كتبت ليلى دندشي
في إطار الملف الصحي والطبي نتوقف عند حلقة جديدة نتناول فيها تاريخ إنشاء المستشفيات في مدينة طرابلس ففي العام 1908 ومع إعلان الإصلاحات الدستورية العثمانية، تم تعيين عزمي بك متصرفا تركيا في طرابلس وكان يتمتع برؤى إصلاحية وإشتهر بمتابعته تنفيذ عدّة مشاريع عمرانية وحيوية في المدينة، حيث وفد إليه يوما مجموعة من أعيان ووجهاء طرابلس وأبلغوه نيتهم في تشييد مستشفى حكومي في المدينة، وطلبوا مشورته في إختيار الموقع، وبعد تفكير وتمحيص إقترح عزمي بك على الحضور المجيىء بقطع كبيرة من لحم الماشية، وتوزيعها على عدة مناطق في أنحاء مختلفة في المدينة، على أن يتم إختيار موقع المستشفى في المنطقة التي يظل فيها اللحم النيء بعد أيام صالحا أكثر من سواه في بقية المناطق.
وهكذا كان حيث إكتشف أعيان المدينة أن منطقة أبي سمراء ذات الهواء الجاف نسبيا لوجود أشجار الزيتون بكثافة إضافة إلى موقعها الجغرافي قد سمح للحم أن يبقى صالحا فيها زمنا أكثر مما كان الحال في بقية المناطق.
فكان أن تم بناء المشتشفى المذكور على تلة مشرفة على المدينة وجرى تجهيزه وتأمين الدعم لهمن المتصرفية التي كانت تتبع والي سوريا آنذاك مدحت باشا.
وإستمر العمل في المستشفى الحكومي بأبي سمراء حتى العهد الإستقلالي حيث اُقرّ الرأي على بناء مستشفى حكومي جديد في منطقة القبة بجوار الثكنات العسكرية وتم وضعه بإدارة الراهبات على غرار الوضع في بقية المستشفيات الحكومية في المحافظات اللبنانية آنذاك.
أمّا مستشفى أبي سمراء فقد تم تحويله في وقت لاحق إلى مستشفى للعجزة وما يزال عاملا إلى اليوم بإدارة جمعية الخدمات الإجتماعية، في حين يتبع مستشفى طرابلس الحكومي في القبة لوزارة الصحة.
مستشفى عبد اللطيف بيسار
في العام 1906 قرر الدكتور عبد اللطيف البيسار تشييد مستشفى في أرضه بمنطقة القبة عُرف آنذاك بالمستشفى الوطني، وإنتهى العمل في بنائه وتجهيزه في العام 1911، غير أن هذا المبنى الكائن بجوار الثكنات العسكرية وكليات الجامعة اللبنانية (سابقا) تضرر في أحداث العام 1975 وما لبث أن “تزعزعت” أركانه منذ سنوات قليلة.
مستشفيات في التل- مستشفى عادل الشيخ
مع إنتهاء الحرب العالمية الأولى عاد الدكتور عادل الشيخ إلى طرابلس بعد أن تم تجنيده كطبيب في الجيش العثماني، وأقام مستشفى في الطبقة الثالثة والأخيرة في مبنى الأوقاف في ساحة الكورة بجوار ساحة التل وطبعا أقفلت المستشفى أبوابها مع وفاة صاحبها.
مستشفى النيني
وحول الساحة المذكورة وبجوارها اُقيمت بضع مستشفيات، فأنشأ الدكتور وهيب النيني مستشفى في شارع يزبك وما يزال هذا المبنى قائما إلى اليوم وقد تحول إلى خربة، بعد أن بنى الدكتور نيني مستشفى جديدا في أواخر ستينات القرن الماضي بالقرب من معرضّة على مراحل طوال الفترة الماضية.
مستشفى حِتي
وأقام الدكتور يوسف حتي مستشفاه قبالة الجهة الغربية من حديقة التل (المنشية) وكان المبنى موجودا حتى تهدم مع المباني المجاورة ومنها قصر محمد باشا وبناية البابا حيث كان موقع مقهى (البيكاديللي) وبوسطة طرابلس (البريد) ومعمل نجم لصناعة المرطبات، وقد جرى هدم هذه المباني جميعها وإستبدالها بمجمع للمكاتب.
مستشفى شاهين
أنشأ الدكتور شاهين شاهين في شارع المالية بجوار مقهى التل العليا مستشفاه الذي حمل إسمه حيث ما يزال موجودا وعاملا إلى اليوم.
مستشفى عبد الله البيسار
في المنطقة المسماة إلى اليوم بشارع المدارس بنى الدكتور عبد الله البيسار مستشفى من عدّة طبقات وما يزال هو الآخر يستقبل المرضى إلى اليوم.
المستشفى الإسلامي من شقة سكنية إلى مبنى
تداعى أعيان المدينة إلى إنشاء مركز طبي سُمّي بالمستشفى الإسلامي وجرى إختيار الطبقة الأولى من بناية الأوقاف قبالة صيدلية الملكي اليوم عند بولفار طرابلس الرئيسي وقد إستمر إلى سنوات قبل أن يشتري مجلس الإدارة مبنى مستشفى ال( I.P.C.) الذي كان قائما في شارع عزمي (أي موقع المستشفى الإسلامي اليوم) وكان تابعا في السابق إلى شركة نفط العراق، حيث توسع العمل فيه واُلحقت به أقسام مختلفة ووُضع في خدمة الفئات الفقيرة والمعوزة بأسعار رمزية ثم جرى تشييد بناء مجاور تابع لمجلس إدارة المستشفى الإسلامي وتم تخصيصه للعلاج العادي المتبع في سائر المستشفيات.
