شعار ناشطون

الانقلاب القضائي” يتمدّد: إطلاق سراح المتهمين بفساد النافعة

28/01/23 03:26 pm

<span dir="ltr">28/01/23 03:26 pm</span>

وليد حسين- “المدن”

يبدو أن الضغوط التي مارسها موظفو القطاع العام في الإضراب العام الذي امتد لأكثر من أسبوع نجحت في الضغط على القضاء، وكذلك انحلال القضاء الذي ظهر في ملف انفجار مرفأ بيروت امتد إلى قصر عدل بعبدا أيضاً. فقد أخلى قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان نقولا منصور سبيل 13 موقوفًا بملف النافعة، وصدقت الهيئة الاتهامية برئاسة القاضي ربيع الحسامي قرار منصور بالأكثرية. ورغم أن إطلاق سبيلهم اقترن بإبعادهم عن وظائفهم لأشهر عدة ومنعهم من السفر ودفع غرامات مالية كبيرة، إلا أن التخوف من أن يستمر هذا المسار وصولاً إلى إخلاء سبيل المتورطين الكبار. عندها، تنتهي القضية بعقوبات مسلكية ولا تمتد التحقيقات لتطال كل الإدارات، كما كان متوقعا، أو أشيع منذ ثلاثة أشهر، عندما بدأ مسار التوقيفات في نافعتي الدكوانة والأوزاعي وانتقل إلى الدوائر العقارية في بعبدا (ما زال المكتب الذي يضم أقلام بعبدا وعاليه والشوف مقفلاً).

وكانت التوقيفات في ملفات فساد في الإدارتين العامتين أرعبت الموظفين ولا سيما في الدوائر العقارية، فتضامنوا مع زملائهم ودعوا للإضراب. ورغم أن هدف الإضراب، المنفذ حالياً في الإدارات العامة، هو تحسين رواتب ومعيشة الموظفين، إلا أن تزامنه مع دعوات أمناء السجل لتنفيذ إضراب تضامني مع الموقفين، أدى أقله إلى الضغط على القضاء، ليس مباشرة في إطلاق الموقوفين، بل في عدم التوسع في التحقيقات في إدارات أخرى، تؤكد المصادر.

مصادر “المدن” في قصر عدل بعبدا لفتت إلى أن من أطلق سراحهم مجرد موظفين صغار، أي أن منصور لم يخل سبيل الموظفين الأساسيين في ملف فساد النافعة: أيمن عبد الغفور، رئيس مصلحة تسجيل السيارات، وهدى سلوم مدير عام هيئة إدارة السير والآليات والمركبات، وباسم عيّاد رئيس النافعة في الأوزاعي.

وأضافت المصادر أن عدم إخلاء سبيل هؤلاء الموظفين يعني أن منصور لم يرضخ للضغوط السياسية السابقة، لكنه في الوقت عينه فضل الانحناء أمام عاصفة إضراب موظفي القطاع العام، فأطلق سراح الموظفين الصغار. وهذا يشفع له مؤقتاً في انتظار القرارات الأخرى التي ستصدر عنه في ملف النافعة وفي ملف دائرة بعبدا العقارية، الأكثر تعقيداً، ومعرفة ما إذا كانت “البلبلة القضائية” التي حصلت في ملف انفجار المرفأ ستمتد إلى ملفات أخرى.

ووفق المصادر مستوى تورط الموظفين الصغار في تلقى “الإكراميات” والهدايا يعم كل الإدارات. وهذا ما دفع منصور إلى إخلاء سبيلهم. غير ذلك قد يصبح غالبية موظفي القطاع العام في السجن في حال قرر القضاء ملاحقة كل من تلقى رشوة بمئة ألف ليرة لتخليص معاملة أو تصديق إفادة من هنا وهناك.

الإضراب مستمر
مصادر مطلعة أكدت أن إضراب موظفي القطاع العام سيمدد لأسبوع إضافي. فالإضراب المعلن انتهى يوم الجمعة، لكن ثمة ضغوط على الحكومة لتحديد سعر صرف خاص بالموظفين (15 ألف ليرة) لفك الإضراب. لكن مسار الضغط على القضاء لإخلاء سبيل كل الموقوفين وعدم تمديد التحقيقات بقضايا الفساد لإدارات أخرى، ما زال مستمراً. فالعديد من الموظفين الذين يستلمون مراكز مهمة إما فرّوا إلى تركيا أو قدّموا إجازات طويلة الأمد أو تركوا الوظيفة، في انتظار إقفال الملفين.
تأمل اللبنانيون خيراً من تلك التوقيفات التي جرت في نهاية العام المنصرم وفتح ملفات مغارات الفساد في دوائر السير والعقارية، خصوصاً بعدما تمادى الفساد فيها في الانهيار الحاصل منذ ثلاث سنوات. لكن الموظفين الخائفين من وصول الدور إلى إداراتهم، نجحوا في ضغوطهم، وبدأ مسار انحلال العدالة. فتراجع قيمة رواتب الموظفين في القطاع العام دفعت معظمهم إلى توسل الرشاوى سبيلاً لرفع مداخيلهم. حتى أن العديد من الموظفين كانوا يواظبون على الحضور إلى مراكز عملهم، في ظل توقف الموظفين عن الحضور إلى وظائفهم، لتسيير معاملات المواطنين لقاء الحصول على رشاوى لمعاملات مجانية، وصل ثمنها إلى أكثر من خمسمئة ألف ليرة، في مختلف الإدارات.

في ظل انحلال القضاء، الذي ظهر في ملف انفجار المرفأ، وفي ظل الفساد المستشري في قصور العدل، الشبيه بسائر الإدارات، لا تستبعد المصادر “إقفال ملف التحقيقات في الإدارتين وإخلاء سبيل جميع الموقوفين في النافعة والعقارية، الذي كان يفترض أن يستتبع بإجراءات تشمل كل الإدارات. فإذا فسد الملح بماذا يملّح؟” تسأل المصادر.

  • تابعنا عبر