بعد وفاة وديع جورج وسوف جراء مضاعفات مرتبطة بعملية تكميم المعدة التي كان قد خضع لها قبل أيام قليلة، طرحت أسئلة كثيرة عن هذه العملية والمخاطر المحتملة المرتبطة بها وعن المعايير التي تجرى فيها. وفق ما يوضحه رئيس قسم جراحة البدانة وأمراض الأيض في مستشفى أبو جودة في بيروت الدكتور يوسف أندراوس لا تجرى الجراحة إلا وفق معايير محددة وشروط بناء على توصيات الهيئات الدولية المختصة. مع الإشارة إلى أن الكل يعلم أن لهذه العملية، كما أي عملية أخرى، مضاعفات يجب أخذها في الاعتبار وهناك عناصر معينة تساهم في الحد من هذه المضاعفات.
من هم الأشخاص الذين يمكن أن تجرى لهم عملية تكميم المعدة؟
إن المبدأ الأساسي من إجراء عملية تكميم المعدة هو الحد من القدرة الإستيعابية للمعدة والسعة بنسبة 70 في المئة تقريباً ويمكن أن يتحقق ذلك بطرق عدة يمكن أن تجرى فيها. ومع زيادة نسبة تضييق المعدة، يوضح أندراوس أنه يمكن الحصول على نتيجة فضلى أي الاستفادة أكثر بعد، إنما يزيد ذلك من معدل المضاعفات التي يمكن التعرض لها أكثر بعد. لذلك، تم التوافق على معايير معينة هي آمنة أكثر لمعظم الناس وتسمح بالحصول على نتيجة مرضية فيعتمدها معظم الجراحين، وذلك وفق توصيات وضعتها الـ ASMBS والـWHO وغيرها من الهيئات المعنية التي يمكن أن تعدل في توصياتها كل فترة زمنية معينة. هذا، مع ضرورة التوضيح أنه “عمل يدوي” والجراح هو الذي يتحكم بالآلة المستخدمة في العملية الأقرب إلى منظار والتي تعتمد كمعيار لقص المعدة بنسب معينة. فإما أن يضيّق بنسبة زائدة أو أن يقلل النسبة.
أما من تجرى له الجراحة فيتم تحديده على أساس معيار أساسي هو مؤشر كتلة الجسم. فهذا ما يتم الاستناد إليه في اختيار من يعتبر مؤهلاً لإجراء الجراحة ومن لا يمكن أن تجرى له. فيُعرف أن مؤشر كتلة الجسم الطبيعي يراوح بين 18 و25. هو معدل طبيعي لا يشكل فيه الوزن مخاطر على الصحة. أما بين 25 و30 فيكون هناك سمنة وبين 30 و35 هي سمنة من الدرجة الأولى وبين 35 و40 سمنة من الدرجة الثانية وبقدر ما يزيد مؤشر كتلة الجسم تزيد مخاطرها على الصحة ويزيد خطر الإصابة بأمراض مرتبطة بالبدانة في ما يُعرف بالـMetabolic Syndrome.
وفق التوصيات تجرى عملية تكميم المعدة إذا تخطى مؤشر كلتة الجسم معدل 40 لأن المخاطر الصحية للبدانة تزيد عندها بشكل ملحوظ. كذلك يُنصح بإجرائها في حال كان مؤشر كتلة الجسم بين 35 و40 إذا كانت هناك مشكلات صحية مرافقة، كما يوضح أندراوس، بهدف الحد من المخاطر الصحية. فمع انخفاض معدل البدانة يتراجع خطر الإصابة بأمراض مرتبطة بها كأمراض القلب والسكري وارتفاع ضغط الدم وانقطاع النفس أثناء النوم وغيرها من الأمراض التي تهدد حياة المريض وتقّلل معدل سنوات العيش. إنما في كل
الحالات، ينصح باللجوء إلى الوسائل التقليدية لخفض الوزن كالحمية والرياضة والتقيّد بالتعليمات الطبية، وفي حال فشلت هذه الوسائل، لا بد من اللجوء إلى الحل الجراحي كوسيلة وحيدة قادرة على الحد من الخطر عبر معالجة السمنة.
