ميسم رزق – الأخبار
سبَق هذه الخطوة، إجراء آخر متعلق برئيس الحكومة السابق حسان دياب الذي صدَرت في حقه مذكرة إحضار ثانية فورَ تأليف حكومة جديدة، رداً على امتناعه عن حضور جلسات الاستماع التي دعاه البيطار إلى حضورها. وقد بدت هذه الخطوات من قِبل المحقق العدلي بمثابة رسالة يؤكّد فيها بأنه ماضٍ في معركته، بالرغم من كل علامات الاستفهام حول عمله والخلفية التي ينطلِق منها في اتخاذ قراراته التي تظهِر استنسابية واضحة في التعامل مع الجهات المسؤولة، بشكل ساعدَ على تسييس الملف وتوظيفه، وسمح للسلطة «المتهمة» باستخدام كل الأسلحة الدستورية، فتحوّلت القضية كما لو أنها صراع بينَ القاضي الذي يحاول إحراز «بطولة» بالشعبوية من جهة، والقوى السياسية التي تعتبر نفسها مُستهدفة من جهة أخرى.
في اليومين الماضيين، طرأت تطورات سياسية وقضائية على الملف، تؤشّر إلى أنه سيتفاعل في الأسابيع المقبلة. إذ أثارت مذكرة الإحضار بحق الرئيس دياب حفيظة نادي رؤساء الحكومات السابقين، ودار الفتوى. كما استدعت تجديد الاستنفار لدى المسؤولين المدعى عليهم الذين يعقدون اجتماعات تنسيقية للبت في الخطوة التي سيتخذونها للرد على البيطار. وبينما لا يزال البحث جارٍ، تواصل مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي أمس، وعبّر عن انزعاج كبير من خطوة البيطار. ورجحت مصادر مطلعة أن «يكون للمفتي اليوم موقف من هذا الإجراء في خطبة الجمعة». وفي المعلومات أن «رئيس المجلس لا يزال مصرّاً على أن ملاحقة دياب والوزراء السابقين المدعى عليهم هي من صلاحيات مجلس النواب وأن القاضي البيطار يُمعن في تجاوز مواد الدستور التي تؤكّد هذا الأمر». وفي الإطار، أشارت المصادر إلى وجود اتجاه للرد على البيطار من خلال رفع «ثلاث دعاوى: دعوى رد، دعوى نقل القضية إلى قاضٍ آخر للارتياب المشروع، ودعوى مخاصمة نظراً للأخطاء التي يرتكبها البيطار، ومنها رد الدفوع الشكلية لفنيانوس التي كان تسلمها من المحامي العام التمييزي القاضي غسان الخوري، قبلَ أن تكون النيابة العامة التمييزية قد أعطت رأيها».
المفتي دريان سيعبّر عن احتجاجه على مذكّرة إحضار دياب في خطبة الجمعة اليوم
فبعدَ الدفوع الشكلية التي تقدّم بها الوكيل القانوني لفنيانوس المحامي نزيه الخوري، أرسلت النيابة العامة التمييزية مطالعة إلى البيطار، اطلعت «الأخبار» على مضمونها، طالبت فيها المحقق العدلي «اتخاذ الإجراءات اللازمة كي تتمكّن النيابة العامة التمييزية من الإطلاع على كامل المعطيات لإعطاء الرأي بالمذكرة المقدمة من فنيانوس». وذكرت المطالعة أنه «يقتضي التوقف عند نقطة صلاحية المحقق العدلي بمتابعة القضية بما يتعلق بالوزير فنيانوس. بما أنه سبقَ للنيابة العامة التمييزية أن تقدّمت إلى المحقق العدلي السابق فادي صوان بمطالعة مفصلة تتناول مسألة صلاحية المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، ولم يتم اطلاع النيابة العامة التمييزية على قرار المحقق العدلي، في ما إذا كان وفقاً لرأيها أو خلافاً له، إنما باطلاعها على الكتب الموجهة إلى المجلس النيابي من القاضي السابق، والتي يستنتِج منها بأنه أخذ بصلاحية المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء مع احتفاظه بصلاحيته بملاحقة جميع اللبنانيين»، فضلاً عن أن الكتب التي أرسلها مجلس النواب تشير إلى صلاحيته بالملاحقة في قضية المرفأ. واعتبرت المطالعة أن المحقق العدلي الحالي يقوم بإجراءات تجهل ماهيتها النيابة العامة التمييزية، فيما تتمّ إحالة المذكرات المقدمة بالدفوع الشكلية للبت بها من دون المستندات اللازمة. وتطرقت المطالعة إلى مذكرة نقابة المحامين التي أحيلت إلى النيابة، معتبرة أولاً أنه يجب أن يتبين ما إذا كان القاضي الحالي قرر الرجوع عن قرارات وتدابير المحقق العدلي السابق، إذ لا يجوز الاستنتاج والأخذ بمبدأ القرار الضمني في قضية الصلاحية. مشددة على أنه يجب اطلاع النيابة العامة التمييزية على جميع القرارات لكي تتمكّن من إعطاء الرأي بمسألة الدفع بعدم الصلاحية، وإعطاء مهلة معينة لإبداء الرأي بالدفوع الشكلية، بخاصة أن هناك مذكرات مقدمة من أفرقاء آخرين. مع ذلِك، تجاهل البيطار مطالعة النيابة العامة التمييزية، كما تجاهل دعوى استئناف قرار نقابة المحامين المقدمة من فنيانوس بما يتعلق بمنح الإذن بالملاحقة، وأقدَم على إصدار مذكرة التوقيف الغيابية، علماً أنه لا يحق له ذلك قبلَ أن يصدر القرار بدعوى الاستئناف، وهو ما اعتبرته مصادر قضائية «خطأ كبيراً أيضاً».
وبناء على ما تقدّم، يبقى انتظار الخطوة التي سيقوم بها المدعى عليهم، إذ يدور النقاش حول ما إذا كان الخمسة (دياب وفنيانوس والنواب علي حسن خليل ونهاد المشنوق وغازي زعيتر) سيتقدمون معاً بالدعاوى أو يتولّاها أحدهم. وقد علّق رئيس تيار «المردة» الوزير السابق سليمان فرنجية، على قرار البيطار، مؤكداً الوقوف إلى جانِب فنيانوس «مدافعاً عن نفسه وبحق، ضمن القوانين المرعية الإجراء».