بقلم الكاتب صفوح منجّد
وسط أعمال العنف والقصف الهمجي الذي يمارسه العدو الإسرائيلي ويطال مختلف المناطق اللبنانية مخلفا القتل والإبادة وتدمير المباني السكنية على رؤوس أصحابها وتحطيم الأماكن التراثية والأثرية على إمتداد الساحة اللبنانية التي تشهد تدفقا لا مثيل له للدم المتفجّر من أجساد اللبنانيين من مختلف الأعمار حيث يهدد هذا العدو بمزيد من إراقة الدماء.
في هذه الأجواء المأساوية عاد المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية دونالد ترامب إلى الرئاسة مجددا ليصبح الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة الأميركية بحصوله على 277 صوتا مقابل 224 لمنافسته الديمقراطية كامالا هاريس.
والرئيس ترامب هو أول رئيس في التاريخ الأميركي يترشح مرة أخرى بعد عزله، وثاني رئيس يفوز بولاية ثانية غير متتالية لينضم إلى الرئيس الأميركي غروفر كلاي لاند الذي فعل ذلك عام 1892.
والملاحظ أن أرقام صناديق الإقتراع التي تفيد بأن ساكن البيت الأبيض دوانالد ترامب ما أن وصلت إلى مسامع بنيامين نتنياهو حتى تخلص هذا الأخير من وزير حربه يواف غالانت وأقاله ليعيّن بديلا عنه من حزب الليكود يسرائيل كاتس، وهنأ نتنياهو ترامب بإسم إسرائيل معتبرا أنها “أعظم عودة في التاريخ”!! وبداية جديدة للتحالف بين الولايات المتحدة وإسرائيل (علّها تقود إلى الجحيم). وقال نتنياهو: “هذا إنتصار كبير” (وزلغطي يا صواريخ الماركافا)..
أما في الميدان فقد دكّت صواريخ المقاومة قاعدة كيسوفيم التي تحتوي على كليات تدريب عسكري بالقرب من مطار بن غوريون جنوب تل أبيب.
وقبل ذلك كانت القواعد والآليات العسكرية والمستوطنات الإسرائيلية بنك أهداف المقاومة، في عين الإستهداف من جديد، والكلمة كانت وستبقى للميدان كما قال الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم.
أما داخليا فلا تزال ديبلوماسية “عين التينة” تتابع كافة المستجدات والتطورات الميدانية في الجنوب، وللغاية إلتقى رئيس مجلس النواب نبيه بري السفير السعودي والسفيرة الأميركية.
وفي غضون ذلك يتركز إهتمام اللبنانيين على متابعة ما سيفعله الرئيس المنتخب بعد تسلمه منصبه وصلاحياته الدستورية في 20 كانون الثاني المقبل.
هو وعد بوقف المعاناة والدمار في لبنان، وبإحلال السلام في الشرق الأوسط!! فهل يتمكن من تنفيذ وعده أم أن واشنطن من فوق غير واشنطن من تحت؟
ويذكر أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو قد توعّد بتدمير “حماس” في غزة، وهزيمة “حزب الله” في لبنان وإحتواء العدوان الإيراني.
وهذا يعني أن المعارك العسكرية والإستهدافات الأمنية ستقوى على الأقل من الآن وحتى دخول ترامب “البيت الأبيض”.
وتوازيا أطلّ الأمين العام ل”حزب الله” فهدّد وتوعّد كالعادة وبدت أفكاره متعارضة مع ما سبقها.
وهكذا يأتي رؤساء ويذهب رؤساء ولكن تبقى أزمات لبنان وتستمر وتتنقل من السياسة إلى الحرب مرورا بالإقتصاد والمال، ويدفع ثمنها اللبنانيون من حياتهم وجني أعمارهم وأرزاقهم.
ولا بد من التأكيد أن الفرج والحل ممكنان بلا تعويل وإتكال على أي عامل خارجي، إذ يكفي اليوم مثلا أن يتنادى اللبنانيون إلى التشاور في ما بينهم للتوافق على رئيس ضمن مهلة معينة، ولماذا لا!؟ فهم قادرون، فإذا نجحوا، كان به، وإذا فشلوا، لا سمح الله، ما الذي يمنع الدعوة إلى جلسة لمجلس النواب لإنتخاب رئيس للبلاد بدورات متتالية، بحيث لا تُرفع قبل تصاعد الدخان الأبيض من مدخنة المجلس؟
وعند ذاك ما الذي يمنع من المسارعة وفق الدستور إلى تسمية رئيس جديد للحكومة وأن يتم التشكيل ومنح الثقة فيتحقق الخلاص عندها من الفراغ الرئاسي أولا، ومن حكومة تخرق الدستور ثانيا، خصوصا أنها غير حائزة على ثقة المجلس النيابي الحالي، بل تمارس السلطة إستنادا إلى ثقة مجلس إنتهت ولايته قبل أكثر من عامين.
ومتى تشكلت الحكومة ما الذي يمنع تعاونها مع المجلس النيابي، بحيث يقوم بدوره كسلطة تشريعية بسنّ القوانين الإصلاحية المطلوبة وتمارس صلاحياتها الإجرائية لإخراج لبنان من أزماته، وقبلها من أجواء الحرب وما يشهده البلد من مواجهات دامية؟!