
يبدو أن التهريبة التي اعتمدها مجلس الوزراء في موضوع تمويل المنحة التي أقرها للعسكريين، لن تمرّ بالسهولة التي توقعها واضعو القرار بعد انتهاء الجلسة. ويندرج في طليعة المعارضين، وزير الصناعة جو عيسى الخوري، الذي باشر تحركاً لوقف تنفيذ الضرائب التي فرضت على صفيحة المازوت، لما لها من تأثير سلبي على القدرة التنافسية للصناعيين، كما ستؤدي إلى ارتفاع عام في أسعار السلع الاستهلاكية.
كثيرون لم يفهموا ما الذي جرى بعد جلسة مجلس الوزراء الخميس في 29 أيار الماضي، وكيف صدر قرار فرض ضريبة على البنزين والمازوت في الليل، لتمويل المنحة التي أقرّتها الحكومة في الجلسة نفسها للعسكريين.
وزير الصناعة جو عيسى الخوري الذي يقود حالياً حملة لوقف تنفيذ هذا القرار، واستبداله بقرار آخر يؤمّن تمويل المنحة من مصادر أخرى، مثل خفض منسوب التهرّب من الرسوم الجمركية، شرح لـ “نداء الوطن”، ما جرى بالتفصيل في جلسة الخميس.
يقول عيسى الخوري: “عندما طرح موضوع الضريبة على البنزين في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة من أجل تأمين تمويل المنح التي ستعطى إلى القوى الأمنية، اقترحت، تذكيراً، بضرورة إصلاح الجمارك من خلال القضاء على التهريب وعلى عدم الإفصاح عن الأسعار الحقيقية لفواتير الاستيراد، التي يمكن ان تؤمّن وحدها أكثر من مليار دولار سنوياً، وذلك تجنباً لتحميل المواطنين أي ضريبة إضافية، ولكن لم يتم، ويا للأسف، الاستجابة لطلبي. وبعدها توسّع الموضوع بوضع ضريبة على البنزين والمازوت معاً”.
أضاف: “إلا أن ما جرى هو أن طريقة وضع الرسوم تمّ الاتفاق عليها بعد جلسة مجلس الوزراء من خلال وضع رسم على المازوت يوازي ضعف الرسم الموضوع على البنزين، الأمر الذي سيؤدي إلى أضرار كبيرة على القطاع الصناعي ويحد من تنافسيته مقارنة بصناعيي الدول المجاورة. عندها اجتمعت برئيس الحكومة وباحثته بالموضوع وتداعياته السلبية على القطاع الصناعي الذي سيتضرر بشكل كبير، وطالبته بإعادة النظر بالموضوع وبإصدار قرار لتحييد الصناعيين عن هذه الضريبة، فوعدني خيراً. مع العلم أن هذه الضريبة ستؤدي أيضاً إلى ارتفاع أسعار مولدات الكهرباء، وإلى أضرار جانبية أخرى تطال المواطنين جميعاً”.
يختم وزير الصناعة بالقول: “من هذا المنطلق، أطالب بإعادة النظر بموضوع هذه الضريبة ككل، وبالعمل على إيجاد موارد جديدة للخزينة من خلال إصلاح الجمارك والقضاء على التهرُّب الضريبي والحدّ من التلاعب بأسعار الفواتير، وإيجاد موارد أخرى بعيداً عن جيوب الناس، وهي ممكنة ومتاحة”.
استناداً إلى موقف وزير الصناعة يمكن طرح السؤال إذا ما كان القرار سينفذ كما هو، أم أن الحكومة قد تعود عنه وتستبدله بقرار آخر يراعي مسألة الشمول المالي، وقدرة المواطن على التحمّل؟
في هذا السياق، يشرح وزير الصناعة أنه لا يمكن الاستناد إلى أسعار المازوت في كانون الثاني الماضي للقول إن الزيادة التي تقررت اليوم، لا تؤثر على الصناعة، على اعتبار أن سعر المحروقات الذي انخفض في الفترة الماضية، عاد ليساوي مع هذا الرسم، السعر الذي كان سائداً في مطلع العام. إذ إن الكل يعرف أن سعر المحروقات ينخفض في كل الدول التي تنافس لبنان صناعياً، طالما أن الانخفاض هو عالمي، وبالتالي، من غير المنطقي أن تصبح الصناعات في المنطقة قادرة بشكل أكبر على منافسة صناعتنا بسبب الرسم الجديد.
ويستغرب عيسى الخوري ان تكون حصة المازوت في الرسم أكبر بكثير، من الرسم الذي وضع على البنزين.
بانتظار ما ستسفر عنه التحركات الاعتراضية، والتي قد تشمل قطاعات أخرى منها القطاعات الإنتاجية والعمالية، يبدو أن الحكومة ستواجه ضغوطات كثيرة في هذا الاتجاه، وسيكون من الصعب الإصرار على تمويل “الزيادات في الأجور”، من جيوب الناس مباشرة.