توقّف المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى في اجتماع عقد بدار الفتوى أمام عمليات الالتفاف المتكررة على الأسس والقواعد الدستورية التي تنظم عمل السلطات السياسية وتحديد صلاحيات كل منها وقواعد التعاون فيما بينها.
ونبّه من أن التمادي في خرق هذه الأسس والقواعد، ومحاولة فرض وقائع جديدة استجابة لمزاجية شخصية ومصالح فئوية خاصة، يوجه طعنات مدمرة الى النظام السياسي الذي ارتضاه اللبنانيون والذي يقوم على مبدأ عمل السلطات وتحديد صلاحيات كل منها وقواعد التعاون في ما بينها. كما أنه يهدد صيغة العيش المشترك، ويوجه طعنات مدمرة للمبدأ الذي تقوم عليه دولة الدستور والمؤسسات.
وحذر المجلس أيضا من أن الإصرار على هذه التجاوزات اللادستورية واللاوطنية يتكامل مع الانهيار الاقتصادي والمالي ومع الشلل السياسي الذي يعاني منه اللبنانيون وكأن الغاية السوداء هي جر لبنان، دولة ومجتمعا، الى هاوية لا قرار لها، بدلا من التعاون المخلص والصادق على حشد كل الطاقات والإمكانات للنهوض به، وإعادة الاعتبار اليه، وطنا للعيش المشترك ومنبرا للحرية واحترام كرامة الإنسان.
وتساءل المجلس بقلق عن الأسباب الكامنة وراء تأخير إعلان نتائج التحقيقات في الانفجار الرهيب في مرفأ بيروت، ذلك ان عائلات الضحايا والمنكوبين والمتضررين تنتظر بفارغ الصبر معرفة الحقيقة حول ملابسات هذه الجريمة المروعة، ومن يقف وراءها.
واعتبر أنّ ما وقع في مرفأ بيروت كان جريمة ضد الإنسانية، والتغطية على المرتكب، أيا كان، مشاركة له في هذه الجريمة، قائلا:”فوجئنا بتدبير من خارج السياق العام ترتفع حوله أكثر من علامة استفهام ويتجاوز كل الأعراف والقوانين وينتهك حرمات دستورية تتعلق برئاسة مجلس الوزراء. إنها أشبه بالهروب إلى الأمام، وهي في الحسابات الأخيرة مجرد إيهام مضلل بالتقدم في التحقيق، وعليه يؤكد المجلس أن المس بمقام رئاسة الحكومة يطال كل اللبنانيين لا طائفة فحسب وما جرى من ادعاء مغرض على رئيس الحكومة هو مؤشر خطير يرمي الى غايات ونوايا سياسية معروفة الأهداف للنيل من الرئاسة الثالثة”.
وأبدى المجلس ألمه الشديد جراء اتساع وتعمق ظاهرة اللاثقة الدولية والعربية بالسلطة الرسمية في لبنان، وعدم التعاون معها بل وحتى توجيه الاتهامات اليها. ولاحظ المجلس أن هذه الظاهرة تتماهى مع المواقف الجريئة التي عبر عنها الرأي العام اللبناني باتهام جهات في السلطة بانها تستعصي على الإصلاح والحكم الرشيد.
كما تساءل المجلس عن أسباب استمرار عدم الإفراج عن مرسوم التشكيلات القضائية الذي يعطل عدم صدوره دور القضاء في الإصلاح الذاتي وفي أداء مهمته لإعلاء شأن العدالة .
وشدد المجلس على القاعدة الذهبية العامة، وهي “ان الحكم أمانة” وان من يتحمل الأمانة هم وحدهم جديرون بأن يتولوا دفة الحكم وإدارة شؤون البلاد والعباد .