صحيح ان الزلزال الجديد الذي ضرب المرفأ ولبنان بكف يد المحقق العدلي في جريمة 4 آب القاضي فادي صوان، حجب الاهتمام الشعبي والسياسي عن ملف تأليف الحكومة، الا ان الايام لا بل الساعات القليلة المقبلة ستكون كفيلة بإعادته الى الصف الاول، ليس فقط لكون التحقيقات في “بركان بيروت” ستسلك من جديد المسار القانوني – القضائي غير معلوم النتائج اثر تعيين محقق عدلي جديد هو طارق بيطار، بل بفعل الازمة المالية – المعيشية الآخذة بالاشتداد لحظة بعد لحظة، والتي تتطلب حكومة، اليوم قبل الغد، وبفعل جملة مواقف سياسية منتظرة من عملية التشكيل في الساعات المقبلة.
غدا، يتحدث رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل الى اللبنانيين، في كلمة ستعرض لمختلف المستجدات لكن ستتوقف عند ملف التأليف في شكل خاص. القوى السياسية المعنية بالكباش الدائر فوق هذه الحلبة، أدلت كلّها بدلوها، من الرئيس المكلف سعد الحريري، مرورا برد بعبدا ودوائرها عليه، وصولا الى الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، ويبقى باسيل. والسؤال الذي يفرض نفسه هنا، وفق ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”، هو ما الذي سيقوله الزعيم البرتقالي؟ هل سيكتفي بالرد على الحريري الذي يتّهمه بالعمل على الاستحصال وحيدا على الثلث المعطل في الحكومة وسيتهمه بتجاوز المسيحيين وحقوقهم وبالاعتداء على صلاحيات رئيس الجمهورية وبالكيل بمكيالين بحيث يعطي للملسمين والدروز ما يحرم المسيحيين منه، مكتفياً بذلك بمواصلة “ماتش” المصارعة مع بيت الوسط؟ ام هل يمكن ان يطرح حلولا تخرج التشكيل من المأزق الحالي؟ الرجل قد يطرح وفق المصادر، البقاء خارج الحكومة، لكن اذا كانت هذه الخطوة تعني ان يستمر الرئيس ميشال عون بالنيابة عنه في المطالبة بالحصول على الثلث، فإن هذا الطرح لن يقدّم ولن يؤخّر. هل يمكن ان ينطلق مما اقترحه نصرالله الثلثاء فيطالب الحريري برفع عدد الوزراء الى 20 ويتخلى هو – اي باسيل – في المقابل عن الثلث المعطل؟ اذا طلب منه فقط توسيع الحكومة من دون التنازل الثاني، فهذا ايضا، سيبقي الازمة قائمة.
المطلوب اذا، لكسر المراوحة، ليونة رئاسية – برتقالية، واقتناع بأن تحكّم اي فريق بقرار الحكومة، سيهشّل الداعمين والدول المانحة، اي ان اي حكومة سياسية او تكنو – سياسية، جديدة، ستنال مصير حكومة حسان دياب التي قاطعها العالم بأسره. هذا الموقف الذي بات الجميع في لبنان يعرفه، وقد أكد عليه تباعا، الفرنسيون والاوروبيون والاميركيون والمصريون والقطريون والخليجيون والامم المتحدة، على مر الاسابيع الماضية، تأكد من جديد خلال الزيارات التي قام بها الرئيس المكلف الاسبوع الماضي الى الدوحة وابو ظبي. فقد اكد أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، للحريري، موقف بلاده الداعم للبنان وشعبه الشقيق، داعيا جميع الأطراف اللبنانية إلى تغليب المصلحة الوطنية للإسراع في تشكيل حكومة جديدة لمواجهة الأزمات والتحديات التي يتعرض لها لبنان… اما في الامارات، فأطلع الحريري، ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد آل نهيان، على مشاورات تشكيل الحكومة المتعثرة وآخر التطورات والمستجدات على الساحة اللبنانية، أعرب آل نهيان، عن تمنياته “بنجاح مهمة تشكيل حكومة لبنانية تراعي المصلحة الوطنية وتتجاوز الخلافات وتكون قادرة على مواجهة التحديات المختلفة التي تحيط بالبلاد”.
فهل يقول باسيل غدا ما يساعد في دفع الحكومة الى النور؟ اما ان ساعة الافراج عن الحكومة “اقليميا” لم يدق بعد؟