أطلق “تجمع المستشفيات الجامعية” صرخة اليوم من “مستشفى أوتيل ديو”، أعلن فيها، أنه “حفاظا منا على صدقيتنا تجاه اللبنانيين عامة ومرضانا خاصة، وبعد البيانات التي أصدرناها تباعا لإطلاع الرأي العام على حقيقة ما يجري، وكان آخرها يوم 21 كانون الثاني 2021 عقب لقائنا نائبة رئيس مجلس الوزراء وزيرة الدفاع في حكومة تصريف الاعمال زينة عكر، في حضور مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الصحية والاجتماعية الدكتور وليد الخوري، والذي انتظرنا أن يكون له الصدى الإيجابي في معالجة مشكلة المستشفيات والمرضى الآخذة بالتفاقم، نطلق اليوم نداء آخر عساه يكون الأخير الى كل من يعنيهم الأمر، كي يهبوا ويبادروا الى نجدة القطاع الإستشفائي ومد يد العون له”.
وأكد أن “القطاع الصحي عامة والإستشفائي خاصة الذي كان مستشفى الشرق ومنارة الطب في المنطقة العربية مهدد بالإفلاس والزوال”، معتبرا أن “السياسات المالية المتبعة في ملفات الدواء والمستلزمات الطبية والمعدات الطبية، إلى جانب هجرة الطاقات البشرية من ممرضات وممرضين وأطباء سوف تؤدي حتما إلى دمار القطاع بالكامل، كما هو حاصل ويحصل مع باقي القطاعات المنتجة في البلاد”.
واشار الى ان “سر العلاجات الناجحة يرتكز على أربعة أعمدة: طاقم طبي وتمريضي كفوء، أدوية حديثة، معدات طبية وجراحية من المستوى الرفيع وآلات تشخيص متطورة. إن السياسة المالية المتبعة في لبنان منذ أكثر من عام تضرب بالصميم هذه الركائز الأربع. ان أوضاع المستشفيات تتدهور بوتيرة متسارعة، فنحن نقترب أكثر فأكثر من قعر الهاوية، لا سيما في ظل هجرة الطاقات البشرية المميزة من الطاقمين الطبي والتمريضي بسبب تردي الوضع الإقتصادي وعدم زيادة أتعابهم ورواتبهم بما يتماشى مع الوضع الإقتصادي العام، والنقص الهائل في الكثير من الأدوية والمستلزمات الطبية وقطع الغيار التي يتعذر إستلامها بسبب عدم انجاز معاملات الموردين لدى مصرف لبنان، كما يفيدون ويصرحون، على الرغم من تأكيد المسؤولين لدى المصرف انهم يعالجون المعاملات بعد تدقيقها وهذا حقهم”.
ورأى أن “استمرارية القطاع الإستشفائي اللبناني كقطاع مميز في المنطقة وكمقدم خدمات من الطراز الأول للمواطنين والأشقاء العرب أصبحت مستحيلة في ظل تسليم المستشفيات العديد من المستلزمات من دون دعم مصرف لبنان، أو وفق معادلات نقدية مختلفة عن آلية ونظام الدعم الذي كان متفقا عليه ومعمولا به وبالعملات الصعبة، إلى جانب إعلان عدد كبير من الموردين وبصراحة عدم استعدادهم لمتابعة تقديم المعاملات الى المصرف المركزي ما لم يقم هذا الأخير بمعالجة كل المعاملات المتراكمة لديه لصالحهم”.
اضاف: “إزاء هذا الواقع الأليم والتخبط والتعثر وعدم الوضوح في الرؤيا والبرنامج وإنعدام المسؤولية، فإن المستشفيات اصبحت عاجزة عن متابعة إستلام المستلزمات بتكاليف متفاوتة، بين دعم بنسبة 85% آخذ بالإنحسار ودعم بنسبة 50% او اقل، وصولا الى نسبة صفر بالمئة”. وشدد على أن “إستمرار هذه الممارسات يعرض حياة المرضى للخطر ويكبد المستشفيات خسائر فادحة لا يستطيع أي منها تحملها. وعليه، في هذه الظروف، لا يعقل أن يتراوح معدل سعر الصرف لمشتريات المستشفى بين 2500 ل.ل. و9000 ل.ل. وتبقى فاتورة الإستشفاء على سعر الـ1500 ل.ل”.
وتابع: “وإذا اردنا اعطاء بعض الأمثلة الحسية والحيوية نورد ما يلي على سبيل المثال لا الحصر، كلفة جلسة غسل الكلى قد ارتفعت حوالى 100،000 ل.ل. للجلسة الواحدة، اي ما نسبته 65%، علما ان تسعيرة الجلسة لدى الجهات الضامنة العامة ما زالت بسعر 154،000 ل.ل. وهذا الإرتفاع مرده الى إرتفاع كلفة المستلزمات التي يفترض ان تحظى بالدعم ولكن بنسبة 85% نظريا، عدا عن كلفة قطع الغيار والمستلزمات التي هي خارج إطار الدعم. فهل يستطيع المستشفى تحمل ما يزيد عن 1،5 مليار ليرة لبنانية سنويا فقط عن اعمال غسل الكلى؟ ام هل يستطيع المريض تحمل فارق التكاليف اي ما معدله 1،350،000 ل.ل شهريا؟. كلفة عملية تمييل القلب او القسطرة وتوسيع الشرايين بواسطة البالون والرسور قد إزدادت بما لا يقل عن ثلاثة ملايين ليرة لبنانية تبعا للحالة وكلفة عملية القلب المفتوح إزدادت بمعدل أربعة الى خمسة ملايين ليرة لبنانية تبعا لطبيعة الحالة ومستلزماتها، وكلفة عمليات الجراحة العامة قد إزدادت ما بين ثلاثة ملايين وخمسة ملايين ليرة لبنانية، وتعرفة الإقامة المعتمدة لدى الصناديق العامة في اليوم ما زالت 90.000 ل.ل. بما فيه 3 وجبات طعام وتمريض ومراقبة ومستلزمات طبية وغسيل وسواها، ومعدل كلفة الامصال والغازات الطبية قد ارتفعت بنسبة 40 – 50%، وكلفة معالجة النفايات الطبية المعدية قد ازدادت بنسبة تفوق 250%”.
