تساءلت صحيفة “الأخبار”، “هل اتخذ القرار بتجميد أي حلّ لأزمات لبنان حتى موعد الانتخابات الرئاسية؟”، موضحةً أنّ “الأجوبة كثيرة، لكنها تتقاطع عند فكرة أساسية، وهي أن المحور الذي لم يتمكّن من الفوز بانتخابات نيابية مريحة، وفشل في منع التجديد لرئيس مجلس النواب نبيه بري، أو إيصال مرشحيه إلى مناصب قيادة المجلس أو رئاسة الحكومة، يريد تنظيم صفوفه بطريقة مختلفة استعداداً للاستحقاق الرئاسي المقبل، وهو ما يتطلّب عدم ترك حزب الله وحلفائه في حالة استقرار في الفترة الفاصلة عن استحقاق تشرين الأول”.
ولفتت إلى أنّ “الواضح من سياق الترشيحات لرئاسة الحكومة، أن العامل الخارجي يعمل على خط واحد. إذ إن هناك توافقاً أميركياً- سعودياً على إهمال الملف اللبناني، وعدم التعاطي إلا مع عناوين ذات انعكاسات إقليمية، كملف ترسيم الحدود البحرية. وفي ما عدا ذلك، فإن أي تسهيلات لتشكيل حكومة جديدة أو ترتيب الوضع العام في البلاد أو تسهيل تطوير قطاع الطاقة، ستنعكس لمصلحة حزب الله والتيار الوطني الحر ورئيس الجمهورية ميشال عون”.
وذكرت “الأخبار” أنّ “بحسب المعطيات لدى جهات لبنانية عدة، فإن السعودية لا تريد التورط في أي تفصيل يخص الملف اللبناني حالياً. وهي تفضّل ترك الأمور على حالها حتى ولو أدى ذلك إلى مزيد من التدهور، وتعتبر أن على القوى اللبنانية اتخاذ خطوات كبيرة في الجانب السياسي، بما يتيح “تقليم أظافر” حزب الله وإبعاد حلفائه عنه، مقابل الحصول على دعم مالي يحتاجه لبنان لمواجهة الأزمة”.
وركّزت على أنّ “القطيعة القائمة بين رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي من جهة، وبين الرئيس عون ورئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل من جهة ثانية، تعدّ الإشارة الأبرز إلى صعوبة التفاوض على قيام حكومة جديدة. ويبدو أن ميقاتي يريد وضعية جديدة يقلص فيها دور عون وباسيل على صعيد الخطط المركزية التي تتعلق بالكهرباء والتفاوض مع صندوق النقد الدولي، وحتى التعيينات الإدارية في المؤسسات العامة”.
أفادت “الأخبار” بأنّ “عشية الاستشارات غير المُلزمة التي يبدأها الرئيس المكلف اليوم في مجلس النواب، لم تُسجّل أي اتصالات سياسية يُبنى عليها، باستثناء تأكيد الأخير أمام بعض القوى السياسية التي تحدث إليها أنه مُصرّ على التشكيل قريباً. إلا أن فكرة التعديل الوزاري الذي بدأ ميقاتي يسوّق له منذ ما قبلَ استقالة الحكومة وتحولها إلى حكومة تصريف أعمال، لا يزال أحد الخيارات الرئيسية التي يتحدث عنها”.
وكشفت مصادر قريبة من ميقاتي، أنه “يسعى إلى اختيار وزراء أو وجوه جديدة في القطاعات الأساسية”، لافتة إلى أن “فكرة التعديل الوزاري لا تعني الإبقاء على الحكومة الحالية، لأن التعديل دستورياً يجري على الحكومة القائمة، إلا أن الحديث عن تعديل يعني تأليف حكومة جديدة تكون هي نفسها الحكومة الحالية مع تغيير بعض الأسماء بالتشاور مع القوى السياسية من أجل توفير الوقت”.
وتطرقت المصادر إلى عدد من الوجوه الوزارية التي سيطاولها التغيير في حال وافقت القوى المعنية، “منها من طلب إعفاءه من المهمة مثل الوزيرة نجلا رياشي التي تتحضر لمغادرة البلاد، ووزير الخارجية عبدلله بو حبيب. ومنها من يريد ميقاتي تغييرها وعلى رأسها وزير الطاقة وليد فياض، لأنه يريد وزيراً يوافق على خطة الكهرباء من دون أن تكون لديه ملاحظات أو مطالب. كما أن الحديث عن التغيير يطاول وزراء الداخلية والاقتصاد والمهجرين”.
أكّدت مصادر عربية في الولايات المتحدة الأميركية، بحسب ما نقلت صحيفة “الأخبار”، أن “المسؤولين الأميركيين يبدون اهتماماً كبيراً بملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وفلسطين المحتلة”، مشيرة إلى “تقييم سلبي للزيارة الأخيرة التي قام بها الوسيط الأميركي في المفاوضات عاموس كوهشتين، إذ إنه لم يعد بموقف لبناني رسمي مكتوب، وهذا يعقّد المفاوضات”. وأعلنت “وجود حرص أميركي على عدم حدوث أي تصعيد عسكري بين لبنان والعدو الإسرائيلي”.
وذكرت الصحيفة أنّ “بحسب المعلومات، فإن الجانب الأميركي لا يزال يصر على “خط الـ23 المتعرج”، الذي اقترحه هوكشتين في زيارته لبيروت في شباط الماضي، باعتبار أن هناك إمكانية لتسويقه مع الإسرائيليين. كما أن الأميركيين يصرّون على أنهم لم يسمعوا من المسؤولين الرسميين اللبنانيين كلاماً مباشراً عن مقايضة بين حقلَي قانا وكاريش، بل سمعوا بذلك من مواقع غير رسمية، في إشارة الى تصريحات النائب جبران باسيل”.
