شارك رئيس المجلس الإقتصادي والاجتماعي والبيئي شارل عربيد في الجمعية العامة لاتحاد المجالس الاقتصادية والاجتماعية والبيئية الناطقة بالفرنسية، UCESIF والتي انعقدت في مقر المجلس الاقتصادي في باريس، برئاسة رئيس اتحاد المجالس الإقتصادية والاجتماعية للدول الفرنكوفونية تيري بوده ومشاركة مدير المنظمة العالمية للفركوفونية جوفروا مون بوتي، رئيس اتحاد المجالس الإقتصادية والاجتماعية للدول الافريقية احمد رضى الشامي ووزيرة الدولة لشؤون الفرنكوفونية كريسولا زاكاروبولو.
وألقى عربيد كلمة، قال فيها: “إنه لمن دواعي سروري أن أكون بينكم، في هذا المكان الرمزي، مقر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الفرنسي، الذي يجسد تاريخ فرنسا العظيم وقيم الجمهورية على مر القرون. هذه القيم التي نتشاركها جميعا، مجتمعة هنا، هي أيضا العمود الفقري للفرانكوفونية. وهي مرساة أساسية للبنان. ووعد بالتعاون المطلق للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي اللبناني، في خدمة اتحاد أقوى وأكثر ترابطا وحضورا على الساحة الفرانكوفونية، وعلى الساحتين الإقليمية والدولية”.
وأكد عربيد انه “يمكننا معا أن نبني تآزرا يخدم دعوة مؤسساتنا، وأن نحمل شعلة الحوار والحكم الرشيد والديموقراطية التشاركية، وهي من ركائز ومنارات الفرانكوفونية المعاصرة ومن أسس مجالسنا”.
اضاف: “يمر بلدي بأزمة نقدية واقتصادية واجتماعية خطيرة منذ ما يقرب من 3 سنوات، والتي هزت أسس مجتمعنا. في اقتصاد قائم بقوة على الدولرة، أثر انهيار قيمة الليرة اللبنانية على الأجور، وأدى إلى تفاقم فقر الفئات الأكثر ضعفا، وتسبب في انخفاض حاد في القوة الشرائية للطبقة الوسطى. كما أدى التضخم والارتفاع الهائل في تكاليف المعيشة وعدم قدرة الطبقة السياسية على حل معضلة الفساد وعدم الكفاءة في اتخاذ الإجراءات الملموسة الضرورية بسرعة أثناء انتظار الإصلاحات المطلوبة، إلى استقطاب حاد في التفاوتات الاجتماعية. وهذا ما ادى الى تحول عنيف للهرم الاجتماعي، وامتصاص الطبقة الفقيرة لجزء كبير من الطبقة الوسطى”.
وأشار عربيد الى “تأثير القطاع المصرفي المهتز، والمتوقف فعليا عن الدفع، والرقابة “غير الرسمية” على تحويل الرساميل، وهذا كله يتحمل عبئه المودعون وحدهم”، لافتا الى “أن كل هذه العناصر أشعلت شرارة ثورة 17 أكتوبر 2019 ضد الطبقة الحاكمة. وتفاقمت الأزمة بسبب وباء كوفيد ولكن قبل كل شيء بسبب الانفجار الرهيب في ميناء بيروت في 4 آب 2020
وتابع: “ولمواجهة هذه الكارثة، حشد المجتمع المدني وشبابنا وشتاتنا بشكل خاص طاقاتهم بشكل ملحوظ. وقد حظيوا بتأييد واسع من أصدقاء لبنان، وفي صدارتهم فرنسا. فرنسا الحاضرة دائما إلى جانب لبنان، والحريصة على الحفاظ على استقراره ورسالته ومستقبله، ، شاكرا للدعم الفرنسي لإعطاء الأولوية لقطاع التعليم، ركيزة التميز اللبناني، وكذلك القطاع الاستشفائي”.
واردف عربيد: “منذ بداية ولايتنا في المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي اللبناني، راهنا على الحوار الشامل للمواطنين. وتعهدنا بجمع الأحزاب الرئيسة المكونة للنظام السياسي وممثلي القطاعات الإنتاجية. أرباب العمل والعمال، الأنظمة الاجتماعية المهنية والمجتمع المدني والخبراء المستقلين. نتج عن ذلك، سلسلة من المقترحات والدراسات وخرائط الطريق التي تركزت على الإصلاحات الهيكلية التي يتعين القيام بها في المجال الاجتماعي والاقتصادي، والتي وافق عليها الجميع، ثم نقلت بعد ذلك إلى السياسيين”.
وأكد انه “يجب أن تكون مجالسنا نشطة في صياغة سياسات المواطنين وأن تعمل كـ “أدوات للتغيير” في خدمة الإصلاحات”، مشيرا الى “استضافة المجلس عدة اجتماعات مع المسؤولين عن مفاوضات لبنان مع صندوق النقد الدولي، حيث كان الاهتمام الأساس هو منع تحميل الجزء الأكبر من خسائر القطاع المالي للمودعين”.
وفي سياق مختلف، حث عربيد الحكومة على “الشروع في إصلاحات حاسمة تتعلق بالحوكمة الاقتصادية والمالية والضريبية والقضائية، وتلك المتعلقة بسياسات الميزانية والهيكلية، بما في ذلك توحيد سعر الصرف، كجزء من خطة اقتصادية تدمج شبكات الحماية الضرورية لغير المحصنين”، مشجعا على “إعادة هيكلة القطاع المصرفي وفق خطة تتوافق مع المعايير الدولية، بما يسمح بتمويل الاقتصاد من جديد”.
ورأى عربيد “أن الدولة تحتاج أيضا إلى خطة لإعادة تأهيل بنيتها التحتية، حيث جمع مؤتمر “سيدر” ، الذي عقد في عام 2018 ، والذي شاركنا فيه، ما يقرب من 11 مليار دولار”. وأشار إلى “أن حيوية مجتمعنا المدني، و”المرونة” المميزة لقوانا الإنتاجية، تتحد بشكل مثالي مع دورنا كحلقة وصل بين القوى الحية للأمة. وبهذه الروحية، نتابع تطوير الأبعاد المرتبطة بالديموقراطية الحديثة والديموقراطية التشاركية في مجلسنا، الأمر الذي عبر عنه القانون الأخير الصادر في أبريل 2022 لقانون إنشاء المجلس، بما يعزز مركزه وصلاحياته ومجالات مساهماته، مع إضافة البيئة إلى عنوانه. وبذلك يكرس “مشاركة المواطنين” ويوسع الاستشارة المباشرة، عبر العرائض الشعبية، لتشمل جميع طبقات المجتمع”.
وفي مواجهة قضية اللاجئين السوريين وتهديدات انعدام الأمن الإقليمي، شدد عربيد على “ضرورة تحقيق الاستقرار الاقتصادي والمجتمعي في لبنان وبالتالي، لتنفيذ ديناميكية من الإصلاحات التي لا غنى عنها، والتي طالب بها الكثير من اللبنانيين كما طالب بها صندوق النقد الدولي والمجتمع الدولي، كشرط مسبق لمنح مساعدة مالية كبيرة يمكن استخدامها لتمويل انتعاشه الاقتصادي”، مشيرا الى “ان هذا الإصرار هو في صميم عملنا في المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي اللبناني”.