بقلم الكاتب صفوح منجّد
في اليوم التاسع على عملية “طوفان الأقصى” هل بدأت تظهر في أجواء المنطقة ملامح وآفاق وإن غير واضحة بعد لتسوية–ما، توقف النيران وأعمال القصف والإبادة الإسرائيلية التي يتعرض لها أهالي غزة والعديد من مناطق فلسطين المحتلة من النهر إلى البحر؟.
وهل تتضح معالم ما تدبره إسرائيل وداعموها لترحيل أهل القطاع عنه، في إتجاه المساحة الصغيرة من جنوب غزة المحازية لمصر؟ في وقت يستبسل الفلسطينيون المقاومون وفي مقدمهم حركة حماس بالبقاء في أرضهم، فهم ليسوا في حاجة لمساعدة أحد أقلّه في الأشهر الستة القادمة حيث يؤكدون أن تهجيرهم هو “كحلم إبليس بالجنة”.
وعلى صعيد الحراك السياسي على مستوى الإتصالات الإقليمية الدولية نشير إلى ما أشيع عن أن مسقط – عمان ستستضيف محادثات بين جهات إيرانية وأخرى أميركية في محاولة للحؤول دون تفلّت جنوني للتطورات في المنطقة والأخذ بالإعتبار وصول القوّة الأميركية البحرية عالية المستوى والمدعومة بالبوارج الحربية إلى المنطقة، إضافة إلى إستنفار عدد من المجموعات الإقليمية ذات الصلة بالمحاور التي أعلنت عن إستعدادها لتنفيذ “إندفاعات” محتملة ضد الأميركيين وحلفائهم في حال توغل الإسرائيليون في خطتهم ومغامراتهم الإجرامية في غزة أو أي مكان آخر.
ومن هذه الإتصالات ما شرع بها الملك الأردني الذي بدأ جولة أوروبية غربية، أما وزير الخارجية الأميركية أنطوني بلينكن فقد أعلن بعد لقائه نظيره السعودي فيصل بن فرحان في الرياض “أن واشنطن تعمل مع السعودية لضمان حماية المدنيين في القطاع”، ولفت أن بلاده تعمل مع السعودية في الكثير من القضايا، ضمنها إحلال السلام في المنطقة ووقف تمدد الصراع.
وينشط أمير قطر الشيخ تميم في إتصالاته أولها مع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي الذي إنتقل ووزير خارجيته عبد اللهيان أمس من لبنان إلى قطر.
أما ميدانيا وبعد عشرين ساعة على إستشهاد المصور الصحافي التلفزيوني اللبناني عصام عبد الله وجرح 6 صحافيين آخرين من علما الشعب اللبنانية الحدودية بنيران إسرائيلية قبيل مساء أمس الأول، فإن صواريخ حزب الله إستهدفت مواقع قوات الإحتلال الإسرائيلي بين تلال كفرشوبا ومزارع شبعا المحتلة ورويسات العلم والسماقية وزبدين.
وزعم الإحتلال الإسرائيلي أن صاروخا كان قد سقط في نهاريا إنفجر في الرابعة من عصر أمس وأدى إلى جرح إسرائيليين، أي أنهم إدّعوا ان حزب الله قصف خارج الأرض اللبنانية المحتلة.
وأطلقت القوات الإسرائيلية قدائف ال (ام كا) ما بين الرابعة والسادسة من بعد ظهر أمس وأصابت عددا من منازل اللبنانيين المدنيين في أطراف الماري قرب الغجر والهبارية والجوار، والمعلومات تحدثت عن إستشهاد مسنين وهما رجل وزوجته داخل منزلهما في شبعا، بالقصف الإسرائيلي الذي أصاب ايضا 3 مدنيين آخرين.
وإعترف الناطق العسكري الإسرائيلي بتكبّد خسائر فادحة في عدد من المنشآت الحربية الإسرائيلية في المناطق المقابلة للحدود اللبنانية، وقال “ان لدى حزب الله 130 الف صاروخ موجهين صوبنا”.
وكان الجيش الإسرائيلي طالب سكان غزة “بعدم الإبطاء” في مغادرة منطقة شمال القطاع، وهناك “نافذة” أي معبر للمرور الآمن إلى الجنوب من دون تحديد عدد الأيام التي سيبقى فيها هذا الممر مفتوحا!!.
في المقابل ردّ رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية بأنه يرفض خيار الإنتقال إلى سيناء.
وعلى هذا الصعيد بدأت حرب الأعصاب بالنسبة إلى الأسرى، فحركة حماس أعلنت أمس (مقتل تسعة رهائن لديها في الساعات الأربعة والعشرين الماضية خلال القصف الإسرائيلي على قطاع غزة).
أما ديبلوماسيا فوزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن الذي زار السعودية هاجم حماس ووزير الخارجية الإيراني عبد اللهيان الذي أنهى جولته مشيرا “أنه لا تزال هناك فرصة سياسية للحيلولة دون إتساع الأزمة في المنطقة” لكنه حذّر في الوقت نفسه أنه “ربما في الساعات المقبلة سيكون الوقت بات متأخرا”!!؟؟
وفي غزّة تمكنت المقاومة من إطلاق الصواريخ من تحت الأنقاض، وتم الإعلان عن مقتل عدد من الأسرى الإسرائيليين، بينهم 4 من حملة الجنسيات الأجنبية بفعل إستهداف العدو للمدنيين.
وفي ضوء إنقضاء مهلة ال 24 ساعة التي حددتها إسرائيل لفلسطينيي القطاع بالنزوح جنوبا، ظهر موقف مصري – تركي حازم أمس، برفض تهجير أبناء غزة، عبّر عنه مؤتمر صحافي لوزيري خارجية البلدين، في وقت كانت الرياض تُعلن تعليق مفاوضات التطبيع مع الكيان العبري.
هذا وأعلن حتى الآن عن إستشهاد 2250 شخصا إضافة إلى جرح حوالي 9 آلاف إستشهدوا أو جرحوا برصاص آلة الحرب الإسرائيلية، و 1300 مبنى ووحدة سكنية قد دُمرت، منها 10 آلاف وحدة سكنية تضررت بالكامل ولم تعد قابلة للسكن.
إنها ماساة إنسانية بكل معنى الكلمة، فكيف إذا أضيف إلى ذلك المآسي الناجمة عن إنقطاع الكهرباء تماما، وندرة المياه ونفاذ الخبز، وإنهيار القطاع الصحي والإستشفائي، وما قد ينتظره أهل غزة قد يكون أسوء بكثير مما حصل حتى الآن.
فالمتحدث بإسم جيش الإحتلال الإسرائيلي أعلن أنه سينتقل إلى عمليات قتالية نوعية، فيما توعّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بأن عصابته ستهاجم أعداءها بقوة غير مسبوقة، وأن هذا ليس سوى البداية.
فهل نستمر في لطم الخدود؟ وأن نسند وجوهنا بأكُفنا؟ ونتأسف على ما حصل ويحصل؟ أم يكون لنا موقف آخر؟ لنجدة أهلنا وناسنا وبلدنا وأمتنا إنها ساعة للإنطلاق وإلى النصر المبين.!