شعار ناشطون

فهمي لـ”المدن”: ثلثا آلياتنا معطّل وطلبت مساعدة قطر

20/03/21 05:59 am

<span dir="ltr">20/03/21 05:59 am</span>

نادر فوز – المدن

قبل أسبوع فجّر وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال، محمد فهمي، قنبلة. قال إنّ “الأمن في لبنان قد تلاشى”. وبعد أيام على هذه العبارة، حصل اشتباك مسلّح في منطقة عائشة بكّار أدى إلى سقوط عدد من الجرحى، ووتيرة جرائم السرقة و”السلب” مستمرّة في تصاعدها. الأمن الاجتماعي والغذائي مفقودان، الوضع المالي والاقتصادي منهار، والأمن الفعلي اضمحلّ.

كلام الأسبوع الماضي، يمحوه الوزير فهمي اليوم. الأزمة واقعة طبعاً و”الوضع سيء جداً، مأساوي، لكن الآن نفّست سياسياً”. يبدو الوزير أكثر اطمئناناً، ولو أنه يدرك أنّ الصعاب الأمنية تتراكم، وكذلك أدوات مواجهة الأمن المتفلّت. فيخلص إلى القول إنّ وضع اللبنانيين حالياً أسوأ مما كانت عليه أوضاعهم منذ عام 1975، بعد الحرب الأهلية، على اعتبار أنّ الأزمة الاقتصادية في أوجّها. حتى قوى الأمن الداخلي تعاني، مؤسسة وأفراداً. واقعها سيء أيضاً، وهو ما يكشفه الوزير فهمي في مقابلة مع “المدن”. ومن بين ما يكشفه أيضاً، زيارة قام بها إلى الدوحة لطلب مساعدة قوى الأمن الداخلي.

الأمن المتلاشي
في مكتب فسيح، وأمام شاشات عملاقة، يعيد الوزير فهمي التأكيد على عبارة أنّ “الأمن في لبنان قد تلاشى”. لكن يوضح “المقصود منها دق ناقوس الخطر، للناس والسياسيين”. ويستدرك “الحمد لله عاد الأمن قليلاً و”انكمش” خلال الأيام الماضية، ومؤشراته توافق سياسي إلى حدّ ما، أو أمل بتوافق سياسي معيّن، فانضبط الوضع من تلقاء نفسه”. لا يعتبر نفسه رجل سياسة “لكن تعلّمت خلال هذا العام شويّة سياسة، السياسة والأمن منظومتان مترابطتان ومن دون سياسة لا أمن”. ويشدّد على أنّ عبارة “التلاشي” بالتأكيد “ليست دعوةً إلى الأمن الذاتي لكن صرخة للتعجيل في تشكيل الحكومة. الوضع على شفير الهاوية، قائد الجيش قالها وأنا قلتها”.

حماية الناس
“لا أكذب، لا أعرف أن أكذب، ولا أعمل في السياسة. وأقول الأمور كما هي. وهذا ما يعرّضني إلى الانتقاد”، يقول فهمي. يعترف بأنّ الأمن متفلّت “لكن هذا لا يعني عدم حماية الناس، نحن قادرون على حماية المواطنين إلى حد ما، إنما لست قادراً على حماية جميع الناس وجميع المناطق”. يعتبر أنّ مواجهة الإرهاب “أسهل علينا من تعقيدات التفلّت الأمني. لأن الأخير فجائي، حتى في الولايات المتحدة حيث أعظم جيش وأمن في العالم، الأمن الداخلي صعب جداً ولا يمكن ضبطه”. ليعود ويشير إلى أنه بزيارة رئيس الحكومة الملكف إلى رئيس الجمهورية أمس، “تنفّس الاحتقان مثلاً، ونزل الدولار، وبالتالي كل هذا لعبة سياسية”. السياسيون مسؤولون عن كل هذا؟ يجيب “لا أقول السياسيين، بل السياسة”.

أحداث أمنية
يؤكد فهمي أنّ الاشتباك الذي وقع في منطقة عائشة بكار قبل أيام “فردي وكبر ككرة ثلج لكن تم تطويقه بسرعة”. وحول الاشتباك الذي وقع في شارع معوّض قبل عشرة أيام بين القوى الأمنية وعناصر مسلحة من حزب الله يشدد على أنه “عولج بسرعة، بأقل من دقائق، لم يحصل اشتباك إنما إطلاق نار في الهواء. ناس من المنطقة خافوا من القوّة المداهمة ولم يعرفوا أنهم من القوى الأمنية”. يعتبر أنّ الحادث الأخير “طبعاً هذا يقوّض سلطتي، لكن هذا هو الوضع في لبنان، لم يولد الآن”، “الدولة ضبطت الوضع”، يقول، ويضيف “عام 1975 وجدنا أنفسنا في الحرب فجأة، لأنّ الجيش لم يتّخذ تدابير وإجراءات، ففرط البلد الذي كان يتآكل من عام 1969”. ويعود إلى عبارة “التلاشي”، مضيفاً “وقلت ما قلته حتى لا نصل إلى عتبة انفجار أمني بعد عام”.

