لينان يحترق فمن هو المسؤول؟ ومن يدفع الثمن؟
تبدلات في التحالفات سيشهدها لبنان تباعا.
هوكستاين في تل أبيب بعد بيروت ويطالب بتنفيذ 1701
مقال بقلم الكاتب صفوح منجّد
إنصبّت الأنظار على تسارع الأحداث السياسية وما تشهده أماكن القرار في كل من واشنطن وطهران والساحة اللبنانية من تطورات تتعلق بشكل أو بآخر بالتطورات الأخيرة وما أسفرت وتُسفر عنه من تسارع في المواقف إنطلاقا من الحرب القائمة في لبنان وحصول تبدّل في بعض المواقف التي وصفها المراقبون بأنّ تأثيراتها ستدفع نحو تغيير في العلاقات بين بعض الأطراف الدولية وبين جماعات سياسية محلية في لبنان والمنطقة.
وتنطلق هذه المواقف بصورة خاصة من نتائج المواجهات التي شهدها ويشهدها لبنان وما نتج عنها من تقارب على صعيد قوى معينة في أعقاب الأحداث الدائرة في لبنان والتي شكّلت تبدّلا في التحالفات (ظاهرها وباطنها) ولاسيما مسألة المواجهات الدامية في ضوء طبيعة أعمال الصراعات المذهبية التي إتخذت طابعا جديدا على صعيد الإنقسام في شتى المناطق.
وعلى مسافة تسعة أيام من الانتخابات الرئاسية الأميركية بدت الصورة في الشرق الاوسط مرتبطة بشكل او بآخر بهذه الانتخابات!! فإيران واسرائيل يحتسبان نتائج الضربة المحسوبة التي وجهتها تل ابيب لطهران: اسرائيل راضية عن الضربة، وإيران لم تُظهر ردة فعل مُهدِّدة، بل اكتفت بالقول إنها تحتفظ بحقها في الرد.
ووفق قراءات لخامنئي ونتنياهو وغالانت لِما جرى، على المحور الاسرائيليّ اللبنانيّ، الموفد الاميركي آموس هوكستاين في تل ابيب لتلقي الرد على ما حمله من بيروت، ويجدر التذكير بأن هوكستاين، قبل ايام من عودته الى المنطقة، قال في مقابلة اجريت معه، انه يجدر تطبيق القرار 1701، والا يعيد حزب الله بناء نفسه.
ومهمة هوكستاين استقبلتها في تل ابيب العملية التي استهدفت تجمعًا لجنود اسرائيليين.كما تزامنت مع اجتماع في الدوحة بين رئيس الموساد ورئيس السي آي إي والمسؤولين، في محاولة لإحداث خرق في ملف الأسرى.
ويُذكر أن عمليتين كبيرتين للجيش الاسرائيليّ في حارة صيدا والبقاع ادتا الى سقوط اكثر من عشرة شهداء، ومن خارج السياق، زيارة لقائد الجيش العماد جوزيف عون للاردن، بدعوة من رئيس الاركان الاردنيّ، وقد استقبله ملك الاردن عبدالله.
في غضون ذلك إنتشرت عادة سنوية هي الحرائق المتنقلة التي ترتقي الى مستوى الجريمة من دون القدرة على ضبطها.
في المقابل حسابات دقيقةٌ على أرض فلسطين المحتلة كرّسها شابٌّ من أراضي الـ 48 عندما دهس بشاحنته محطة للحافلات قرب تل أبيب وحصد سبعة قتلى ونحو خمسين مصابـًا جلـُّهم من جنود الاحتلال الذين كانوا في طريقهم إلى قواعدهم العسكرية.
وعملية الدهس هذه جرت على مقربة من قاعدة غليلوت العسكرية التي تضم مقرًا للموساد والتي هاجمتها المقاومة بالمسيّرات إنطلاقـًا من لبنان قبل فترة قصيرة.