وأفادت بأنّ “في هذا السياق، يحمّل المعنيون بالملف في الإدارة الأميركية، باسيل مسؤولية تعطيل ملفات كثيرة؛ من بينها ملف الترسيم. وقد زادت حدة الموقف الأميركي من رئيس التيار الوطني الحر، بحسب المصادر نفسها، بعد الانتخابات النيابية وتمكّن باسيل من المحافظة على كتلة وازنة في المجلس النيابي والتأثير على تشكيل الحكومات ومن أداء دور في الانتخابات الرئاسية المقبلة”.
وشدّدت المصادر أعلى أنّ “الجانب الأميركي مهتم بمعرفة حقيقة موقف حزب الله من ملف ترسيم الحدود. وعندما كان هوكشتين في بيروت، أثار الأمر مع أحد الرؤساء فقط وليس معهم جميعاً. وهو تعمّد التحذير من أن التصعيد العسكري من جانب حزب الله سيدفع المنطقة الى حرب واسعة، كما أنه استفسر عن جدية التهديدات التي أطلقها الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله”.
ونقل عن هوكشتين تأكيده للمرجع الرئاسي نفسه أن “أميركا تريد حلاً، لكنها غير قادرة على أن تفرض أمراً على إسرائيل. وهو سمع في المقابل أن لبنان غير قادر على تقديم تسهيلات إضافية، وأن المقاومة ستقوم بدورها في حال قرر العدو تجاهل مصالح لبنان والمبادرة الى أعمال استخراج تهدد حقوق لبنان النفطية والغازية”.
أميركا تربط استجرار الغاز والكهرباء بتغيير حكومي يشمل وزارة الطاقة
وكشفت المعلومات، بحسب ما ذكرت “الأخبار”، تعليقًا على درس الجانب الأميركي موضوع المساعدة في إقرار البنك الدولي تمويل خطة استجرار الغاز من مصر والكهرباء من الأردن، ربطاً بالواقع الحكومي في لبنان، أنّ “الأميركيين لا يبدون حماسة للعمل مع الحكومة الحالية، وينتظرون قيام حكومة جديدة، ويتوقعون أن يصار الى تغيير وزير الطاقة الحالي وإبعاد التيار الوطني الحر عن الوزارة”.
وأوضحت المصادر أنّ “الأميركيين قد يمارسون ضغطاً على البنك الدولي ويصدرون إعفاءات من قانون قيصر في حال حدوث تغيير حقيقي في إدارة الحكومة ووزارة الطاقة”، وأقرّت بأن “هذا الموقف يندرج في سياق الضغط المباشر على الرئيس عون وباسيل”.
من جهة أخرى، لفتت المصادر إلى “كلام كثير يتردد في العاصمة الأميركية، عن نية واشنطن العودة الى فرض عقوبات على شخصيات لبنانية قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة وبعدها، وأن المستهدفين بالعقوبات ليسوا بعيدين عن الرئيس عون وباسيل، وأن هناك جهات في لبنان تسعى لمنع شمولها بالعقوبات، لكن لا يوجد في الإدارة الأميركية من هو مستعد للحديث مع أركان التيار الوطني الحر الآن”.
ركّزت “الأخبار” على أنّ “فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي لا يزال يتقدم على بقية الأجهزة الأمنية، في ملاحقة شبكات يشتبه في أنها تعمل لمصلحة العدو الإسرائيلي. وعلى خط مواز، فعّلت مديرية الاستخبارات في الجيش عملها التقني في هذا المجال، وأجرت تحقيقات مع مشتبه فيهم ومع عدد من الأشخاص ممن يتواصلون مع جهات وشركات أجنبية طلباً للعمل، لتنبيههم إلى أن بعض الاتصالات تؤدي للعمل مع العدو. فيما تتولّى المديرية العامة للأمن العام، من جهتها، متابعة ملفات لعدد من المشتبه في تواصلهم مع العدو”.
وأكّد مرجع معني لـ”الأخبار”، أن “الوسيلة التي يعتمدها العدو في تجنيد لبنانيين أو مقيمين في لبنان، هي نفسها التي بدأها قبل فترة، وتقوم على بناء شبكات على مواقع التواصل مهمتها اصطياد هؤلاء بعد تقديم عروض لهم بالعمل لمصلحة جهات غير حكومية”، مضيفا أن “العدو لا يبدو قلقاً حيال كشف بعض هؤلاء، خصوصاً أنه يعمل على تجربة كل المتواصلين معه، ويطلب منهم أنشطة تبدو غير منطقية أو غير ذات أهمية، لكنها تكون أساسية بالنسبة للمشغّل الإسرائيلي، قبل أن ينتقل إلى مرحلة ثانية من إدارة التواصل مع العميل والطلب منه القيام بأعمال “خطيرة”، وعندها يتم تحديد ما إذا كان المتعاون قد قرّر الاستمرار في العمل أم لا”.
وتحدث المرجع عن “عملية كبيرة تشمل مئات ممن وضعوا تحت المراقبة، وهم لبنانيون ومن جنسيات أخرى، وبعضهم يعمل في مؤسسات ذات شأن. وأوضح أن العملية معقدة، لكنها تحتاج إلى وقت طويل للتثبت من الوقائع، لأن المشغّلين الإسرائيليين يعتمدون وسائل عشوائية ولا يربطون بين عميل وآخر إلا في حدود ضيقة”.
ونوّه الصحيفة إلى أنّ “في هذا السياق، كان لافتاً في الأسبوعين الماضيين توقيف فرع المعلومات مشتبه فيهم في بيروت والجنوب، تبين أن غالبيتهم من أبناء قرى العرقوب في قضاء حاصبيا”.