الان سركيس – نداء الوطن
لا مؤشرات جدية توحي بقرب ولادة الحكومة إذ إن العوامل المعرقلة تبقى هي نفسها من دون تغيير يذكر في الأسباب الداخلية والخارجية.
شكّل مؤتمر دعم لبنان الإنساني جرعة دعم لقوى السلطة من دون أن يكون بادرة حل لأن الازمة اللبنانية تتعمق وتحتاج إلى حلّ جذري، وبات واضحاً وضوح الشمس أن لا مساعدات ملموسة للدولة اللبنانية إذا لم تباشر باصلاحات فورية تضع حداً للفساد المستشري وتحاسب المرتكبين.
وفي هذا الإطار، يبقى تأليف حكومة إختصاصيين مستقلة “الخرطوشة” الأخيرة التي تُطلق من أجل المباشرة في رحلة الإصلاحات، لكن حتى لو تنازل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ومعه رئيس “التيار الوطني الحرّ” النائب جبران باسيل عن سعيهما للإحتفاظ بالحصة المسيحية، فان حكومة الحريري وإن تألفت، لن تكون حكومة إختصاصيين مستقلة لأن الأخير أعطى وعوداً سياسية للثنائي الشيعي وقوى أخرى لتمثيلهم بالحكومة وإن كان بطريقة غير مباشرة.
لم يكن عون متحمساً لتسمية الحريري مجدداً وقد وضع الجميع أمام مسؤولياتهم في حال إتخذوا هذا القرار، وقد أطل قبل ساعات على التسمية محذراً وقائلاً إن الحريري ليس الرجل المناسب لهذه المرحلة، وبالتالي لم يتغير شيء منذ التسمية حتى اليوم، وقد أتت العقوبات الأميركية على باسيل لتزيد “الطين بلة” ولتصعب مهمة التأليف الحريرية.
ليس في الدستور ما يُلزم رئيس الحكومة المكلّف تقديم تشكيلته في وقت محدّد، كذلك لا يستطيع رئيس الجمهورية تنحية رئيس الحكومة المكلّف إذا لم يقم بعملية التأليف، وهذه من المعضلات الدستورية، لذلك فان الوضع سيبقى يدور في حلقة مفرغة بانتظار أن تحدث تطورات إقليمية ودولية تدفع باتجاه عملية التأليف.
ويُبدي عون إستياءه من عدم قدرة الحريري على التأليف، لكنه يقف مكبل اليدين أمام كل ما يحدث، لكن بعض من زاروا رئيس الجمهورية يقولون إنه يُفكّر أن يقوم بخطوة ما تحرّك المياه الراكدة حكومياً، ولن يسمح أن يُستنزف عهده أكثر مما استنزف وتمضي أشهر على إنفجار مرفأ بيروت من دون النجاح في تأليف حكومة جديدة، مما يسبب الضرر للبلد وتطيير المبادرة الفرنسية الإنقاذية.
لا يملك عون الكثير من الخيارات الدستورية والسياسية، فهو لا يستطيع أن يُنحي الحريري، ومن جهة ثانية ليس في وارد فتح معركة تأخذ طابعاً طائفياً ومذهبياً، لذلك سيكون الضغط على الحريري من أجل فعل شيء ما وعدم الإستمرار في هدر الوقت.
في بعبدا، هناك قناعة بأن التأخير في التأليف سببه ضغط إقليمي ودولي على الحريري، حيث أن المطلوب منه تأليف حكومة من دون “حزب الله” وحلفائه، وحسب قريبين من بعبدا فان كل ما يُحكى أن سبب العقدة هو رئيس الجمهورية هو كلام في غير مكانه ولا يمت إلى الحقيقة بصلة، والدليل أن الحريري ومنذ تكليفه لم يُقدّم أي تشكيلة حكومية جديّة للرئيس عون ورفضها الرئيس، وبالتالي فان عدم العمل على إنجاز حكومة جديدة يقع على عاتق الحريري أولاً وأخيراً. وتتمسك بعبدا بوحدة المعايير في التأليف، وهذا الموقف بات معروفاً عند الحريري، خصوصاً أن الحكومة ستنال الثقة من الكتل البرلمانية، لذلك فانه لا يمكن للرئيس المكلّف إطلاق وعود لفريق معين ويتصرّف وكأن هناك فريقاً لبنانياً كبيراً غير موجود ويريد هو التحكم به والتسمية نيابة عنه كله.