شعار ناشطون

هل يجب على اللبنانيّين تلقّي لقاح كورونا؟

06/01/21 06:34 am

<span dir="ltr">06/01/21 06:34 am</span>

عماد الشدياق – أساس ميديا

 

وسط استمرار الجدل حول لقاح كورونا بين اللبنانيين وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، من خلال المفاضلة بين هذا اللقاح أو ذلك، ضياعٌ آخر تعيشه وزارة الصحة اليوم، ويتمثّل في طريقة اختيار اللقاح المناسب للبنانيين تماشياً مع قدرتها المالية. فهل تعتمد لقاح “فايزر” أو “موديرنا” الأميركيين لنحو مليون لبناني بفعالية 95%، أم تعطيهم لقاح “أوكسفورد” البريطاني ذا الفعالية الأقل والسعر الأدنى، لكن لعدد أكبر بكمية المال نفسها؟

 

هل اللقاحات كلها آمنة؟ هل فعلاً إنتاج هذه اللقاحات استغرق سنة واحدة فقط وبالتالي مشكوك بفعاليتها حسبما حاولت بعض الشخصيات العامة الترويج من دون علم؟
في هذا الصدد، حاور “أساس” الطبيب اللبناني المقيم في الولايات المتحدة الأميركية نزار كبّار، الذي يشارك عن كثب في الإشراف على عمليات التلقيح، وهو متخصّص في الطب الداخلي والشيخوخة، ومستشار تنفيذي لتوزيع لقاح كورونا في ولاية كنساس الأميركية، شارحاً لـ”أساس” أهمية تلقي اللقاح بخلاف الشائعات التي تحذّر من عدم فعاليته او خطورته، ومبيّناً الفرق بين لقاحي “فايزر” و”موديرنا”، وخصوصاً الحديث عن  طريق حفظ اللقاح الأخير.
كبار أكّد أنّ “اللقاح ضرورة” بعد أن وجّه جملة من النصائح والتوصيات بالتأكيد أوّلاً على أنّ الخوف من أنّ اللقاح أُنتِج بسرعة قياسية هو كلام “ليس دقيقاً”، لأنّ فيروس “كوفيد – 19” جزء من عائلة كورونا الضخمة التي يدرسها العلماء منذ نحو 50 سنة ويعرفون سلوكها جيداً، ولذلك فإنّ ظهور “كوفيد – 19” جعل الصين تقدّم تركيبته الجينية في غضون عشرة أيّام فقط.
يقول الدكتور كبار إنّ هدف اللقاح الرئيسي هو “إنهاء الجائحة أو الوباء وليس إنهاء الفيروس بذاته”، أي بمعنى آخر، الحدّ من عدد الإصابات بالآلاف ليعود الفيروس إلى حدود المرض العادي، مثل الانفلونزا أو ما شابه.
ويشرح كبار كيفية انتقال الجائحة إلى مرض عادي من خلال الافتراض أنّ هناك 10 أشخاص في غرفة، وقد تلقى 7 منهم اللقاح. هؤلاء إذا زارهم شخصٌ مصابٌ، فإنّ احتمال إنتقال الفيروس إليهم هؤلاء بات ضئيلاً جداً ولن يستطيع إصاية إلا الأشخاص الثلاثة الذين لم يتّلقوا اللقاح، وهذا سيضع حداً لما يسمى في علم دراسة الأوبئة: super spreaders، أي بمعنى آخر سيوقف تفشّي الوباء دون القضاء على الفيروس. فاللقاح بكل بساطة قادر على كسر حلقة انتقال الفيروس من شخص إلى مجموعة، من خلال انتفاء وجود مركز استيعاب سهل ليقفز إليه. كما يؤكد أنّ علم الجينات تطوّر كثيراً وهذا قد مكّن العلماء من معرفة ما هو البروتين المسؤول عن تكوين المناعة عند الانسان، وذلك على عكس اللقاحات السابقة.
ويضيف أنّ تعاوناً بين العلماء من مختلف الجنسيات كان قائماً على قدم وساق ولم يشهد البحث عن اللقاح أي تنافس، بل أنّ الجهود المبذولة كسرت الحواجز البروتوكولية بين مراكز الأبحاث المنتشرة في الدول.
