كتب أنطون الفتى في وكالة “أخبار اليوم”:
هل فقد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي ثقته بالمبادرة الفرنسية، أو بأي تحرّك إقليمي – دولي، حتى ولو أدّى الى تشكيل حكومة في وقت قريب، يبدو أنها لا تنسجم مع التطلّعات اللبنانية التي عُبِّرَ عنها، منذ 17 تشرين الأول 2019؟
يبقى كلام البطريرك، بطريرك الكلام، في كلّ زمان، مهما كثرت زيارات الوفود الى بكركي، ومهما تعدّدت الأهداف الأساسية من خلفها، إذ قد يكون ما قاله خلال عظة قداس الأحد أمس، موجَّهاً الى كلّ الذين قد يعوّلون على مبادرة فرنسية من هنا، واتّصالات فرنسية – أميركية، أو فرنسية – خليجية، من هناك، لن تكون قادرة على نقل لبنان الى برّ الأمان، بحسب بعض المعلومات.
مؤتمر دولي
حديث البطريرك الراعي عن أن جميع المبادرات والوساطات اللبنانية والعربية والدولية استُنفِدَت، من دون جدوى، وكأن هناك إصراراً على إسقاط الدولة بكلّ ما تمثّل من خصوصية وقيم ودستور ونظام وشراكة وطنية، هو كلام يتخطّى الصّرخة، إذ يأتي منسجماً مع مجموعة من المعطيات المتوفّرة، حول أن لا شيء فعّالاً يُمكن انتظاره، حتى ولو تمّ تشكيل حكومة جديدة قريباً.
فصرخة بكركي تبقى أبعَد من الحدود الحكومية، أو السياسية الآنية، وهي تطال الكيان اللبناني برمّته، إذ ليس عادياً أن يُطالِب البطريرك الماروني بطرح قضيّة لبنان في مؤتمر دولي خاص برعاية الأمم المتحدة، يثبّته في أطره الدستورية الحديثة التي ترتكز على وحدة الكيان، ونظام الحياد، وتوفير ضمانات دائمة للوجود اللبناني تمنع التعدّي عليه، والمسّ بشرعيته، وتضع حدّاً لتعدّدية السّلاح، وتعالج حالة غياب سلطة دستورية واضحة تحسم النزاعات، وتسدّ الثّغرات الدّستورية والإجرائية، تأميناً لاستقرار النظام، وتلافياً لتعطيل آلة الحكم عدّة أشهر عند كل استحقاق لانتخاب رئيس للجمهورية، ولتشكيل حكومة.
منذ الآن؟
شدّد مصدر مُطَّلِع على أن “كلام البطريرك الراعي ينطلق من واقع أن كلّ المبادرات المحلية والدولية لحلّ الأزمة اللبنانية سقطت الواحدة تلو الأخرى. وهو ما يجعل الدّاخل اللبناني، مُكرَهاً أو راضياً، مُلزَماً بالبحث عن بدائل دولية، قبل انهيار كبير، يترافق مع هذا النّوع من التعثُّرات، في العادة”.
ولفت في حديث الى وكالة “أخبار اليوم” الى أن “لا خيار ممكناً إلا طرح قضيّة لبنان في مؤتمر دولي خاصّ برعاية الأمم المتحدة، بعدما فشل كلّ شيء في استعادة الحياة للبنان. فحَراك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون باتّجاه الإمارات والسعودية ينحصر في إطار الديناميكية. ولكن لا يمكن الرّكون الى أي نتائج حتميّة ومفيدة للبنان منه، منذ الآن”.
عالقة
وأشار المصدر الى أن “الولايات المتّحدة وفرنسا تصرّان على قبول السعودية وإسرائيل لأي اتّفاق نووي جديد مع إيران. ويُمكن لطهران أن ترفض ذلك من الآن، والى ما بعد سنوات. فالأمور الإقليمية – الدولية عالقة عند تلك النّقطة”.
وقال: “مشكلة تشكيل الحكومة اللبنانية متشعّبة، ومتشابكة بنقاط محليّة وخارجية كثيرة”.
عقوبات!
وفنّد المصدر تلك النّقاط، كالآتي:
– الصدّ السعودي للرئيس المكلّف سعد الحريري، الذي رغم ذلك، يرفض التشكيل إذا بقيَت الرياض غير راضية عنه.
– الوساطة المصرية – الإماراتية للحريري لدى السعودية، والتي لا شيء يؤكّد أنها ستنجح بالكامل، حتى الساعة.
– صدّ “حزب الله” لفرنسا، لأنه لا يريد لباريس أن تقفز على الولايات المتحدة، في كلّ ما يتعلّق بأدوار إيران في المنطقة، وحتى على الساحة اللبنانية.
– إصرار إيران على إبقاء مقايضاتها الأساسية مع طرف دولي واحد لا أكثر، هو (الطرف) الأميركي.
– رفض رئيس الجمهورية ميشال عون تشكيل حكومة بالتّعاون مع الحريري.
– مساعي عون لرفع العقوبات عن رئيس “التيار الوطني” النائب جبران باسيل، من خلال أساليب متعدّدة، من بينها التشدُّد في الملف الحكومي”.
وختم: “الطرف الأميركي، ومن خلال مكوّنات إدارته الجديدة، يريد الحوار مع إيران. وهذا ما أراح طهران على أكثر من مستوى، يظهر في الكثير من سلوكياتها المتمادية في المنطقة. ولكن لا بدّ من انتظار بعض الوقت، لتلمُّس النتائج قريبة ومتوسّطة المدى، لهذا الوضع”.