أسعد بشارة – نداء الوطن
لا يتعب الأمين العام لـ»حزب الله»، من ابتكار الحلول الشعبوية. آخرها قصة فتح البحر للنازحين السوريين، وهي القصة التي تهدف إلى دغدغة مشاعر لبنانيين كثر، باتوا ينوؤون تحت ثقل النزوح، كما تحرّك نقاشاً لا طائل منه، لأنّه لن يكون متيسّراً حتى مجرد التفكير بقذف اللاجئين في البحر، كما ورد في الطرح الرومنسي وغير البريء، للسيد حسن نصرالله.
يريد «حزب الله» أن يهرب من مشكلة اللاجئين، ومن مسؤوليته المباشرة عن هذه الكارثة، إلى الحلول التي لا تطبّق، ويمكن تلخيص أهداف هذا الطرح بالآتي:
أولاً: وجد «حزب الله» أنّ تدخله في سوريا لمنع سقوط النظام تحت ضربات الثورة الشعبية السلمية، لن يحول دون اهتزاز هذا النظام، الذي بات يترنّح حتى في البيئات المحايدة أو المؤيدة له. وبما أنّ «حزب الله» أكثر العارفين بالوضع المأسوي في سوريا، فقد صمت على خطة النظام إغراق لبنان بالنازحين، ووافق على نقل جزء من المشكلة إلى لبنان، المنهك اقتصادياً، وانتهى بطلب فتح البحر لبواخر النازحين، وهو ليس طلباً على قياس الأزمة الاقتصادية في لبنان، بل يرتبط بمحاولة تخفيف الضغط عن النظام، والتلويح بأنّ استمرار القرارات التي تعاقبه دولياً، سيعني إغراق أوروبا بمن سينجو من النازحين، الذين يراد تصديرهم عبر البحر.
ثانياً: لم يقم «الحزب» وهو المسؤول عن جزء من أسباب النزوح، بأي خطوة مع نظام الأسد لوقف تدفق النازحين. لكن على العكس، شجّع النظام وشرّع الحدود، وتقول المعلومات إنّ ثغرات كبيرة في الحدود، لا يستطيع الجيش تغطيتها في الهرمل، تدخل منها قوافل النازحين، الذين يتم تهريبهم في وضح النهار. وفي موازاة ذلك حرص إعلام الممانعة، على توجيه التهم جزافاً لضباط الجيش في البقاع، الذين يبذلون كل الجهد لضبط الحدود، ذلك بقصد وضع المسؤولية لدى الجيش وتبرئة المتهم الأصلي، الذي ينسق مع نظام الأسد.
ثالثاً: لم يكتف «حزب الله» بطرحه هذا، بوضع لبنان في موقع المعزول دولياً، وفي موقع المخالف للقانون الدولي، بل كرس وحدة الساحات، من الزاوية التقليدية المعتادة، أي الزاوية التي تدفع لبنان ثمن هذه الوحدة، من صورته وسيادته وحضوره، على المستويين الدولي والعربي، كأنّه لم يكفه ما أنتجته حرب تموز من خراب، وما تكبده جراء قتال «حزب الله» في سوريا، وما لحق به جراء العمليات الأمنية، ومخالفة القانون الدولي وتجارة الممنوعات، والتعرض للنظام المالي والنقدي بحملات تبييض الأموال.
طرح نصرالله سيبقى مجرد هروب إلى الأمام، فرسائل السويداء تلاحق إيران في سوريا، والسوريون على اختلاف تلاوينهم وجزء كبير من اللبنانيين، لن يسمعوا نصرالله سوى عبارة واحدة: لن نخوض البحر معك.