وعلى مقربة من المستشفى الإسلامي تم إنشاء المستشفى الوطني الذي توقف خلال سنوات الحرب وتم تحويله إلى مكاتب تجارية وخدماتية.
مستشفى المنلا
وبنى الدكتور طارق المنلا مستشفى خاصا على طريق الميناء حيث خضع المبنى المؤلف من خمس طبقات وطبقتين تحت الأرض إلى تحسينات وإلى ضم أجنحة وأقسام جديدة على مراحل.
مستشفى المظلوم
عند عودته إلى طرابلس بعد تخصصه في الجراحة العامة أقام الدكتور نزيه مظلوم مستشفى في الطبقة الأولى والثانية من مبنى المظلوم في شارع المصارف، وفي مطلع السبعينات من القرن المنصرم بنى مستشفى حديثا في منطقة الضم والفرز خلف مبنى مصرف لبنان، خضع هو الآخر إلى التوسعة وضم أجنحة جديدة في السنوات الأخيرة.
المستشفى اللبناني
وأقيم في منطقة الجميزات المستشفى اللبناني بإدارة الدكتور الجراح انطوان مرعب حرب يعاونه الدكتور إدمون غصين.
مستشفى هدية الرفاعي
وتتفرد الدكتورة هدية الرفاعي بأنها الطبيبة الطرابلسية الوحيدة حتى اليوم التي أنشأت مستشفى خاصا بالأمراض النسائية والولادات، كان قائما في طريق الميناء ولكنه إندثر وزالت معالمه بعد حرب السنتين بفعل التوسّع العمراني في المنطقة، وكان المستشفى تابعا لبلدية طرابلس اواخر العهد العثماني حيث كان مركزا للحجر الصحي.
المستشفى الأهلي
عند أول البولفار المؤدي إلى الميناء وبالقرب من دائرة التربية اليوم أقام الدكتور راسم ذوق المستشفى الأهلي الخاص بطب الأطفال، كما إفتتح الدكتور سميح علم الدين مستشفاه في المبنى المذكور، وبوفاتهما بيع المبنى وتم هدمه وإرتفعت مكانه بناية سكنية حملت إسم بناية الأهلي.
مستشفى الأمهات
قبالة ثانوية طرابلس الرسمية (الملعب) أقام الدكتور توفيق فرح والدكتور ملحم اسود مستشفى الأمهات للولادة ولكن العمل توقف فيه بعد سنوات وبوشر بهدم المبنى لإقامة بناية سكنية.
دار التوليد
كما بُني مستشفى دار التوليد في شارع متفرع من شارع “عزمي بك” وكان الدكتور سمير ابو رستم من اشهر الأطباء فيه ولكنه ما لبث أن نقل عمله إلى مستشفى النيني وتغيرت وجهة إستخدام هذا المستشفى.
.. وفي الميناء
أما في الميناء فقد إفتتح الدكتور عفيف عبد الوهاب مستشفى خاصا له قرب ساحة الشراع ولكن معالم البناء اُزيلت منذ فترة. كما أنشأ الدكتور شاكر الشهال مستشفى خلف مبنى مستشفى الأمهات وإنتقلت ملكيته في المدة الأخيرة إلى بيت الزكات والخيرات وسُمي بمستشفى “الحنان”.
وقبيل الأحداث في العام 1975 تم إفتتاح مستشفى “مستشفى اورانج ناسو” بدعم من الجهات المانحة ووضع بتصرف وزارة اصحة عند تقاطع طريق المئتين وهو حاليا متخصص بالولادات.
وفي منطقة البيئة الميناء إفتتحت البعثة الأميركية مستشفى خاصا عُرف بالمستشفى الأميركي او مستشفى الدكتور بويز وإشتهر بأطبائه الأميركيين او المتخرجين من كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت.
كما بنى الدكتور هاشم الحسيني مستشفى عند المدخل الشرقي للميناء وإستمر في العمل حتى امد قريب .
.. في التبانة وجبل محسن والبحصاص
وإشتهر مستشفى الدكتور مصطفى نشابة في التبانة بأنه المستشفى الوحيد في تلك المنطقة الشعبية المكتظة بالسكان، وتوقف بعد وفاة صاحبه.
كما بنى الدكتور البير هيكل مستشفى هيكل في محلة الهيكلية عند المدخل الجنوبي لطرابلس وتم توسعة المستشفى وزيادة اقسام جديدة على المبنى.
وأقام الدكتور غبريال السبع مستشفى السلام عند المدخل الجنوبي لأوتستراد طرابلس وتمت توسعته وزيادة اقسام عدة فيه لاسيما لمعالجة الحروق.
وخلال ثمانينات القرن المنصرم أقام عدد من الأطباء ورجال الأعمال مستشفى ومجمع طبي في محلة البحصاص حمل إسم مستشفى طرابلس وعُرف بأنه مختص بأمراض القلب.
ومن أمد قريب إفتتح مستشفى الشفاء في منطقة ابي سمراء وهم تابع للجمعية الطبية المنبثقة عن الجماعة الإسلامية ويضم مركزا للإسعاف العام (جهاز الطوارىء والإغاثة).
وبذلك تكون طرابلس قد شهدت على إمتداد مئة سنة تقريبا قيام 30 مستشفى في داخلها وعند أطرافها وبعضها زالت معالمه أو تهدم وواصل العدد الأكبر اعمال التوسعة وزيادة الأسرة وإدخال التحسينات وإستحداث الأقسام الطبية والصحية الجديدة ومواكبة متطلبات العصر والتقدم.