كتب زياد عيتاني:
الرئيس سعد الحريري أمام خيار بين جنسيّتين. إما أن يحافظ على جنسيته السعودية، أو أن يحصل عوضًا عنها على الجنسية الإيرانية. هذا ما يمكن استخلاصه من الرسالة التي وجّهها إليه نائب الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم، في حواره الأربعاء الفائت على شاشة الميادين.
تفاصيل الرسالة التي وجّهها قاسم للحريري جاءت على الشكل التالي كما جاء على لسانه حرفيًّا:
1- أنّ المخرج الحكومي هو بأن يحرّك رئيس الحكومة مسألة عدد الوزراء، ويقبل رئيس الجمهورية عدم وجود الثلث المعطّل.
2- أنّ الرئيس سعد الحريري لم يصدّق أنه أصبح رئيس حكومة، وأنّ الصلاحيات معه، حتى لو لم تتشكل الحكومة إلى آخر العهد. لذا، أنا لا أعتقد أنه سيعتذر.
3- هل سترضى السعودية في يوم من الأيام عن حزب الله؟ لا، لن ترضى. وإذا أضاء الرئيس الحريري أصابعه العشرة للسعودية، فلن تقبل به، ولن توافق على حكومة فيها حزب الله. المطلوب سعوديًّا لا يتحمّله لا الحريري ولا غيره، وهو مواجهة حزب الله.
4- البعض يعتقد أنّ بهاء الحريري بأدائه وأسلوبه، سيشكّل مشكلة لنا، لكنه لا يقدّم أو يؤخّر بالنسبة لنا. ومشكلة بهاء الحريري مع سعد الحريري ومع تيار المستقبل. وهو في النهاية سيكون حالةً تنافسية هناك. ونستبعد أن يكون له حظوة لأنّ طريقته ودخوله غير مريحَيْن في الشارع السنّي بشكل عام. من معه أموال ووسائل إعلام ودعم دولي، يحاول أن يعلّي الصوت. لكن في النهاية القنابل الصوتية ليست هي من تصنع المستقبل.
هكذا قدّم قاسم للحريري عرضًا كاملًا وفقًا لمعادلة “العصا والجزرة”، و”كن معنا وسنكون معك حتّى بمواجهة شقيقك بهاء”.
من جهته، الرئيس الحريري وعبر مكتبه الإعلامي ردّ على رسالة الشيخ قاسم، نافيًا أن يكون الرئيس الحريري منتظرًا لأيّ جهة خارجية، متّهمًا حزب الله بأنه ينتظر إيران في سياساته على قاعدة “أنّ الشيء بالشيء يُذكر”. فبدا البيان حريصًا على الاكتفاء بردّ مماثل من دون ملامسة أيّ قضية خلافية أخرى.
يحرص الرئيس الحريري على حصر خلافه بالعهد المتمثّل بالرئيس عون وصهره جبران باسيل، مراهنًا على تحييد الثنائي الشيعي، وتحديدًا حزب الله. لا بل يراهن على التقارب أكثر وأكثر مع الطرف الثاني بهذا الثنائي، أي الرئيس نبيه بري. هذا الحرص عند الرئيس الحريري ليس مستجدًّا، بقدر ما يمثّل قناعة راسخة لدى سيّد “بيت الوسط” منذ ما قبل التسوية الرئاسية، مفادها أنّ الطريق إلى السراي الحكومي لا تمرّ بمعاداة المشروع الإيراني، بل بالتفاهم معه، أي التفاهم مع حزب الله. حِرْص الرئيس الحريري على العلاقة مع حزب الله يحصل بشروط حزب الله. بالمقابل، فإنّ حرص حزب الله على العلاقة مع الرئيس الحريري، يحصل أيضًا بشروط الحزب لا بشروط الحريري أو غيره.
على خلفية ذلك جاءت رسالة نعيم قاسم قاسية على بيت الوسط. وما أخفى قساوتها هو دخول جبران باسيل وتياره على خط السجال. فقول قاسم إنّ الرئيس الحريري لم يصدّق أنه أصبح رئيس حكومة، هو كلامٌ مهين يوازي بمقدار مهانته ما قاله الرئيس ميشال عون في التسجيل المسرّب عندما نعت الرئيس الحريري بـ”الكذّاب”.
لقد أبدى قاسم حرص الحزب على الرئيس الحريري والعلاقة معه، لكن بشروط الحزب ومواصفاته. قالها واضحة للرئيس الحريري: “عليك أن تختار إما نحن أو السعودية، فزمن تدوير الزوايا انتهى”.
جواب الحريري كان واضحًا أيضًا في قوله إنّه يتلقّى تعليماته من جنسيّته اللبنانية فقط. وهنا “المعضلة”.