يضاف إلى ذلك أنّ “الحكومات مثل الولايات المتحدة، موّلت المشروع بغضّ النظر إن كان سينجح أم لا، وهذا الأمر أعطى العشرات من شركات الأدوية الدافع من أجل المضي قدماً في الأبحاث بغضّ النظر عن الخسارة المادية”.
أما عن فعالية اللقاح فيكشف كبار أنّ لقاحي “فايزر” و”موديرنا” عبرا كلّ البروتوكولات العلمية المطلوبة، والتاريخ “أثبت أنّ كلّ اللقاحات في الماضي كانت آمنة، وأثبت عدم وجود أيّ عوارض جانبية خطيرة، وإن لم نرَها في الأشهر الأولى. أما بالنسبة إلى العوارض الجانبية النادرة، فمن المستحيل معرفتها إلا بعد سنة أو سنوات عدّة”.
يلفت الدكتور كبار أنّ اللقاح الروسي “هو اللقاح الوحيد الذي بدأ توزيعه قبل استكمال المرحلة الثالثة، وهي مرحلة التجريب على البشر، ومن دون نشر معلومات كافية عنه”، منوّهاً في هذا الصدد إلى أنّ العقدين الماضيين شهدا قفزة نوعية في مجال استعمال الـ”نانو – تكنولوجي”، وأنّ العلماء تمكّنوا من إدخال الـmRNA إلى الخلية وإجراء تعديل بسيط عليها لجعلها أكثر فعالية في إنتاج البروتين.
أما عن طريقة عمل اللقاح، فيشير الدكتور كبار إلى أنّ طريقة الـmRNA  (أو لقاح الحمض النووي الريبي وهو نوع جديد من اللقاحات يعتمد على المادة الوراثية وتُعاد برمجته لإنتاج مضادّات للأمراض) لا يدخل الى نواة الخلية، وبالتالي “من المستحيل أن يغيّر اللقاح في التكوين الجيني للإنسان”، مذكّراً بأن الملايين يموتون بسبب هذا الفيروس، وعشرات الملايين يعانون من عوارض جانبية مزمنة بعد الشفاء منه كالاكتئاب والأوجاع، وبالتالي فإنّ المطلوب بشكل ملحّ هو “الابتعاد عن نظريات المؤامرة أو ما يشبه القول إن أكثر الحكومات تقدماً في العالم تقتل شعوبها من خلال إعطائها اللقاح، وإنّما على العكس من ذلك تماماً، فنحن مطالبون بتشجيع الناس على تناول اللقاح بدل مهاجمته”.
وعن الفرق بين اللقاحين يقول إنّ “فايزر فاعليته أعلى”، وقد يكون قادراً على “مدّ الطاعنين في السن (فوق الـ65 سنة) بمناعة أكثر، وهو أقوى من نظيره “موديرنا”. أما العوارض فأغلبها تُختصر بوجع اليد بعد تلقي اللقاح أو بآلام في الرأس أو الجسم…أو بعض الحساسية المفرطة، لكن بنسبة متواضعة جداً”.
وعن طريقة حفظ اللقاحات، يؤكد الدكتور كبار أن “موديرنا” ليس في حاجة إلى حفظه في برادات بدرجات حرارة منخفضة جدّاً، مع العلم أنّ الاعتقاد السائد حول حفظ لقاح “فايزر” بدرجة حرارة 70-، ليس دقيقاً، لأنّه يحتاج إلى هذه الحرارة خلال نقله فقط، في حين يمكن حفظه داخل برّاد عادي لستة أيام، قبل الاضطرار إلى استعماله، ويحافظ على فعاليته لستة ساعات بعد فتح الزجاجة. أما موديرنا فيحتاج إلى حرارة برّاد عادي فقط خلال النقل وقبل الاستعمال”.
وفي الختام، ينهي الدكتور كبار حديثه لـ”أساس” بالتأكيد على أنّ “اللقاح ليس علاجاً لكنّه أهمّ خطوة على الإطلاق في سبيل عودة الناس إلى حياتها الطبيعية”، وخصوصاً في الدول القادرة على تلقيح ما يزيد على نسبة 70 من سكانها أو أكثر.
تابعنا عبر