شعار ناشطون

لا تحوروا ولا تدوروا.. فتشوا عن سوريا والممانعة!!

03/07/23 08:11 am

<span dir="ltr">03/07/23 08:11 am</span>

 

بقلم الكاتب والصحافي صفوح منجّد

 

من السهل على اللبنانيين أن يعودوا بالذاكرة أو إلى الأرشيف في كل مرة يتعرض فيها البلد إلى إنتكاسة فيعمد إلى التفتيش عن الأسباب والمتسببين بهذا التدهور أو بتلك المصائب والويلات ومن يقف وراءها أو أمامها ويقودها لإفتعال حدث أو إرباك وحتى إقتتال داخلي.

 

ولكي يستقيم هذا التوصيف مع الوقائع التي عاشها ويعيشها البلد لا بد من العودة إلى صبيحة 9 آذار 2005 حيث نظّم حزب الممانعة تظاهرة حطت رحالها في ساحة رياض الصلح بالعاصمة بيروت تحت شعار “وفاء لسوريا” وقيل يومها أن الحزب قد جمع أكثر من مليوني نسمة من جميع المناطق اللبنانية، في حين أنّ خبراء في الهندسة المدنية يوم ذاك وإعتمادا على محفوظات رسمية قدّروا المساحة التي وقف فيها المتظاهرون ب 78 الف متر مربع ،وأوقفوا في كل متر 3 أشخاص فخرجوا بتقدير لعدد المتظاهرين هو في حدود 235 ألف متظاهر الأمر الذي يشير إلى تلك النزعة التي يتميز بها الحزب وأنصاره وهو المبالغة في كل شيىء.

 

ويومها كان من الملفت كيف تعاطى رئيس الحزب حسن نصر الله مع قضية إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في 14 شباط 2005 وما تبع ذلك من شعار رفعته القوى الوطنية على إختلاف مناطقها وطوائفها، يطالب بلجنة إستقصاء وبمحكمة دولية لمتابعة قضية الإغتيال وتوقيف المجرمين ومحاكمتهم، وفي الوقت نفسه الدعوة إلى خروج القوات السورية من لبنان.

 

والملفت يومها أنّ منظمي هذه التظاهرة حاولوا خداع اللبنانيين والعرب والرأي العام الدولي بأنهم مسالمون ولا يعلمون شيئا عن عملية إغتيال الحريري ورفاقه ومن كان في موكبه عند وقوع الجريمة، فقد إنبرى أمين عام الحزب حسن نصر الله إلى الإشارة في كلمته: “إن إتفاق الطائف فقط هو الذي يجب أن يحكم مسألة الوجود العسكري السوري ،وإرادة الحكومتين اللبنانية والسورية ومصالح البلدين وليس الضغوط والإملاءات الدولية ولا تقديم مكافآت لإسرائيل!

 

وكأنه كان يعتقد يومها أن تفاصيل هذه العملية الإجرامية ومن قام بها لن تُكتشف فنسمعه يقول “نحن المحتشدين هنا نجدد إدانتنا للجريمة النكراء التي أدت إلى إستشهاد الرئيس الحريري ومعه رفاق ومواطنون (؟) ونعبّر عن مواساتنا لعائلته ولأهله ونقول أننا كلنا نريد كشف الحقيقة، لأن الحقيقة إذا كُشفت ستصون لبنان وسوريا وسيسقط أكبر سلاح للفتنة وستبعث الطمأنينة في قلوب الجميع. (ولا نجافي الحقيقة هنا إذا سألناه بعد 14 سنة من الجريمة وبعد الحقائق التي تكشّفت بالوقائع والأسماء: ماذا فعلت؟ هل نسيت ما وعدت به؟ أم أن كل ما قلته هو محاولات للإفلات من هذه الجريمة وإعتقادك أنها لن تكشف؟

ونمضي مع ذلك الخطاب الذي رفض فيه خروج القوات السورية من لبنان،علما أنها بعد أيام قليلة وبناء على قرارات دولية “ضبضبت” أغراضها وبدل أن تكتفي بإعادة تجمعها في البقاع فقد أنهت خروجها من كل الأراضي اللبنانية في حين أن نصر الله قال في تظاهرة رياض الصلح: “نؤكد أن إتفاق الطائف فقط هو الذي يجب أن يحكم مسألة الوجود العسكري السوري وإرادة الحكومتين اللبنانية والسورية ومصالح البلدين، وليس الضغوط  ولا الإملاءات الدولية ولا تقديم مكافآت لإسرائيل”؟؟.

 

ويُذكر أن القوى الوطنية قد نظمت بعد إسبوع من ذلك التاريخ أي في 14 آذار تجمعا حاشدا ضمّ الملايين وإمتلأت ساحة الشهداء على إتساع مساحتها بجماهير المواطنين الذين قدموا من كل مدينة وقرية ومن مختلف الطوائف، وكادوا أن يتوجهوا إلى القصر الجمهوري لإحتلاله بعد أن تلقوا دعما من السلطات العسكرية اللبنانية وتسهيل وجودهم  في الساحة التي لم تشهد لغاية اليوم مثيلا لهذا الحشد الشعبي الكبير.