الأمن المقوّض
لا يخفي فهمي الواقع السيء الذي تعيشه مؤسسة قوى الأمن الداخلي: “نواجه مصاعب أساسية وعملانية”، يقول. “ماذا يمكن أن أقول”؟ يسأل. ويجيب نفسه “حوالى ثلثي الآليات التابعة لقوى الأمن متوقفة عن العمل، لأنه ليس لدينا المال لتأمين قطع غيار، أقولها بوضوح”. ويشير أيضاً إلى المصاعب المالية التي يواجهها الضباط والأفراد في المؤسسة، في الوقت نفسه ينفي وجود أي حالة فرار بين صفوف العناصر “بالعكس نسبة الفرار باتت أقلّ. لكن ما ارتفع هو نسبة طلبات الإجازات من دون رواتب. وقد ارتفعت بمعدّل 20%”. كما أنّ الاستقالات يتم رفضها “بسبب عدم وجود قرارات تطويع. لكن بطبيعة الحال، من يحال إلى التقاعد يترك، وقانونياً لا يمكن إبقائهم في العمل”. أي أنّ النزيف مستمرّ داخل المؤسسة.

زيارة قطر
ويكشف فهمي، أنه قام بزيارة إلى دولة قطر دامت يومين. لم يعلن عنها في الإعلام، “ذهب من أجل تأمين قطع غيار للآليات، وطالبت أيضاً بمساعدة لتأمين لقاحات كورونا للقوى الأمنية”. يؤكد أنه تلقى عرضاً بمساعدة الوزارة مالياً، فرفض: “طلبت الحصول على اللوازم، وسنرسل لائحة بها إلى المسؤولين في الدوحة من خلال السفارة القطرية، وقد وعدنا خيراً”. كما يؤكد فهمي أنه طلب الحصول على 100 ألف جرعة من لقاح كورونا لتلقيح 50 ألف شخص. ويشير إلى أنّ اللقاحات إن وصلت “ستعطى لعناصر قوى الأمن الداخلي والأمن العام ولأمن الدولة، إضافة إلى المساجين البالغ عددهم 8500، وأؤكد لك أنه سيتمّ تلقيح المساجين قبل العناصر”.

الخطر الإرهابي
وعلى مستوى خطر مجموعات أو عناصر إرهابية في لبنان، يجيب فهمي أنّ “الإرهاب مُعالج”. يؤكد أنّ قوى الأمن قامت بتوقيف 18 شخصاً في الفترة الماضية ينتمون إلى تنظيمات إرهابية. ويشير إلى أنه خلال معارك إدلب “كنت على علم بأنّه نتيجة دخول الجيش السوري وحلفائه ستلجأ عوائل سورية إلى لبنان، على نحو تحضر العوائل من نساء وأطفال أولاً ثم يلحق بها المسلّحون”. ويضيف “ردّينا العائلات إلى سوريا، وبعدها وقعت حادثة كفتون، ثم مداهمة وادي خالد. وانتقدني بعض السياسيين، وتبين فعلياً أنّ عناصر إرهابية قدمت إلى لبنان”. وحول قدوم هذه المجموعات عبر الحدود الممسوكة من النظام السوري وحزب الله يردّ “أنا معني بالحدود من الجهة اللبنانية والجيش هو الممسك بهذه الحدود من جهتنا ولا علم لي بأي شيء من جانب الحدود السورية”.

