شعار ناشطون

لبنان… انقطاع في أدوية السرطان والمرضى ينتظرون بين الحياة والموت

09/08/21 08:54 pm

<span dir="ltr">09/08/21 08:54 pm</span>

أزمات متعاقبة يواجهها اللبنانيون من دون أي حلول في الأفق ومنها ما لا يرتبط بحاجات يومية عادية، فأصبحوا مجبرين على المكافحة من أجل تأمين الدواء للعيش.

ففيما حياة الكثيرين بخطر، خصوصاً منهم مرضى السرطان الذين يعانون في الفترة الأخيرة من انقطاع أدويتهم بما يهدد حياتهم، تستمر سياسة الاستهتار من قبل المسؤولين وكأن شيئاً لم يكن، فلا يحرك أحد ساكناً رغم المطالبات والجهود الحثيثة التي يبذلها المرضى والجمعيات المعنية. هذا، فيما يعرف الكل أن دواء السرطان ليس اختياراً للمريض فإما أن يتلقاه أو أن يكون مصيره الموت المحتّم. عشرات الآلاف من مرضى السرطان وعائلاتهم هم اليوم في حالة من الترقب لما يمكن أن تؤول إليه الأمور متأملين أن تصحو الضمائر وأن يتم التعاطي مع هذا الملف الخطير الذي ترتبط به حياتهم بمزيد من الجدية. هذا فيما تشكل كل لحظة تمر من دون تحقيق أي تقدم جديد فيه، تهديداً إضافياً لحياتهم.

تطلق اليوم راشيل صنيفر صرخة عبر “النهار العربي” تناجي بها ضمائر المسؤولين، علّهم يلتفتون لا إلى حالها بشكل خاص، بل إلى الآلاف الذين تعتبر حياتهم مهددة بالخطر مع الانقطاع التام لأدويتهم. فترفض تماماً أية مساعدة شخصية لها فيما المصيبة تمس الآلاف من المرضى. تعاني راشيل حالة نادرة من سرطان نقي العظام التي لم يكن تشخيصها سهلاً، فهي الحالة الوحيدة في لبنان ومن الحالات القليلة في العالم التي تعاني هذه الحالة النادرة. فمنذ 3 سنوات، حتى تم تشخيص مرضها وبقيت في حالة من الضياع والآلام الحادة التي يصعب تحملها طوال أشهر، إلى أن أتى التشخيص. حينها وُصف لها علاج هو من العلاجات القليلة المتوافرة لمثل حالتها. فكان لا بد من تجربته لها للتأكد ما إذا كان فاعلاً في حالتها كون النتيجة غير مؤكدة. علاج Revlemide الذي يتلقاه أيضاً مرضى الـMultiple Myeloma أظهر فاعلية في حالة راشيل، إلا أن انقطاعه اليوم يشكل تهديداً محتماً لحياتها. ففي الأشهر الماضية، أرغمها انقطاع الدواء على التأخير في علاجها الذي يفترض لها أن تتلقاه خلال 3 أسابيع متتالية في كل شهر ثم توقفه خلال أسبوع قبل أن تعاود تناوله. في مرحلة سابقة، أمنت الوزارة لراشيل البديل الإيراني المصدر، وإن كانت الدراسات حوله غير متوافرة، قبل أن ينقطع أيضاً وقد استطاعت جمعية بربارة نصار أن تؤمن لها خلال الشهرين الأخيرين العلاج السويسري الصنع لكنه اليوم لم يعد متوافراً.

راشيل لم تعد تملك العلاج اللازم لها لتعيش. فإصرارها على العيش وحبها للحياة يقابله استهتار قاتل أمام حالتها وحالة الآلاف غيرها. فكأن معاناتها جراء الآثار الجانبية والأعراض الصعبة بسبب العلاج لا تكفي، حتى تأتيها الهموم المرافقة لانقطاع الدواء فيزيد من معاناتها فيما تقف مترقبة بين الحياة والموت علّ القرار المنتظر يأتي لينقذ حياتها. قائلة: “ما يحصل اليوم هو جريمة ترتكب بحق كل مريض سرطان. بعد أن كافحنا من أجل العيش ها هم يقتلوننا ببطء من دون أن يحرّك أي من المسؤولين ساكناً. ممنوع أن نموت من أجل دواء. فحياتي وكحياة كل مريض سرطان على المحك بانتظار توقيع. هم يتلاعبون بحياتنا من دون أن يرف لهم جفن”.

