بقلم الكاتب صفوح منجّد
البنتاغون يُعلن وضع 2000 جندي أميركي بتصرف إسرائيل، لدعمها ودعم مخططاتها؟!.
أما نحن فقد “تباهينا” بإعلان الإضراب، لماذا ؟ وضد من؟ وكيف؟ بلا جواب بإستثناء متابعتنا لوصول بايدن إلى تل أبيب والعناق بين الحليفين، لنقرر بعد حين القيام بتظاهرات في بلداننا ومدننا ونّطلق الهتافات ونتساءل ماذا سيكون ردّ العرب؟ وسرعان ما نتناسى القضية لنردد (شن غلالة شن غلالة الله يعينك على هالليلة) ولتغيب عن أعيننا صورة تلك المرأة السبعينية وهي تبحث في حطام غزة عن يد طفل تمّ إنتشاله من بين الركام إثر غارة إسرائيلية ونسي المسعف يد الصبي كما هو حال مئات الغزاويين الذين طمرت أشلاؤهم تحت ركام القصف المجرم.
ليطالعنا مشهد آخر بعد أيام حين إلتأم جمع الكبار في أمتنا للبحث في مصيرنا وليرسمون لنا خطة المسار والمصير!!
لم يغيظنا المشهد فقد تعودنا عليه (من المي إلى المي) لتداهمنا فكرة: لماذا كلما داهمنا الخطر يهرع كبارنا لينامون في الخسّة؟
والعجيب أننا وتجاه كل ما جرى ويجري واجهناه بيوم إقفال واحد، وبالكاد نجحنا في ذلكّ! لنتساءل: ماذا إستفاد إبن غزة وأبناء سائر المناطق الفلسطينية المحتلة من قرارنا الجريىء؟ على من نضحك؟ وهل إكتفينا بما أنجزناه؟ ومتى نتحرك وتتحركون بجدية أيها العرب لإزالة هذه (الدملة) التي لطالما قلتم عنها “أنها أوهن من خيوط العنكبوت”؟ واشبعتونا نفاقا وذلا وحولتم الأمة إلى مجموعات متنافرة متصارعة!.. جمّدتم عقولها وكرسحتم أرجلها وأفرغتم جيوبها!…
هل تعتدون أن من ماتوا وإستشهدوا من أبناء شعبنا في الأراضي المقدسة هم بحاجة لمسيراتكم أم مسيّراتكم؟ وهل تكفي شعاراتكم “لبيك يا أقصى” وبذلك نكون قد إنتصرنا وحمينا شعبنا وحفظنا كرامة أوطاننا؟ فوالله تلك الشعارات ومنها (القدس لنا) لن تتحقق إذا إستمرّ تحركنا على هذا المنوال كل في شارعه ومدينته ووطنه، دون أن نُفعّل نضالنا المشترك وبكل أنواع وأساليب الكفاح.
75 عاما من النزوح الشامل من أرض إلى أرض ومن خيمة إلى خيمة ومن مؤامرة محلية إلى مؤامرات دولية، تستمر حالة البؤس والجوع والمرض والتشرد ملتصقة بأبناء شعبنا المهجّر والذي يخضع للتجارب في مساره وفي أي مكان يحل فيه.
جيل بعد جيل وكأنّ إنساننا العربي عقد إتفاقا مع آلام الدنيا وأوجاعها ليبقى لصيقا بها وليدفع غاليا ثمن وعود الأصدقاء قبل الأشقاء وإستماعه إلى خطبهم الرنانة بأنهم يجهدون لإيجاد الحلول والطرق الكفيلة بإنقاذه من آلامه، والأعجب من ذلك أنهم سيبحثون في خطة لإنقاذه؟ صح النوم! فالزمن يمضي بطيئا في حين تتسارع خطواته نحو المجهول، وتدحرجه نحو هاوية لا قعر لها.
والمؤلم أن هذا الشعب المعذب وبفعل طيبة قلبه، سرعان ما يصدّق تلاوة فعل الندامة من قِبل المتحكمين بمصيره رؤساء كانوا أم ملوكا وأمراء وقادة حركات وأحزاب.
فكلما حصل، وإستطاع أحدهم أن يدحرج الحجر عن صدر هذا الشعب أو ذاك وأن يتسلم آخر مقدّرات الأمور في هذا الوطن أو ذاك، وليتسلّم هذا “الأحد” الحكم بعد إقالة الحاكم السابق أو “طعجه” ووضعه على الرفّ يعلن نفسه المحرر الآتي من وراء البحار، أو أنه من صميم هذا الشعب، ويوزّع وعوده ذات اليمين وذات الشمال، ويميل إلى آذانهم ويهمس لهم بأنه قائد آخر ومعه سيأتي الخير والتحرير وبناء المستقبل الموعود، حتى ينصاع هؤلاء المساكين ويُمنّون النفس أن هذه المرّة أتي المنقذ الموعود، وبالطبع لن يطيل الوقت حتى يكتشف هذا الشعب المسكين تلك الخدعة الأزلية بأنّ الجالس على الكرسي ليس إلآ نسخة عن من سبقه.
لتعود معاناة “حليمة لعادتها القديمة”، فهي قائمة بيننا تأكل وتسكن وتشرب معنا ولم تفارقنا يوما.
والمشكلة أن من نعتقد أننا إستطعنا التخلص منه، هو بيننا يحيا وينام كخيالنا وروحنا ولم يفارقنا يوما، ولن يفارقنا إذا بقينا على هذه العقلية الإنتفاعية التي كان ولم يزل همها البقاء في نفوسنا وعقولنا قبل أن يكون على كرسي خشبي أو ذهبي، وكلما إجتهدنا لإبراز سيئاته ، كلما إستطاع الخروج من “خرم الإبرة” ليعاود كذبته ويشيع بيننا أنه تاب فنسارع ونصدقه دون أن نسأله مجرد سؤال: عمّ تِبتَ؟
وفي الحقيقة هو لم يقترب من “التوبة” بل جدد جزمته ليسير مجددا على طريق اللعب بأفكارنا وليصيبنا بالعمى المؤقّت أو الدائم لا فرق، ليستمر له المقام.
إنها القضية الأم والتي لا تحتاج سوى إلى موقف حاسم لنسلّم القيادة لمن هو قادر على الإنقاذ الحقيقي .. فهل نحن فاعلون؟.