أصدر مصرف لبنان أمس التعميم الأساسي الرقم 156، «المُتعلّق بمعالجة مخالفات المصارف في تسويق الأسهم التفضيلية»، يطلب فيه من المصارف «التي لم تُسدّد نسب الأرباح عن العام 2019 وما يليه، العائدة للأسهم التفضيلية الصادرة عنها والتي تمّ تسويقها لأفراد على أساس أنّها مضمونة الفوائد، أن تدفع فائدة لهؤلاء العملاء بنسبة توازي النسبة المُتفق عليها معهم في شروط إصدار هذه الأسهم». أما المصارف التي لا تتقيّد بدفع الفوائد فعليها أن «تُكوّن مؤونة خاصة بعُملة إصدار هذه الأسهم توازي قيمتها ثلاثة أضعاف مجموع الأرباح غير المدفوعة للأسهم التفضيلية، وإما تكوين احتياطي خاص لدى مصرف لبنان (مِن) دون أي فائدة بعملة إصدار الأسهم تُوازي قيمتها ثلاثة أضعاف مجموع (تلك) الأرباح».

الأسهم التفضيلية هي «مُنتج» تبيعه المصارف بهدف تعزيز أموالها الخاصة، من دون أن يملك حملة هذه الأسهم حقّ التصويت في الجمعية العمومية، ولكنّهم يتمتعون بحقّ الحصول على الأرباح قبل حملة الأسهم العادية وامتياز نَيل عائدات تصفية المصرف في حال إفلاسه قبل الأسهم العادية. ويُفترض أن يكون واضحاً في عقد البيع أنّه يُمكن للمصرف عدم تسديد الأرباح أو الفوائد إذا لم يُحقّق أرباحاً في إحدى السنوات المالية، من دون أن يُعتبر التأخير «تراكمياً»، فلا يُضاف إلى السنوات اللاحقة.
وتشرح المادة الثانية من القانون 308 (إصدار أسهم المصارف والتداول بها وإصدار سندات الدين وتملّك العقارات من قِبَل المصارف) أنّه «في حال لم تُدفع الأرباح السنوية للأسهم التفضيلية عن ثلاث سنوات مالية، يكتسب أصحابها حقّ التصويت في الجمعية العمومية للمصرف، إلى حين انقضاء السنة المالية التي يتم فيها دفع كامل أنصبة الأرباح». إذاً، في نصّ القانون تثبيت لـ«حق» المصارف في عدم دفع الفوائد والأرباح من دون أن يُعتبر ذلك «تعثّراً»، فلماذا وصف تعميم «المركزي» التخلّف عن الدفع بـ«المخالفات»، مُجبراً المصارف على تسديدها أو تكوين مؤونات عليها؟
تُرجّح مصادر مصرفية أن يكون كبار حملة الأسهم التفضيلية، الذين هم إجمالاً من كبار المودعين، «مارسوا ضغوطاً على سلامة ليحصلوا على الأموال». وبما أنّه يجب أن تُدفع الفوائد بعُملة السهم، ومُعظمها بالدولار، «فستُحوّل إلى حسابات الزبائن كدولار محلّي». تعترف المصادر المصرفية بأنّ المُخالفة «حصلت سابقاً عند بيع الأسهم التفضيلية، حين بيعت أغلبيتها كودائع ولم توضّح الشروط، وتحديداً إمكانية عدم دفع الفوائد والأرباح، للزبائن.

المخالفة حصلت عند بيع الأسهم التفضيلية كودائع من دون توضيح شروطها

عادةً ما تُكتب العقود باللغة الانكليزية فقط، ولا يتمّ تصنيف الزبائن لتحديد من يُمكن بيعه السهم التفضيلي».
في التعميم الأساسي الرقم 82، أي «النظام التطبيقي لإصدار أسهم المصارف اللبنانية والتداول بها»، يُذكر أنّه «يُقدّم طلب الحصول على موافقة المجلس المركزي لمصرف لبنان على إنشاء الأسهم التفضيلية من قبل المصرف المعني إلى أمانة سرّ حاكم مصرف لبنان…». فإذا كان «المركزي» مُطلّعاً على ما تُصدره المصارف، ولجنة الرقابة على المصارف تُرسل بشكل دائم مُراقبين للتأكد من عمل المصارف، وهيئة الأسواق المالية مُفترض أن تُتابع باستمرار تصنيف الزبائن والمُنتجات المعروضة عليهم، فلماذا انتظر الحاكم، رياض سلامة، إلى يوم أمس لـ«تهديد» المصارف؟ مصادر الأخيرة تعتبرها «استمرارية لنهج سلامة الجديد بتحميل المسؤولية كاملة للمصارف وإظهار نفسه ضنيناً على مصالح المودعين»، مُستبعدةً أن تتمكّن أغلبية البنوك من دفع الأرباح، «كما أنّ تكوين المؤونات يعني تسجيل المزيد من الخسائر في ميزانيات المصارف المُثقلة». اللافت كان عدم إشارة تعميم مصرف لبنان إلى «سندات الدين المرؤوسة». هذه السندات تُصدرها المصارف – بموافقة مصرف لبنان – وتدخل ضمن أموالها الخاصة، وتتقدّم في التراتبية على «الأسهم التفضيلية»، وتلتزم المصارف بإيفاء قيمتها في حال توقف المصرف عن الدفع أو في حال تصفيته. أيضاً، وبسبب تراجع أرباح المصارف عام 2019، أعلن عدد منها عدم تمكّنه من تسديد فوائد هذه السندات. فلماذا اهتم سلامة فقط بحملة الأسهم التفضيلية؟