قمع الاحتجاجات
لا يعتبر الوزير فهمي أنّ قوى الأمن مارست أي عنف مفرط بوجه المتظاهرين، فيقول “حمينا الناس ومنعنا بعض المتظاهرين من الاعتداء على أملاك خاصة وعامة”. يكرّر ما سبق أن قالته وزيرة الداخلية السابق ريّا الحسن بأنّ من أطلق الرصاص الحيّ والمطاطي على رؤوس المتظاهرين ليسوا عناصر من قوى الأمن الداخلي، “ولا أريد أن أقول من فعل ذلك”. يضيف “أعطيت تعليمات واضحة بإطلاق المطاطي على علو 40 سنتيمتراً، كنت ضابط بالجيش وأعرف أنه يمكن أن يحصل خطأ، لكن في الوقت نفسه ماذا عن الاعتداءات على عناصر قوى الأمن”؟ ويتّهم جهات لا يعرفها، أو لا يريد أن يسمّيها، بدفع الأموال لإثارة أعمال عنف “ومهمّتي أن أحمي جميع الناس، وأحمي السلميين حتى من الزعران”. ماذا عن التدابير المسلكية بحق المخالفين من ضباط وعناصر قوى الأمن؟ “أحلت كل الملفات التي وصلتني”. أين أصبحت توقيفات هؤلاء الزعران، “القضاء”. أين القضاء؟ يجيب “أرسلت أكثر من 50 ملفاً إلى القضاء، بمن فيهم قضايا موظفين فاسدين أخرجتهم من وزارتي، ولا يزال هؤلاء خارج السجون، ولم يتم حتى التحقيق معهم”.

أحداث طرابلس
يؤكد فهمي أنّ التحقيقات في إحراق مبنى بلدية طرابلس مستمرّ “ولا يزال ثمة موقوفون لدى مخابرات الجيش”. يقول إنّ “الهدف الأساسي كان الدخول إلى سرايا طرابلس وإحراقها أي إحراق الدولة اللبنانية، تم رمي 602 زجاجة مولوتوف، 16 قنبلة دفاعية وقنبلتين صوّتيتين”. من هم؟ “من يريد توليع الدولة اللبنانية لأنّ السرايا هي الدولة اللبنانية في الشمال”. يضيف أنه “أعطيت أمراً واضحاً أن لا أحد يمكن أن يدخل إلى السرايا، فانعطفوا وتوجّهوا إلى البلدية وأحرقوها”. يرفض نظرية أن يكون تصعيد الوضع في طرابلس جاء لفض التحرّكات فيها، ويرفض أيضاً أي إشارة إلى وجود ضغوط على القوى الأمنية في هذا الملف.

البلد انتهى؟
يجيب فهمي أنّ “البلد بوضع سيء جداً، لكن لا يمكن القول إنه انتهى. هو وطن قائم، كل نزلة مقابيلها طلعة”. يشير إلى أنه “قبل الاجتياح (الإسرائيلي عام 1982) ما كان في أقوى من منظمة التحرير. اقتصادياً، اليوم وضعنا أسوأ من ما قبل الاجتياح. يومها فرطت الدولة، منظمة التحرير كانت حاكمة، أتى الاجتياح تنفّس البلد وصار عنا احتلال، عدنا طلعنا، اليوم نزلنا وبدنا نعود نطلع بإذن الله”. وحول تشبيه حكم منظمة التحرير لبيروت بحكم حزب الله اليوم، يجيب “بالنهاية حزب الله يمثل حوالى 28% من الشعب اللبناني، ثمة أحزاب أخرى تمثّل شرائح أخرى، التوافق بين الأحزاب السياسية يشكل أماناً للبنان، لا أحكي عن السلاح إنما عن السياسة. المنظومة السياسية إذا لم يكن فيها تماسك سيكون هناك خلل في المنظومة الأمنية. لا يمكن اليأس، الوضع مأساوي لكن أمننا كلبنانيين، أعطل وأسوأ من وضعنا في الحرب الأهلية، والوضع الاقتصادي منهار”.

فشل الحكومة؟
لا يريد فهمي الاعتراف بأنّ الحكومة فشلت. “لم نفشل”، ويشير إلى أنّ ظروف البلد كانت صعبة، أزمة كورونا وانفجار مرفأ بيروت وانهيار الوضع الاقتصادي: “أتمنى مغادرة الوزارة يوم الإثنين وأتمنى تشكيل حكومة لإنقاذ البلد، أنا إنسان عندي ولاد وأحفاد، وإذا استمرّ الوضع على ما هو عليه نكون عم ندفن لبنان”. يقول إنّ مهمّته كانت أسهل من وزراء آخرين، ولو أنّ كل أصابع الاتهام توجّه إليه بقمع الناس وفتح الطرقات بالقوة وفض الاعتصامات. ماذا فعلت في الداخلية؟ يجيب “أوقفت بنسبة 90% التشبيح على العالم والسمسرة والرشوة، مشيت كل المعاملات القانونية للناس، استحدثت قسم ‏للضباط تم تكليفهم بالمتابعة والمراجعات”.
ينفي فهمي أن تكون فكرة إقامة حكومة عسكرية قد طرحت، ولا حتى إعلان حال طوارئ. يؤكد من جهته أنّ “الحلّ بيد القوى السياسية”. ولو أنه من جهة الناس هذه القوى السياسية فشلت، ونقلت البلد إلى هاوية وانهيار.

تابعنا عبر