يئن القطاع الاستشفائي تحت وطأة الازمات، ولم تُفلح كل المحاولات التي يقوم بها المعنيون لانتشاله من فوضى الصناديق الضامنة وتخبطها، فيما يغيب دور الدولة كضامن رئيسي لهذا القطاع الذي رفع لبنان الى مرتبة مستشفى الشرق، واذ به اليوم يطلب العونة ويستنجد خوفا من انهياره بشكل كامل.
تتراكم المشاكل التي تواجه القطاع في لبنان وتتشّعب، وتزداد تعقيدا مع ارتفاع وتيرة الازمة، وبحسب ما يشير نقيب المستشفيات سليمان هارون لـ “المركزية”، فقد أضيفت الى المشاكل المادية، أُخرى جوهرية كالشلل الاداريّ الناتج عن اضراب موظفي القطاع العام وتحديدا في الوزارات والجهات الضامنة، ما يؤخّر تسديد المستحقات الى أكثر من سنة كاملة. ويشير هارون الى أنّ التأخير في تسديد المستحقات للمستشفيات يؤدّي الى خسارة قيمتها، وأحيانا تتخطى هذه الخسارة الـ 50 في المئة، بسبب الارتفاع الدائم لسعر صرف الدولار، وهو ما يشكّل عامل ضغط كبير على مالية المستشفيات التي تخسر عمليا من مالها الاحتياطيّ، يقول هارون، وهي مشكلة ستستمر طالما أن الاضراب مستمر.
أما مشكلة التعريفات الاستشفائية فهي فصل جديد من فصول الصعوبات التي من المفترض أن تصحح يقول هارون، لافتا الى أن “الجهات الضامنة غير قادرة على تصحيحها بسبب امكانياتها الضئيلة، حيث لا يمكنها تأمين الأموال اللازمة لتغطية الفروقات بالأسعار والكلفة جراء ارتفاع سعر صرف الدولار.
ويتحدّث عن مشكلة مستجدة وخطيرة كما يصفها، وهي “غسل الكلى”، حيث تمّ الاتفاق مع الجهات الضامنة ووزارة الصحّة العامة على رفع تعرفة جلسة غسل الكلى، ليكون هناك مؤشّر شهري مرتبط بالدولار، ولكن المشكلة التي برزت أخيرا، بحسب ما يقول هارون، أنّ الأموال المخصصة من قبل وزارة الصحة لتسديد فواتير غسل الكلى لا تكفي لتسديد قيمة ثلث هذه الجلسات، أيّ أن الأموال تكفي بأبعد تقدير حتى نهاية شهر أيار الحالي، ما يعني بقاء 7 أشهر من السنة بلا تغطية من قبل الوزارة.
ويستطرد هارون مؤكدا أن المستشفيات غير قادرة بأيّ شكل من الأشكال على شراء الأدوية والمستلزمات الطبية لغسل الكلى ان لم يكن هناك مدفوعات شهرية لتغطية التكاليف، فالمستشفيات لا تستوفي فروقات من المرضى، كما أن المستلزمات والأدوية لغسل الكلى تسددها المستشفيات نقدا عند التسليم، وبالتالي فهي غير قادرة على تأمين ما يلزم لمرضى غسل الكلى لأنها ستقع في عجز كبير. فهل يتحرّك المعنيون قبل فوات الأوان؟!