وفي التوصيات الأخيرة التي صدرت منذ 4 أشهر والمرتبطة بعملية معالجة البدانة، تم خفض مؤشر كلتة الجسم الذي يمكن أن تجرى على أساسه إلى 30 في حال وجود مشكلات صحية مرافقة للسمنة ومرتبطة بها، أيضاً في حال فشلت الوسائل التقليدية لخفض الوزن بطريقة طبيعية أي بالحمية. مع الإشارة إلى أن التوصيات يمكن أن تختلف بحسب الشعوب.
وفق ما يؤكده أندراوس أن هذه الجراحة كفيلة بتأمين أسلوب حياة أفضل للمريض من دون أعراض ناتجة من البدانة التي يعانيها. فالحل الجراحي ضروري لاستعادة الوظائف الطبيعية والوزن الطبيعي. فخفض الوزن عنصر أساسي للحد من المخاطر الصحية. لكن في الوقت نفسه يمكن أن يزيد خطر التعرض لمضاعفات عند الخروج عن الإطار الموضوع في التوصيات.
ما هي المضاعفات المرافقة للجراحة؟
– الوفاة بنسبة 1 في المئة من الحالات، وهذا يتعلق بالأطباء من ذوي الاختصاص أياً كانت الخبرة التي تمتع بها الطبيب فيكون الخطر موجوداً لكن النسبة تخف بقدر ما تزيد خبرة الطبيب وتمرّسه في إجراء العملية.
– النزف ويمكن أن يحصل في مراحل عدة. فإما أن يحصل أثناء إجراء الجراحة وقد يكون من الممكن السيطرة عليه خلالها أو في اليوم الذي يلي أو في مرحلة لاحقة وتتعدد الأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى حصول النزف بعد خروج المريض من العملية. يتم التعاطي مع الحالة بحسب المرحلة التي يحصل فيها النزف وقد تكون هناك حاجة إلى إعادة إدخال المريض إلى العملية في هذه الحالة للمعالجة. وقد تكون هناك حاجة إلى إعطاء دم للمريض. في كل الحالات، تعتبر المتابعة الدقيقة للمريض بعد إجراء العملية والتواصل معه من الخطوات الأساسية التي لا بد من التقيد بها، بحسب أندراوس. فيجب التعاطي مع الحالة على أنها مشكلة مزمنة لا بد من متابعتها أكثر من أي عملية أخرى يمكن الخضوع لها.
– الجلطة لذلك توصف أدوية سيلان الدم للوقاية
لاعتبار أن الخطر يزيد على مريض يخضع لهذه الجراحة بسبب قلة الحركة وقلة تناول السوائل.
– تسرب السائل الحمضي.
– عقدة مصران التي تعتبر من المشكلات غير المتوقعة لكنها ممكنة بسبب الجراحة.
– نقص في عناصر غذائية معينة كالحديد والفيتامين الـ12.
هذا إضافة إلى مضاعفات أخرى تتفاوت في حدتها تترافق مع العملية ومنها ما هو متوقع ومنها ما قد يكون غير متوقعاً. مع الإشارة إلى أن نجاح العملية يرتبط بخبرة الجراح وتمرسه وبحرص المريض على الالتزام بكافة التعليمات الطبية وشروط العملية واتباع نمط حياة مناسب مع تغيير صحي في نمط الحياة. فنتيجة الجراحة لا تدوم أكثر من 5 سنوات وتحديداً بين 3 سنوات و5 وفي حال لم تتبع عادات صحية في نمط الحياة من المتوقع أن يعود اتساع المعدة ويزيد الوزن ولا بد من اللجوء إلى عملية أخرى وفق شروط معينة كالـbypass.
وتجدر الإشارة إلى أن خطر حصول مضاعفات يرتبط بكل حالة وبنمط حياة المريض وبحالته الصحية. فتعتبر المرأة المدخنة التي تتناول حبوب منع الحمل أكثر عرضة مثلاً للجلطات فيما قد يكون مريض آخر أكثر عرضة للتسرب في حمض المعدة. في كل الحالات، من الضروري أن يكون المريض مدركاً لمخاطر العملية قبل إجرائها وأن يكون الطبيب واضحاً معه ليعرف ما ينتظره بعدها.