
يبدو أن الأزمة السعودية ـ اللبنانية، آخذة بالتفاعل سواء في المُمارسة أو في المواقف. واللافت هذه المرّة في الأزمة بين البلدين، أنها اتخذت طابعاً حاداً في ضوء تصلّب سعودي، بعدما طفح “كيل” المملكة من “حزب الله” وممارساته وهو ما أكده كلام وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، بأن المُشكلة تتخطّى استقالة كلام وزير الإعلام جورج قرداحي، حيث أن الأزمة الفعليّة لدى المملكة ، هي مع جهة تُصادر القرار اللبناني وتفرض سيطرتها على لبنان. من هنا، فإن استقالة قرداحي، لن تكون سوى مدخلاً للنقاش في الأزمة وعندها سيكون لبنان الرسمي أمام حليّن: إمّا فرض سيادة الدولة كما يجب، وإلّا فالقطيعة مُستمرة وهي آخذة بالتمدد نحو قرارات أصعب ومؤلمة في نفس الوقت.
واقع الحال، يُشير إلى أن تركيبة الحكومة الحالية بالنسبة إلى المملكة العربيّة السعودية وعدد من الدول الغربية والعربية، لا يفي بالغرض المطلوب من لبنان تحقيقه، إذ أن سيطرة “حزب الله” وحلفائه في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، ظاهرة في أكثر من مكان وما تعطيلها اليوم على خلفيّة ملف تفجير المرفأ واعتراض الحزب على المحقق العدلي القاضي طارق بيطار، سوى دليل ساطع على أن الحكومة بالنسبة لهذه الدول، مرهونة لفريق هو الآمر الناهي فيها، ويقوم بتسييرها بالإتجاه الذي تُحدده بوصلته ومصلحته. وهذا بطبيعة الحال، يحمل السعودية على اتخاذ موقف صارم لجهة تحديد علاقتها بلبنان كنوع من “هزّ العصا”، إلى أن يستفيق الراعي (الدولة اللبنانية ) من سباته وينتبه لقطيعه.
القرار الذي اتخذته السعودية والدول العربية التي حذت حذوها في قطع العلاقات الدبلوماسية والسياسية مع لبنان، هو برأي خصوم “حزب الله” قرارٌ مُحقّ، لا بل كان يجب اتخاذه منذ فترة طويلة، بدلاً أن تصبر إلى ما بعد استهداف المملكة بالمخدرات و”الكابتغون”، المعروفة المصدره كما الجهة التي تقوم بتهريبه، كما أن هذا الأسلوب يجب ان يُعمّم على بقيّة الدول شرط أن لا يتأثر المغترب اللبناني به. وما قدمته السعودية وبقيّة الدول طيلة العهود السابقة وصولاً إلى حقبة وضع إيران يدها على لبنان، يكفي لبناء دولة بمؤسساتها وجيشها ومصانعها، لكن للأسف فإن كل هذه التضحيات والمساهمات ذهبت أدراج الرياح الإيرانية وللأسف، فهناك فريق داخلي أمعن بتدمير هذا البلد وتقويض مؤسساته وعلى رأسها المؤسّسة العسكرية.”
في المقابل وعند “حزب الله”، فإن الأمور مُختلفة كُليّاً عما هي عليه بالنسبة إلى المملكة وأيضاً بالنسبة إلى خصومه، سواء في الداخل أو في الخارج. بالنسبة إلى “الحزب” فإن مصادره ترى أن ما حصل لم يكن يستدعي كل هذا التصرّف الذي ينمّ عن مُحاولة “ضغط” على اللبنانيين من أجل اتخاذ مواقف مُعادية للحزب، وبالتالي تقليب الرأي العام المحلي والخارجي ضده. وكل ذلك، بسبب الخسائر التي أصابت السعودية في اليمن، ولا سيّما الخسارات المتلاحقة في مأرب التي وإن تمت السيطرة عليها كٌليّاً، يعني خسارة الورقة السعودية في اليمن.”
وتُشير المصادر نفسها، إلى أن “حزب الله” لم يطرح نفسه بديلاً عن الدولة ومؤسساتها، وهناك أكثر من حديث للسيد حسن نصرالله يعلن فيه بأنه ليس لدى الحزب مقوّمات كتلك التي تمتلكها الدولة اللبنانية في عدة مجالات. لكن في المقابل، نعم هناك سلاح يُعادل ما تمتلكه جيوش كثيرة في المنطقة ومعروف توجّه هذا السلاح، و”لكن إذا كانت هناك جهات ترى بأنها إسرائيلية أكثر من إسرائيل، ولذلك تتخوّف من هذا السلاح، فهذه مُشكلتها.”
بالعودة إلى خصوم “الحزب”، فهناك أمنية لديهم بأن “لا تتطوّر الأزمة اللبنانية ـ السعودية لأن انعكاسها سيكون كبير جداً ومُكلفاً بحق لبنان، هذا البلد مليء بالتجاذبات السياسية والصراعات الطائفية، لذلك هناك خشية على مصير لبنان والمطلوب في هذا التوقيت أن يُغلّب الحزب حسّه الوطني على مشروع “التهلكة” الذي يحمله والذي سيودي بنا جميعاً إلى المجهول.”