل رسالة إلى حلفاء طهران في لبنان مفادها “تدبّروا أمركم” في مواجهة الإستحقاقات الداهمة التي تمر بها المنطقة!.
فكل ذلك ألا يستدعي تحركا معينا من قبل السلطات اللبنانية المعنية أم أنّ مسؤولي حزب السلاح ومبعوثي طهران (ذنبهم مغفور)؟.
ريفي: حزب الله هو مستورد النيترات
إلى ذلك إهتمت الأوساط اللبنانية والعربية بما تضمنه الحديث الذي أدلى به النائب اللواء أشرف ريفي إلى “حدث أونلاين” تحت عنوان “على الشعب اللبناني إعدام هذه الطبقة السياسية لا محاسبتها”.وشدد الوزير ريفي على ان المستفيد من الشلل الذي تعانيه السلطة القضائية اليوم هو “الخائف من العدالة”، على قاعدة “كاد المريب أن يقول خذوني”، مؤكداً ان من “حقنا كلبنانيين أن نعرف من استقدم نيترات الأمونيوم إلى لبنان، دون أن يعني ذلك اتهامه بالتفجير، فالملفان في هذه الجريمة منفصلان : ولكن من استقدم النيترات ووضعه في مكان لا ينبغي أن تكون فيه”.
وتابع: لقد تتالت الأحداث من الطيونة إلى تقديم 40 طلب رد بحق القاضي البيطار، وهو أمر غير مسبوق، وهذا ما يؤشر إلى وجود طرف يخشى العدالة، فهو إما مشارك أو مجرم”.
وقال: “من واقع خبرتي، أن لا أحد قادر على استقدام هذه الكمية من المواد المتفجرة التي لها قواعد معينة في التعامل معها، ويضعها لمدة سنوات داخل المرفأ، إلا حزب الله”.
ورداً على سؤال حول امكانية تطيير التحقيق قال ريفي : “لا يمكن تطيير التحقيق ! فجريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري التي سقط خلالها 22 شهيدا، دفع ثمن حقيقتها ثمانية شهداء، ووصلنا إلى المحكمة بأدلة كاملة وواضحة. في المقابل، فإن جريمة المرفأ كلفت 230 شهيداً، لن يسكت أهاليهم وبيئتهم عن كشف الحقيقة. بل حتى أن الوزير جبران باسيل يزايد مسيحياً في هذا الملف رغم كونه حليفاً للحزب”.
42 نائبا: ما حصل هو إنقلاب مدمّر
هذا واصدر 42 نائبا من قوى المعارضة والتغيير بيانا وصفوا فيه ما حصل أمام قصر العدل بأنه يوم اسود، وأكدوا أن البرلمان هو هيئة ناخبة وستستمر الجلسات حتى يتم إنتخاب رئيس جديد.
وأكد النواب رفضهم أي مساس بصلاحيات المحقق العدلي لجهة إشراك أيّ قاض رديف بملف عكف على إعداده قاض لا يزال معينا أصولا للتحقيق فيه، ونطالب بمتابعة التحقيق من النقطة التي وصل إليها والإسراع في إصدار القرار الإتهامي وإحالته على المجلس العدلي.
وإستنكروا التعرض للشعب وممثليه في مشهد همجي لا يليق بالعدالة ولا بالقيمين عليها من سياسيين وقضاة، وندعو إلى فتح تحقيق فورا لكشف الإعتداءات الحاصلة وتحديد الفاعلين ومرجعياتهم والمسؤولين عن دسّهم داخل قصر العدل.
وأعلنوا ” الإلتزام بأحكام الدستور لاسيما المواد 49 و 74 و75 منه التي تنص صراحة على أنه متى تخلو سدّة الرئاسة يصبح المجلس النيابي هيئة إنتخابية ملتئمة بشكل دائم من أجل إنتخاب رئيس للجمهورية، بدورات متتالية بشكل متواصل دون إنقطاع حتى تحقيق هذه الغاية ولا يحق للمجلس القيام بأي عمل سواه”.
باسيل يهاجم بشدّة قائد الجيش
وفي وقت لاحق امس شن الوزير السابق جبران باسيل هجوما عنيفا غير مسبوق على كل من قائد الجيش العماد جوزيف عون وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة .
وإتهم باسيل قائد الجيش بمخالفة قوانين الدفاع والمحاسبة العمومية، وأنه يأخذ بالقوة صلاحيات وزير الدفاع، ويتصرّف على هواه بالملايين بصندوق للأموال الخاصة وبممتلكات الجيش، وأن رئيس الحكومة يصدر قرارات غير قانونية آخرها وضع مدراء عامين بالتصرف.
وهدد باسيل بإعلان ترشيحه للإنتخابات الرئاسية في الدورات الإنتخابية القادمة دون ان يوضح خطته من وراء هذا “التهديد” علما أن رئيس مجلس النواب قد دعا إلى إستئناف هذه الإنتخابات يوم الخميس القادم.
في حين عُلم أن إجتماعا خماسيا سينعقد في العاصمة الفرنسية خلال الأيام القليلة القادمة تحضره وفود فرنسية واميركية وسعودية ومصرية وقطرية للبحث في القضية اللبنانية.