واردف: “إن المستشفيات المجتمعة ههنا، إذ تشكر كل العاملين فيها من أطباء وممرضين واداريين وتقنيين وعمال وسواهم على الجهود الجبارة التي يبذلونها في سبيل خدمة المرضى، الذين سقط ولا يزال يسقط منهم العديد من الشهداء ومصابي الواجب، فإنها ترفع الصوت وتطلق الصرخة في سبيل العمل على إنقاذ القطاع الإستشفائي والصروح الإستشفائية العريقة والمرضى والعاملين في القطاع قبل فوات الأوان وذلك عبر تحقيق المطالب التي يمكن تلخيصها بما يلي:
– تسريع معاملات دعم الأدوية والمستلزمات الطبية في مصرف لبنان وزيادة الشفافية والإلتزام بمعايير واضحة ومحددة.
– إعداد لوائح تعريف بالمستلزمات الطبية والأدوية المدعومة بالتشاور مع النقابات المعنية ونشرها للمعنيين منعا للتلاعب والتهريب.
– دعم المعدات والأدوية المستعملة في المستشفيات وفقا لمعدلات استهلاكاتها لمنع التلاعب وهدر المال العام.
– دعم علاج الأمراض المزمنة ولا سيما علاج غسل الكلى بنسبة 100%.
– شمول الدعم المستلزمات الطبية الخاصة بمعالجة الكورونا ولا سيما مستلزمات الحماية الشخصية للعاملين (PPEs) والمعقمات الطبية لغرف العمليات والعزل والطوارئ وسواها مما يساهم في الحد من ارتفاع كلفة فاتورة إستشفاء مرضى الكورونا.
– مراجعة جداول الأسعار المعتمدة لدى مختلف الصناديق الضامنة ولا سيما هيئات القطاع العام والتي ما زالت قيمتها على أساس سعر صرف 1500 ل.ل. وذلك في حال عدم معالجة موضوع الدعم لدى مصرف لبنان.
– تسديد المعاملات العالقة لدى مصرف لبنان لصالح الموردين لغاية 31/12/2020 بغية تمكينهم من تحويل الأموال اللازمة الى الشركات الأم وإعادة تغذية مخزون المستلزمات والأدوية في حده الادنى”.
وبالنسبة للوضع المالي، اشار التجمع إلى أنه “حتى اليوم لم يجر تحصيل قيمة أي فاتورة عائدة لعلاج مرضى الكورونا من قرض البنك الدولي، كما اننا لم نحصل سوى على جزء ضئيل من مستحقاتنا العائدة للعام 2020، لذلك نطالب بتحويل سائر مستحقاتنا الموجودة لدى مختلف الهيئات الضامنة الى وزارة المالية، تسديد الحقوق المتوجبة من قبل وزارة المالية، المباشرة بتسديد فواتير علاج مرضى الكورونا المتراكمة منذ أكثر من سنة، ضرورة اعتماد سعر صرف المنصة المصرفية او ما يوازيها بدل سعر الصرف الحالي للدولار على الـ1500ل.ل للتعرفات المطبقة حاليا وذلك ابتداء من الاول من آذار 2021، إبقاء المستشفيات خارج إطار لعبة تقاذف المسؤوليات ورمي التهم جزافا، وإحالة اي مخالف او مقصر الى الهيئات المعنية بعد ثبوت التقصير أو الإهمال أو المخالفة”، مشددا على أن “تحقيق هذه المطالب فورا هو المدخل الأساس لحل الأزمة الخانقة وإنقاذ قطاع كامل كان وما زال فخر لبنان، كما أن اي تلكؤ او تأخر في ذلك سينعكس سلبا على فاتورة الإستشفاء الآخذة بالارتفاع والتي ستطال كل المستفيدين من الخدمات والتقديمات ولا سيما المرضى”.
واذ اكد التجمع انه “أم الصبي”، أعلن أنه سيقف “سدا منيعا أمام كل السياسات الخاطئة، وسنسعى جاهدا للحفاظ على نوعية الخدمات رغم كل التحديات، وسنفسح المجال أمام المعنيين لغاية نهاية الأسبوع المقبل لمعالجة ما تقدم، كي لا نضطر آسفين ومكرهين لاتخاذ الإجراءات التي تمليها علينا أوضاعنا وظروفنا المهنية، وما يقرره أو لا يقرره أصحاب الشأن. من له أذنان سامعتان فليسمع، اللهم اننا بلغنا فلا يزايدن علينا أحد”.
والمستشفيات الجامعية المشاركة هي: مستشفى أوتيل ديو دو فرانس، المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت، مستشفى سيدة المعونات، مستشفى القديس جاورجيوس الجامعي، مركز الجامعة اللبنانية الأميركية الطبي – مستشفى رزق، مستشفى جبل لبنان والمستشفى اللبناني الجعيتاوي الجامعي.