والمقاومة نفسها أطلقت مرحلة تهجير مستوطني كل الشمال الفلسطيني المحتل عبر تحذيرهم بوجوب الإخلاء فورًا، وقد بدأت بالفعل في تنفيذ انذاراتها عبر استهداف المستوطنات الخمس والعشرين المحددة.
وأبعد من هذه المستوطنات نفذت المقاومة امس هجمات جديدة بالمسيرات الانقضاضية أو صليات الصواريخ مستهدفة بشكل خاص قاعدة للصناعات العسكرية قرب حيفا ومنطقة صناعية قرب عكا.
وآخر دفعة من هذه الضربات حصدت خمسة قتلى وأربعة عشر جريحـًا في صفوف ضباط وجنود العدو وهي حصيلة افرج عنها جيش الاحتلال اليوم بعد تكتم لساعات.
كل هذه المشاهد والوقائع الميدانية يطير على وهجها الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكستين إلى تل أبيب.. فهل يحصل من مسؤولي العدو على ما يؤسس لوقف العدوان على لبنان أم يفشل على غرار مرات سابقة فيغادر المنطقة من دون الحاجة للمرور في بيروت؟!.
وبالتزامن مع انطلاق هذه المحادثات قال وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت إن إعادة الأسرى ستتطلب منا تسويات مؤلمة وأضاف: ليس كل هدف يمكن تحقيقه بعملية عسكرية.أما رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فاعتبر ان إسرائيل في حرب وجودية صعبة ندفع فيها أثمانـًا باهظة.
من جهة ثانية لبنان يحترق، وحرائقه موزعة بين الحرائق الطبيعية المفتعلة على الارجح، وبين الحرائق العسكرية والامنية. فمن الجبل الى الشمال ترتفع سحب الدخان لحرائق تلتهم الاحراج والغابات، ومعها ترتفع اسئلةٌ كثيرة عن الاسباب والفاعلين، وخصوصا ان الطقس لا يبرر البتة عدد الحرائق وحجمها.
امنيا الوضع على حاله. فالاستهدافات تتنقل من منطقة الى اخرى كذلك الغارات الاسرائيلية. والاستهداف الاكبر والابرز في حارة صيدا حيث ادت غارة اسرائيلية الى سقوط ثمانية شهداء. وقد عُلم ان المستهدف الاساسي في الغارة هو المسؤول الامني في حزب الله حسين فنيش. علما انه للمرة الاولى تُستهدف حارة صيدا بغارة.
في المقابل، اعلن حزب الله عن سلسلة عمليات نفذها، منها استهداف قوة مشاة اسرائيلية في حولا بصاروخ وايقاع افرادِها بين قتيل وجريح، مع الاشارة الى ان عدد قتلى الجيش الاسرائيلي منذ بدء العملية البرية بلغ واحدا وثلاثين عنصرا.
وسط هذه الاجواء الملتهبة يقوم المبعوث الاميركي اموس هوكستين بمسعى اخير في تل ابيب في محاولة للتوصل الى حل ديبلوماسي للازمة اللبنانية. ووفقا للمعلومات فان امكانية التوصل الى حل ديبلوماسي للازمة في لبنان تبدو صعبة، حتى لا نقول مستحيلة، لان نتانياهو مصر على استكمال تنفيذ مخططه في لبنان، تماما كما فعل في غزة.
اقليميا، ترددات الرد الاسرائيلي على ايران لا تزال تتفاعل. فمرشد الثورة الايرانية لم يغلق الباب امام امكانية ان تتولى ايران الرد على الرد، اذ قال في معرض حديثه عما حصل إن السبيل لاظهار قوة ايران يجب ان يحددَه المسؤولون، وان ما في مصلحة الشعب والبلاد يجب ان يحدث. فهل يعني هذا ان ايران سترد حتما على الضربة الدقيقة والقوية التي وجهت اليها؟ الامر متروك للايام الاتية، علما بان محطة “سي ان ان” الاميركية نقلت عن مسؤولين امنيين اسرائيليين ان معلوماتهم الاستخباراتية تشير الى ان ايران سترد على الهجوم الاسرائيلي.