منير الربيع – المدن
المظلة الدولية التي يتم العمل على تشكيلها، تنطلق من خلفية التنسيق بين الفاتيكان والدول الغربية. وبحال تشكلت، لا يمكن لذلك أن يكون عادياً، بل سينعكس على السياسة الدولية العامة تجاه لبنان، وعلى علاقة القوى اللبنانية ببعضها البعض. وسيؤدي إلى تشكيل مناخ لإيجاد مخرج من هذا الواقع المنهار إلى حدّ بعيد. سينطلق ذلك من حركة البطريرك الماروني بشارة الراعي تجاه القادة السياسيين على الساحة المسيحية، ومن ثم عبر لقاءاته مع رجال دين من الطوائف الأخرى. بالإضافة إلى البحث بإمكانية توجيه الفاتيكان دعوات لقادة سياسيين مسيحيين، للبحث معهم بآفاق المرحلة المقبلة وكيفية الخروج من هذه الأزمة.
هيئة حكم وعودة سعودية
في موازاة هذه الطروحات، تشير المعلومات إلى أن البحث الخارجي يتركز على كيفية مواكبة هذا الانهيار وإدارته، من خلال تكليف هيئة حكمية تنتزع من القوى السياسية كل هذه الصلاحيات. وهنا يبرز الحديث عن حكومة هجينة تضم عسكريين وقضاة وإداريين وإختصاصيين، تحظى بثقة اللبنانيين والمجتمع الدولي، وتخطو بخطوة نوعية إلى الخروج من هذه الحسابات السياسية الضيقة. خصوصاً بعد سقوط نظرية الحلول الخاصة على أبواب الفاتيكان، مثل محاولات البعض للذهاب إلى حلول فئوية، كالفيدرالية، أو وضع صيغة جديدة بين المسلمين والمسيحيين. فهذه كلها غير معترف بها من قبل الفاتيكان، الذي يركّز على وحدة لبنان. فصحيح أن الفاتيكان يخاطب المسيحيين. ولكنه لا يعطي أي إشارة للقول إن هناك حلاً خاصاً سيكون متوفراً للمسيحيين أو لأي فئة بمفردها. بل الحل هو لبناني- لبناني.
وهنا لا بد من التركيز على نقطة مهمة، وهي دخول الدول العربية إلى إدارة الوضع في لبنان، وتحديداً السعودية، بعد محاولات الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا في مطالبتها بالتدخل في لبنان. وهنا تؤكد المصادر، في النهاية لا بد وأن تعود السعودية إلى لبنان. وبمجرد عودتها حينها لا بد من العودة إلى تعزيز مرجعية الطائف، والدولة، تحت شعار إستنقاذ لبنان، وليس إستنقاذ المسيحيين أو المسلمين. كذلك فإن حضور السعودية والدول العربية سيكون نوعاَ من ضامن عربي لوحدة لبنان ولمركزية الدولة الوطنية، مع طرح فكرة تطبيق اللامركزية الإدارية.
ما يعني أن العنوان الأساسي هنا هو حقوق اللبنانيين وليس حقوق المسيحيين أو المسلمين، وروحية كل المواقف الخارجية تصب في هذا الإطار، والمنهجية المعتمدة تتعاطى مع الأزمة اللبنانية تعني كل اللبنانيين ولا تعني فئة معينة. ما سيدفع إلى تهميش كل الأصوات التي تذهب إلى تقديم طروحات فئوية أو اختلاق مشاكل على أساس طائفي أو مذهبي.
استراتيجية دفاعية
هذا أيضاً ينسحب على موضوع سلاح حزب الله، من خلال تجاوز منطق “إزالة السلاح لإزالة المشكلة”، ليتقدم خطاب عقلاني لا يستهدف الطائفة الشيعية بتناول ملف السلاح. ولم يعد أحد يطرح فكرة نزع سلاح الحزب. بل لا بد من التفكير في كيفية إدراجه بنظام المصالح الوطنية من خلال استراتيجية دفاعية. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن المنهجية التي اتبعها حزب الله في الاحتفاظ بسلاحه كانت بهدف الدفاع عن لبنان ككل. وبالتالي، لا يمكن لدى مناقشة مستقبله تحويله إلى سلاح طائفي يحمي فئة معينة. كذلك لن يكون من المحرم الحديث عن الفساد وربط توفير السلاح الحماية لبعض الفاسدين، بالإضافة إلى توظيف السلاح لإبعاد لبنان عن العرب أو لتهشيم اقتصاده وسياحته وعلاقاته بالعالم وهويته، بما له من انعكاسات كارثية. وهذا يعني أن موضوع السلاح لن يُطرح بطريقة استفزازية، بل بواقعية يجدر البحث بها وفي كيفية إيجاد حل ملائم للجميع، بشكل لا يبقى للسلاح انعكاس على الوضع الاقتصادي وعلى دور لبنان وقدرته على استقطاب استثمارات وغيرها. فلا يمكن البحث في الملفات السياسية والمالية والاقتصادية من دون مناقشة موضوع السلاح.