تظهر راشيل حباً للحياة وتمسكاً بلكل لحظة مع أولادها وحفيدتها التي تحلم بأن تكبر على يديها. لم توفر جهداً في الأشهر الأخيرة ليستمر تأمين العلاج وقد تواصلت مع كل من يمكن أن يقدم مساعدة من مسؤولين وغيرهم لكن تبقى الوعود في الهواء بانتظار صدور القرار بإنقاذ حياتها وحياة كل مريض سرطان في لبنان. تناجي راشيل اليوم نقابة المحامين بالتحرك إلى جانب مرضى السرطان بهدف دعمهم علّ ذلك يساعد في تأمين علاجاتهم وإنقاذ حياتهم مؤكدة أنها أوصت أولادها برفع دعوى ضد الدولة في حال توفيت بسبب عدم تأمين العلاج لها.

معاناة راشيل هي نفسها معاناة كافة مرضى السرطان في لبنان. انتظار مضنٍّ وترقب صعب على حافة الهاوية لكل هؤلاء الذين تضاف إلى معاناتهم مع المرض تلك المعاناة الأكثر صعوبة بعد لعدم توافر العلاج.

بدأت هذه المعاناة جراء انقاع الأدوية بحسب رئيس جمعية بربارة نصار، هاني نصار، منذ أشهر عديدة لكن الوضع ازداد سوءاً منذ شهرين حيث أصبحت الجمعية مرغمة على الاختيار بين مريضين في تقديم المساعدة لهما في الادوية. موضحاً “قد لا يكفي العلاج المناعي المتوافر لدينا لأكثر من أسبوعين من الآن. ما يحصل يضعنا في موقف صعب بحيث نضطر إلى الاختيار ما بين مريض وآخر أو بين حالتين. فعلى سبيل المثال يمكن لمرضى اللوكيميا المزمنة التي تعتمد على علاج طويل الأمد أن ينتظروا لبعض الوقت في تلقي العلاج، أما مرضى اللوكيميا الحادة فأي تأخير ولو لأسبوع قد يهدد حياتهم سريعاً وبالتالي لا يمكن الانتظار”.

بسبب الوضع الحالي، بدأت تسجّل وفيات بمرضى السرطان بسبب عدم تلقيهم العلاج لعدم توافره، والأعداد إلى ازدياد ما لم تتخذ إجراءات سريعة لتأمين علاجات للمرضى. ويشير نصار إلى أن المزيد من الأدوية تفقد يومياً فيعاني المزيد من المرضى، ومن هذه العلاجات غير المتوافرة علاج سرطان البروستاتا الذي يحتاجه مئات المرضى في لبنان.

تؤمن وزارة الصحة منذ أشهر عديدة البدائل الإيرانية إنما هذه الأدوية غير مثبتة الفاعلية بحسب الأطباء ولا تتوافر للأدوية الدراسات الكفية حولها، خصوصاً أنه يعرف أن العلاجات الحديثة كانت متوافرة لمرضى السرطان في لبنان ما كان يساعد في رفع معدلات الشفاء، أما الأدوية البديلة لها فغير متوافرة كلّها أو أن الدراسات غير متوافرة لها.

يِفترض بالوزارة أن تدفع مبلغ 600 مليون دولار لشركات الأدوية، وقد تم التوصل مع هذه الشركات بأن تؤمن الأدوية بناء على سعرها المدعوم، شرط أن تقدم لها الوزارة ضمانة، لكن المشكلة تكمن في أن مصرف لبنان يدعو إلى وقف دعم باقي الأدوية لعدم توافر المال لها، فيما تصر الوزارة على استمرار الدعم. هذا ومن المتوقع أن تصدر الوزارة جدولاً جديداً بأسعار الأدوية ما لم يقبل به المستوردون ايضاً، بحسب نصار.  ويضيف: “أن ثمة تواصلاً مع الهند لإحضار أدوية بديلة، ثمة دراسات عليها أكثر من تلك الإيرانية، ويبدو أن عدداً من الأطباء موافق على هذا الاختيار لعدم وجود بدائل أصلاً. فحالياً حتى الأدوية الإيرانية الصنع غير متوافرة وكافة مرضى السرطان ينتظرون تأمين علاجاتهم فيما كل تأخير يشكل خطراً كبيراً على حالاتهم وعلى حياتهم. فمع السرطان لا يعتبر التأجيل أو الانتظار ممكناً. علماً انه إذا كانت البدائل متوافرة لأدوية معينة، ماذا عن تلك التي لا بدائل لها. فكيف للمرضى أن يتابعوا علاجاتهم؟ وهنا لا يزال التركيز على ادوية السرطان، أما العلاجات وتكاليفها فأزمة أخرى أيضاً”. وزاد: “إذا كان أكثر من 200 شخص قد توفوا في انفجار مرفأ بيروت، يجب أن يعرف الكل أن عشرات الآلاف من مرضى السرطان ينتظرون مصيراً مماثلاً فيما هم اليوم في حالة الموت البطيء”.

  • تابعنا عبر