كتبت كلير شكر في “نداء الوطن”:
كان يفترض، وفق المطلعين على حركة رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي، أن يكون لقاؤه مع رئيس الجمهورية، قبل تأجيله، واحداً من الجولات النهائية بعدما قطعت المشاورات شوطاً مهماً من التفاهم الثنائي بين الرجلين… إلى أن رمت القاضية غادة عون طابة مذكرة البحث والتحرّي بحق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ما أدى إلى تجميد حركة المفاوضات بين الرئاسة الاولى ورئيس الحكومة المكلف، بانتظار اتضاح الصورة.
يقول هؤلاء المطلعون إنّ ميقاتي كان يعمل على تذليل العقبات والعقد التي كانت قائمة بينه وبين رئاسة الجمهورية، لا سيما في ما خصّ الأسماء، وتحديداً وزارة العدل التي استعرضا حولها رزمة من الأسماء والترشيحات. كذلك الأمر بالنسبة لحقيبة الطاقة التي طُرح لتوليها خلال الساعات الأخيرة اسم مقبول من الفريقين بشكل ساعد على تقدم العملية التفاوضية. فيما كان يفترض أن يستكملا النقاش في سلّة التعيينات التي قد تقوم بها الحكومة فيما لو جرى تأليفها نظراً لتوسع اطار الشواغر في الادارات العامة خلال الفترة الأخيرة.
حتى ساعات الصباح الاولى كان المناخ ايجابياً ولو أنه لا يشي بامكانية اقتراب الولادة الحكومية التي بقيت تحت سقف الثلاث ثمانيات، مع العلم أنّ أياً من المعنيين لم يكن يتمتع بالقدرة على تحديد الاجابة على سؤال جوهري: هل سيوقع رئيس الجمهورية مراسيم حكومة الشغور الرئاسي، لا يملك فيها جبران باسيل اليد الطولى؟ فعلاً لا جواب.
لكن المطلعين على حركة الفريق العوني يعرفون جيداً أنّ هذا الفريق يشكو من “مؤامرة” دولية – محلية تعمل على اضعافه وضربه بالصميم، ويعتقد أنّ قرار حاكم مصرف لبنان الذي صدر في 11 آب الماضي والقاضي برفع الدعم نهائياً يصبّ في هذا المنحى. ولهذا سارع في حينه رئيس “التيار الوطني الحر” الى التحذير من مغبة هذا القرار. ثمة قناعة لدى الفريق العوني بأنّ واشنطن تمارس ضغطاً باتجاه تأليف حكومة لا تتناسب مع تطلعاته وأجندته السياسية خصوصاً وأنّ الدفع باتجاه الحكومة يحصل تحت وطأة البركان الشعبي، وما قرار مصرف لبنان إلا ليخدم هذا الهدف، ولذا كان لا بدّ من التصدي له بعدما رفض سلامة الانصياع للضغوط التي مورست عليه للتراجع عن قراره، ولم يجد الا حلاً وسطياً بتمديد المهلة حتى نهاية أيلول، على شرط نصف دعم لا أكثر.
ولهذا، يرى البعض أن قرار القاضية عون هو في اطار استكمال الضغوط التي تمارس بحق سلامة للعودة عن قراره والابقاء على حالة الدعم، كي لا يكون قراره بتحرير كل المشتقات النفطية والأدوية بمثابة الزيت الذي سيصب على نار الغضب الشعبي الآخذ في الاشتعال أصلاً.
ولعل هذا التطور هو الذي دفع ميقاتي الى تأجيل زيارته الى بعبدا، مع العلم أنّه لم يكن متأكداً ما اذا كان سيتوجه قبل الظهر أو بعده نظراً لكون العديد من الحقائب التي كانت محسومة في السابق، عادت وتعرضت للمراجعة والوقوع في فخ الاشكاليات. ما يعني أن بلاغ البحث والتحري الصادر بحق سلامة انضم الى سلسلة التعقيدات التي كانت قائمة بالأساس في ما خص الحقائب الوزارية، ولو أن بعض المطلعين يؤكدون أنّه سبق لرئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلّف ان تفاهما على تأجيل البتّ بمسألة سلامة الى حين انتهاء مشاورات التأليف.
وعليه قد يصير السؤال: هل سيتوقف سلامة عن فتح الاعتمادات للمشتقات النفطية بعد هذا التطور؟ من سيموّل البطاقة التمويلية الى حين وضع القروض الدولية موضع التنفيذ ووصول احتياطيات حقوق السحب من صندوق النقد الدولي اذا قرر حاكم المصرف الامتناع عن العمل؟