شعار ناشطون

ملف المرفأ: العودة للنص تحمي الحقيقة

12/03/25 04:14 am

<span dir="ltr">12/03/25 04:14 am</span>

زياد عيتاني – اساس ميديا

ثابتتان لا بدّ من التأكيد عليهما:

1- لا يمكن اقفال ملف تفجير مرفأ بيروت من دون تحديد المسؤوليات وتحقيق العدالة للضحايا وعائلاتهم.

2- أي تجاوز للقانون في معالجة ملف تفجير المرفأ هو إساءة للملف والضحايا وتحريف للحقيقة.

بدا لافتاً انقلاب النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار على سلفه بالرجوع عن قرار القاضي السابق غسان عويدات لمنع التعاون مع المحقق العدلي في جريمة تفجير مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، مع غياب الأجوبة عن مصير عشرات دعاوى الرد بحق البيطار وجُرم اغتصاب السلطة المدعى عليه من قبل النائب العام التمييزي السابق غسان عويدات.

وكان القاضي طارق البيطار وفور انتخاب الرئيس جوزف عون أصدر توجيهاته لقسم الخدمات في قصر العدل بالعمل على تنظيف وإعادة ترتيب مكتبه. وهو ما حصل بالفعل عبر استدعاء لعدد من الموظفين في المرفا والتحقيق معهم.

أوساط قصر العدل، أبدت استغرابها لحراك القاضي بيطار الذي يشوبه الكثير من الثغرات والمعوقات القانونية مما يعرّض الملف برمته للسقوط أمام المجلس العدلي.

لا يمكن اقفال ملف تفجير مرفأ بيروت من دون تحديد المسؤوليات وتحقيق العدالة للضحايا وعائلاتهم

عائقان قضائيان

يصطدم القاضي البيطار بعائقين قضائيين يجعلا مباشرته لملف المرفأ خطراً داهماً على الملف قضائياً وعلى حقوق الضحايا وعائلاتهم:

1- مسألة الإدّعاء الجزائي الذي قدّمه مدّعي عام التمييز السابق القاضي غسان عويدات بحقّ المحقّق العدلي القاضي طارق البيطار، فالإدّعاء بُنِيَ على ممارسات اعتبرها القاضي عويدات حينها تتضمن جرائم جزائية من ضمنها الاستيلاء على السلطة وغيرها؛ وإدّعاء عويدات حينها بمعزلٍ عن صحته من عدمها إلاّ أنّه صدر عن جهة صاحبة صلاحيّة بالإدّعاء هي النيابة العامة التمييزية، وبالتالي لا يمكن تجاوز إدّعاء عويدات ضدّ البيطار دونما البتّ فيه عبر تعيين قاضي تحقيق للنظر في الإدّعاء والتحقيق فيه ليرى إن كان في محلّه من عدمه.

وتأثير هذا كله على الملف العدلي برمّته أنّه إذا ثبت لقاضي التحقيق وجود جرم جزائي في الأصل، حينها تُكَفّ يدّ المحقّق العدلي عن الملف وتعتبر كلّ الإجراءات التي قام بها باطلة وهذا ما يُسمّى قانوناً بالمسألة المعترضة على اعتبار أنّ النظر بملف المحقّق العدلي سيتأثّر حكماً بالقرار التي سيصدر عن قاضي التحقيق كما هو مبيّن أعلاه.

على خلفية ذلك ووفقاً للقانون، يجب التوقّف عن النظر في الملف العدلي برمّته لحين البتّ بالإدّعاء الجزائي المقدّم من مدّعي عام التمييز السابق والذي يطال القاضي الناظر في التحقيق العدلي، ذلك أنّه تبعاً للقرار الصادر بهذا الخصوص تتبيّن إمكانية متابعة المحقّق العدلي من عدمه في الإجراءات ذات الصلة.

علماً أنّه حتّى تاريخه لم يتم تعيين قاضي تحقيق للبتّ بشأن المسألة الآنفة الذكر والتي اعترضت التحقيق (المسألة المعترضة).

