خالد البواب – أساس ميديا
لا توحي المعطيات المتوافرة لبنانياً بأيّ قدرة على تحقيق خرق في جدار أزمة تشكيل الحكومة. ما نجح الرئيس نبيه بري في انتزاعه، هو التهدئة ووقف حرب البيانات والمواقف بين التيارين البرتقالي والأزرق. لا مؤشّر جديد يوحي بإمكان تشكيل الحكومة. فالحريري غير متحمّس لأنّه على يقين بأنّ التعاون مع الرئيس ميشال عون والنائب جبران باسيل أمر مستحيل. ورئيس الجمهورية لن يوقّع على تشكيلة حكومية برئاسة سعد الحريري إلا إذا كانت حكومة استسلام وهزيمة بشكل كامل.
لم يعلن الرئيس نبيه بري وقف مبادرته بعد. يفضّل أن تبقى حاضرة فوق الطاولة. والجميع من مصلحته ذلك أيضاً كسباً للوقت، ولعدم الإعلان الرسمي عن موت كل المبادرات.
لكن على هامش الفشل في تحقيق تقدّم على خطّ تشكيل الحكومة، توصّلت الأطراف إلى أربع نقاط ثبّتتها مرحليّاً، وهي: لا حكومة، لا اعتذار، لا استقالات من المجلس النيابي، ولا انتخابات نيابية مبكرة.
لا تنفي شخصية سياسية وازنة اعتذار الحريري، لكن في الخريف المقبل، على مشارف الانتخابات النيابية، مقابل التنسيق والاتفاق على تشكيل حكومة لإدارة الانتخابات برعاية دولية
لاءاتٌ نجح الرئيس نبيه بري في انتزاعها، إلى جانب حزب الله، من الحريري وجبران باسيل معاً. تولّى برّي ذلك مع الرئيس المكلّف، فيما تولى الحزب التعاطي مع رئيس التيار الوطني الحرّ بهذا الصدد.
– لا حكومة للأسباب المعروفة. إذ بدأت كلّ القوى السياسية تتعاطى بحسابات انتخابية، ولا يمكن التنازل لتشكيل الحكومة لأنّ ذلك سينعكس سلباً على الواقع الشعبي للأحزاب والقوى السياسية.
– لا اعتذار حتّى الآن، لأنّ الحريري لا يريد أن يخسر رئيس مجلس النواب نبيه بري، إذ إنّ الاعتذار سيكون مطروحاً في وجهه، وكذلك بالنسبة إلى الاستقالة من المجلس النيابي.
– أمّا عدم الاستقالة من المجلس والذهاب إلى الانتخابات المبكرة، فالتيار الوطني الحرّ تبلّغ من حزب الله رفض هذين الطرحيْن، إضافةً إلى أنّه يعاني أزمة شعبية حقيقية داخل الشارع المسيحي.
وسط هذه المعادلات التي يتم تثبيتها، لا تنفي شخصية سياسية وازنة اعتذار الحريري، لكن في الخريف المقبل، على مشارف الانتخابات النيابية، مقابل التنسيق والاتفاق على تشكيل حكومة لإدارة الانتخابات برعاية دولية. وهذا توجّه أصبحت تصرّ عليه جهات دولية عديدة، وفق ما تؤكّد مصادر دبلوماسية فرنسية لـ”أساس”، وتشير إلى أن لا مجال للوصول إلى أيّ حلول في هذه المرحلة. ولذلك لا بدّ من التركيز على الانتخابات النيابية، كمرتكز أساسي للتغيير في المرحلة المقبلة.
لا تتوقّع المصادر الفرنسية حصول تغيير كبير في موازين القوى الانتخابية، لكن سيكون هناك مؤشّر أساسي يمكن الاستفادة منه من خلال بعض الخروقات التي ستُسجّل في بعض المناطق. ولا تنفي المصادر الدبلوماسية وجود أسباب عديدة غير الخلافات الشخصية التي تحول دون تشكيل الحكومة، وصولاً إلى حدّ تعبير أحد الدبلوماسيين أمام مسؤولي حزب الله أنّه لو كان الحزب يريد تشكيل الحكومة لتشكّلت سريعاً. لكن من الواضح، من خلال السلوك الذي ينتهجه الحزب، أنّه يستثمر بالخلافات البينيّة بين سعد الحريري وجبران باسيل، وتحميلهما معاً مسؤولية التعطيل، كي لا يتحمّلها الحزب.
هكذا، وفي ظلّ الفشل في تحقيق أي خرق جدي، يستمرّ رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل بالعمل على تطويق الحريري من خلال سلسلة تحركات:
– أولاً تواصل غير علني وغير مباشر مع جهات خارجية في محاولة لتعزيز علاقاته وشرح وجهة نظره.
– ثانياً، من خلال الإيحاءات التي يقدّمها إلى بعض الدول العربية والخليجية في محاولة ليتقرّب منها على حساب الحريري، وهو لا يزال يقول في مجالسه إنّ الحريري انتهى سياسياً وسنّياً وعربياً، ولذلك لا يمكن إعادة تعويمه في الداخل، وقد قال لحزب الله: “أنتم الذين تعملون على تقوية الحريري”.
– ثالثاً، يلتقي باسيل بشكل شبه يومي مع شخصيات من الطائفة السنّية للإيحاء بأنّه يبحث عن شخصية ترئس الحكومة بدلاً من الحريري.
وتكشف مصادر متابعة لـ”أساس” أنّ من بين الشخصيات التي يلتقيها باسيل، جمال الكبّي، نجل الوزير الراحل جميل كبّي، وهو مدير البنك الدولي في دولة الإمارات العربية المتّحدة، وفيصل كرامي، وجواد عدرا، وعبد الرحمن البزري.