 

يومها إعتقد قادة 8 آذار أو ما يسمى اليوم ب”جماعة الممانعة” أن بمقدورهم أن يعمدوا إلى التسويف والتزييف في محاولة منهم لتحقيق أغراضهم ومشاريعهم وقد شهدنا العديد من هذه المحاولات التي باءت بالفشل على إمتداد ال 14 سنة الأخيرة، ولكن يبدو أنهم لم يقتنعوا حتى اليوم أنّ تلك الأباطيل لم تنطل ولن تنطلي على أحد وبالطبع السلاح الذي يحتمون به لم يعد قادرا على الإستمرار في تأدية غاياته، ولكن ماذا نفعل؟ إذا كانوا من وقت إلى آخر يحاولون العودة إلى هذه الممارسات والإستقواء بها في محاولات مكشوفة لدفع الثمن لعرابيهم وللقوى التي يأتمرون بتوجيهاتها وخاصة إذا كان الأمر يتعلق برد الجميل إلى القيادة السورية.

وخير مثال على ذلك بارقة الأمل التي كانت الأمم المتحدة مسرحا لها خلال اليومين الماضيين وتجلّت في الدعوة إلى إنشاء مؤسسة مستقلة توضح مصير وأماكن ووجود الأشخاص المفقودين والمعتقلين والمحجوزين السوريين في سوريا وبينهم لبنانيون مفقودون ومعتقلون هناك، وقد نبت الشعر على ألسنة عائلاتهم ورفاقهم في المطالبة بقرار أممي بإمكانه أن يكشف مصير هؤلاء.

 

فمنذ بداية الحرب في لبنان فُقِد الكثير من اللبنانيين وإعتُقل العديد منهم على يد الجنود السوريين وحلفائهم منذ العام 2011 وتمّ الإبلاغ عن أكثر من 100 ألف شخص فُقِدت المعلومات عنهم أو إختفوا قسرا على يد السلطات السورية وغيرها من الأطراف الموالية لها، وقد سعت الأمم المتحدة بشخص المفوض السامي لحقوق الإنسان إلى تأسيس وإنشاء مؤسسة إنسانية مستقلة يتركز دورها على حق الضحايا وأهاليهم في معرفة الحقيقة على صعيد إختفاء أحبائهم وعدم تلقي اللجان الدولية ومنها الصليب الأحمر أي معلومات بهذا الشأن.

 

وتفيد المعلومات أن هناك أكثر من 622 شخصا بينهم لبنانيين وسوريين قد قضوا نحبهم تحت التعذيب في المعتقلات السورية، وتحدد جهات مطلعة أن أماكن التعذيب هذه هي في العاصمة السورية دمشق لاسيما ما يسمى ب “فرع فلسطين” وكذلك في سجن تدمر الذي يشتهر بأساليب التعذيب المختلفة إضافة إلى المحاولات التي جرت خلال السنوات الماضية في إطار الدفع بالعناصر الإرهابية من الإنضمام إلى قوات النظام والقيام بتنفيذ عمليات محددة لاسيما في أماكن سيطرة قوى المعارضة.

 

وتشير المصادر على هذا الصعيد إلى المحاولة التي جرت في خراج مدينة عرسال البقاعية حيث تم نقل مجموعات من هؤلاء وبواسطة أوتوبيسات مكيّفة لقمع أهالي البلدة لعدّة ايام وخروج هؤلاء إثر ذلك وبنفس طريقة الدخول، وروّجت القوى النظامية أن هؤلاء الأفراد الذي تجاوز عددهم ال 200، يوم ذاك هم من العناصر الإرهابية وأنه قد تم إعتقالهم في خراج البلدة المذكورة وسينالون عقابهم!!

 

وتفيد المعلومات أنّ حزب الله وبناء على توجيهات من القيادة السورية قد مارس ضغوطات على وزير الخارجية اللبناني ليمتنع عن الإقتراع لصالح مشروع القرار المتعلق بمصير المفقودين والمعتقلين في السجون السورية أو الذين قضوا نحبهم تحت التعذيب وهو القرار الذي كان موضع نقاش في الأمم المتحدة.

 

وبذلك ينضم هذا الموقف من قِبل حزب الممانعة للعديد من مواقفه السابقة التي يراعي فيها فقط مصالح حليفه النظام السوري ولا يعنيه بأي شكل من الاشكال مصير مواطنيه اللبنانيين!!

 

لكن النظام السوري وكعادته كما “جماعة الممانعة” حاول “مقايضة الحديد بقضامة” حيث كشف وزير المهجرين في حكومة تصريف الأعمال عصام شرف الدين “أن سوريا أعلنت عن نيتها إستقبال 180 ألف نازح من لبنان كمرحلة أولى ومن ثم سيتم إستقبال 15 ألف نازح كل شهر وان هذا العدد قابل للزيادة.

غير أن أهالي المفقودين والمخفيين في سوريا وصفوا هذا “الإعلان” أنه مجرّد مراوغة وهو على سبيل المقايضات التي برع فيها النظام السوري وكذلك “جماعة الممانعة” والهدف من ذلك دفع اللبنانيين للتوقف عن إثارة موضوع المفقودين والمخطوفين  الذين فُقِدت المعلومات عن مصيرهم دون أن تلتزم دمشق بأي إجراء يكشف حقيقة أوضاعهم مقابل تسهيل عودة النازحين!!.

 

 

 

تابعنا عبر