أوساط قصر العدل، أبدت استغرابها لحراك القاضي بيطار الذي يشوبه الكثير من الثغرات والمعوقات القانونية مما يعرّض الملف برمته للسقوط أمام المجلس العدلي

2- دعاوى مخاصمة القضاة التي قدمها عدد من السياسيين والوزراء السابقين الذي استدعاهم البيطار سابقاً. عندما يقدم شخص دعوى مخاصمة أمام الهيئة العامة لمحكمة التمييز والدعوى حكماً تكون موجّهة تجاه قاضٍ، فالقانون واضح أنه ومنذ لحظة تقديم الدعوى وتسجيلها لا يجوز للقاضي المُخاصَم الموجَّهة ضدّه المخاصمة(بحسب النص القانوني) أن يقوم بأي عمل يتعلّق بالمُخاصِم، بمعنى أنه لا يحق له القيام بأي إجراء قضائي من أي نوع يتعلّق بمدّعي المخاصمة وإن كان يحق له القيام بإجراءات بحق آخرين في نفس الملف فهو لا يملك هذا الحق تجاه الطرف الذي خاصمه.

سابقة قضائية

تجدر الإشارة إلى سابقة قضائية ليست ببعيدة شهدها القضاء اللبناني في مسألة المخاصمة. فاستناداً إلى قضية هدى سلوم رئيسة هيئة إدارة السير الحاصلة مؤخّرًا أمام قاضي التحقيق في جبل لبنان حين صدر قرار لصالح سلّوم، حينها قامت المدّعي العام في جبل لبنان القاضي غادة عون واستأنفت هذا القرار ومن ثمّ قامت بتوقيع هذا الاستئناف بنفسها(غادة عون)..بينما كانت هدى سلّوم سبق لها أن قدّمت دعوى مخاصمة ضد عون أمام الهيئة العامة برئاسة القاضي ربيع حسامي التي لم تكن قد بتّت بعد في الموضوع.

وعليه وعملاً بأحكام القانون منذ تقديم دعوى المخاصمة، فإن القانون يمنع القاضي المُخَاصم بأن يقوم بأي دعوى ضد من خاصمه سيّما وأنّ الأمر هنا يتعلّق بالنظام العام وهي مسألة لا تقبل الأخذ والردّ ولا تقبل التجاوز بأي شكل من الأشكال، لذلك اعتبرت الهيئة الاتهامية الاستئناف بحدّ ذاته باطلاً بطلاناً مطلقاً ومردودًا شكلاً (سيما وأنّه موقّع من عون) وكأنّه لم يكُن. مصدقة قرار قاضي التحقيق في جبل لبنان زياد الدغيدي.

أي تجاوز للقانون في معالجة ملف تفجير المرفأ هو إساءة للملف والضحايا وتحريف للحقيقة

وخلاصة الأمر الصريحة بعد تقديم هذا المثال الحي، أنه حينما يكون هناك قاضٍ مقدّمة ضدّه دعوى مخاصمة فإنّه لا يحقّ لهذا القاضي اتخاذ أي إجراء بحقّ من خاصمه لحين بتّ الهيئة العامة لمحكمة التمييز بدعوى المخاصمة.

حماية ملف المرفأ والعدالة للضحايا وحقوق عائلاتهم، تبدأ من تحصين الملف قانونياً عبر تنزيهه من الشوائب والثغرات القاتلة للحقيقة. ملف المرفأ بحاجة لممارسة قضائية تلتزم بالنص وليس لممارسة من خارج النص القانوني.

إخراج ملف المرفأ من البازار والتكتيكات السياسية ضرورة ملحة للوصول إلى العدالة. القانون بيّن والعدالة بينة وما بينهما أمور سياسية قد لا تعني المعنيين المباشرين بالملف بقدر ما تعني عهداً يراهن عليه اللبنانييون ويسعى البعض لعرقلته في بداية إنطلاقته.

تابعنا عبر