
يكافح أطفال لبنان للحصول على الغذاء والدواء والرعاية الصحية الأوّلية في بلد يغرق كلّ يوم في أزماته العقيمة، في وقت يواصل الدولار تحليقه. لم تهزّ صرخة الأطباء والمعنيين باحتواء الأزمة أفكارَ المسؤولين، ولم تؤدِّ إلى حلول معقولة ومقبولة للأسر ذات الدخل المحدود، ولم تنجح نداءات العاملين في الجمعيّات الحقوقيّة المعنيّة بالأطفال في وقف الانزلاق المدوّي والقاسي.
يعاني لبنان من شحّ فاضح في مقوّماته الأساسيّة، فلا دواء، ولا غذاء، ولا محروقات! يعيش الأطفال في دوامة العوز والفقر، وتعكس الأرقام وحدها الواقع المخيف الذي نعيش فيه. تؤكّد اليونيسف أن “الأرقام الحديثة التي ستعلن عنها في 23 تشرين الثاني بمناسبة اليوم العالمي للطفل تُظهر زيادة سوء الحال أكثر، وأن الوضع يزداد صعوبة.”
كشف تقييم سريع أجرته اليونيسف في نيسان 2021 أن 80% من أطفال لبنان أصبحوا أسوأ حالاً ممّا كانوا عليه في بداية العام 2020. وأتت تداعيات الأزمات المتتالية خطيرة على النظام الصحي الذي يعاني أساساً من الضائقة الاقتصادية وجائحة كورونا.
وأظهر الاستطلاع أن “30% من الأطفال لا يتلقّون الرعاية الصحيّة الأوّلية التي يحتاجون إليها. في المقابل، 76% من الأسر قالت إنّها تأثّرت بارتفاع أسعار الأدوية الهائل، فيما انخفضت نسبة استشارات طبّ الأطفال والصحّة الإنجابيّة بنسبة 15% في العام 2020 مقارنة بعام 2019.”
برأي ممثلة اليونيسف في لبنان يوكي موكو لـ”النهار” أن “هذه السنة يعيش مئات آلالاف الأطفال في لبنان من دون أساسيات البقاء. فقد أظهر أحدث مسح أجرته اليونيسف بين العائلات من جميع الجنسيات كيف تؤثر الأزمة الرهيبة على كلّ جوانب حياة الأطفال في لبنان. العديد من العائلات لا تستطيع تأمين أساسيّات البقاء على قيد الحياة لأطفالها، بما في ذلك الطعام والدواء، إذ كشفت استطلاعاتنا أن أكثر من 30% من الأطفال لا يتلقّون الرعاية الصحية الأولية التي يحتاجونها، وأن الزيادة في أسعار الأدوية تؤثر على جميع العائلات من دون استثناء.
وتُضيف المسؤولة الأمميّة أننا “قمنا بتوسيع نطاق برنامجنا لمساعدة المزيد من الأطفال الضعفاء، لكن تبقى الاحتياجات هائلة، إذ يحتاج أطفال لبنان إلى اتخاذ إجراءات عاجلة من قبل المؤسّسات العامة لتأمين أساسيات العيش، وضمان رفاه ونمو كلّ طفل”.