
كتبت صفاء درويش في موقع mtv:
على عكس الكثير من الدوائر الخمسة عشر، لا تزال الضبابية تسيطر على المشهد الإنتخابي في دائرة صيدا جزين. قد لا تكون أسماء المرشحين هي العقبة الأساسية التي تنتظر الحسم كما في أمكنة أخرى، بل أن تداخل التحالفات والمصالح السياسية يشكّل بحد ذاته صعوبة كبيرة تعيق مسألة الحسم المبكر للمشهد.
تضمّ دائرة صيدا جزين قضاءين، يكاد يكون مشهد كل منهما واضحًا وضوحًا لا ريب فيه، إلّا أن جمعهما بموجب القانون الإنتخابي بات يحتم جمع التناقضات أحيانًا، في سبيل جمع حاصل يوصل القوى السياسية إلى المجلس النيابي على قاعدة “مكرهًا أخاك لا بطل”.
عام 2018 أفرز القانون 6 قوى أساسية ووازنة في الدائرة، نجحت 5 منها بايصال مرشحيها إلى المجلس النيابي وهي: التنظيم الشعبي الناصري وتيار المستقبل والتيار الوطني الحر وحركة أمل والقوات اللبنانية.
عدم تمكّن القوات اللبنانية من الوصول آنذاك كان عدم عقدها لاي تحالف جدّي مع اي من القوى ذات الثقل السني، وبالتالي خسر مرشحها فرصة الوصول إلى الحاصل رغم حصوله على عدد مقبول وجيد من الأصوات. في المقابل نجح أسامة سعد برفقة النائب ابراهيم عازار المدعوم من حركة امل، اضافة الى النائب بهية الحريري التي نجحت وحدها عن لائحتها، بينما وصل كل من النائبين زياد أسود وسليم خوري عن لائحة التيار الوطني الحر التي تحالفت مع شخصيتين سنيتين ذات قدرة تجييرية مقبولة وهما المستقل الدكتور عبر الرحمن البزري ومرشح الجماعة الاسلامية بسام حمود.
هذه المرة المشهد بات مختلفًا. تبدّل في التحالفات وتراجع في الشعبية لدى مختلف القوى الأساسية في الدائرة هو السمة الأساس في انتخابات 2022.
ففي صيدا، يعاني تيار المستقبل كما لم يعان من قبل، حيث تنسحب أزمة الرئيس سعد الحريري على حال التيار مع فارقين عن باقي الدوائر ذات الثقل السني؛ الفارق الأوّل هو الحالة الخدماتية التي شكلتها السيدة بهية الحريري منذ عقود وهو ما قد يحافظ على خصوصية بيتها السياسي، بينما الفارق الثاني هو أن صيدا هي الدائرة التي تنتخب فيها معظم العائلات التي لم تنل حتى الساعة حقوقها بعد تسريحها من شركة سعودي أوجيه التي يملكها الرئيس سعد الحريري.
وعليه، لا تحسم المعلومات أكانت السيّدة بهية الحريري هي من ستترشح في صيدا هذه المرة، أم سيكون ابنها أحمد، أمين عام تيار المستقبل هو المرشح. يتوقّف الأمر على مدى رغبة الرئيس سعد الحريري في مشاركة تيار المستقبل رسميّا وبجسده النتظيمي في الإنتخابات.
وبانتظار قرار المستقبل، يتريّث شقيق الرئيس الحريري، بهاء الدين، بحسم موقفه حيث تشير المعلومات الى أن ترشّح أحمد سيقابله ترشيح بهاء الحريري لشخصية مدعومة من قبله، بالتحالف مع القوات اللبنانية في جزين، فيما ترشّح عمّته قد يدفعه نحو غض النظر عن الدخول في المعركة الانتخابية لحسابات عائلية وشخصية.
وبعيدًا عن الاسماء، يبدو أن تيار المستقبل متجه لحسم تحالفاته في الدائرة مع النائب ابراهيم عازار المدعوم مباشرة من رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وبالتالي يمكن للفريقين ضمان حاصلين في الدائرة، الأوّل سني والثاني ماروني.
أمّا لجهة النائب أسامة سعد، فالمشهد لا يزال غير واضح على أكثر من صعيد. فعلى صعيد قوى ثورة 17 تشرين، فإن خلافاً لم يُحل بعد بين عدد من القوى نتيجة معارضة بعض المجموعات قرار الأكثريّة بعدم تسمية أي مرشح في مدينة صيدا ودعم النائب أسامة سعد في معركته مع أحزاب السلطة. أمّا على صعيد قوى الثامن من آذار، والتي يكشف مصدر فيها عن أن تراجعًا كبيرًا ضرب صفوف التنظيم الشعبي الناصري أخيراً نتيجة حملة الاستقالات الكبيرة التي شهدتها صفوفه نتيجة الاعتراض على مواقف النائب سعد وتحديدًا فيما يخص التعاطي مع مجموعات يصفونها بالمشبوهة.
هذا ويؤكد المصدر أن سعد، ورغم كل مواقفه، إلا انه لم يحد عن البوصلة الأساس وهي موضوع المقاومة، وأنّه لا يزال حليفًا طبيعيًا لقوى الثامن من آذار وحزب الله ولو لم يكن مجاهرًا هو بذلك، اذ أنّ قوى الثامن من آذار في مدينة صيدا، لم تجد بديلًا حقيقيًا لسعد الذي يواجه وحده آل الحريري منذ سنوات طويلة.
على صعيد التحالفات يستبعد المصدر أن ينجح حزب الله في جمع التنظيم الشعبي الناصري والتيار الوطني الحر في لائحة واحدة نظرًا لحسابات سعد “الثورجية” وعليه قد يكون مستبعدًا حتى الآن أن ينال سعد أصوات حزب الله في صيدا.
خيارات سعد قد تكون متعددة وأبرزها العودة إلى التحالف مع الدكتور عبد الرحمن البزري في حال تجاوز الخلافات الشخصية بينهما وذلك في حال اراد البزري خوض الغمار الإنتخابي. هذه الخطوة قد تنقذ سعد وتضمن وصوله إلى الحاصل لا سيما وأن البزري نجح في الحصول على 3509 أصوات في الانتخابات الماضية، مقابل 9880 لأسامة سعد في حين تخطى الحاصل الـ 13 الف صوت. وفي حال سلوك هذا السيناريو مسار التطبيق سيختار سعد والبزري شخصيات مستقلة للتحالف معها في جزين.
القوات اللبنانية من جهتها لم تحسم وجهة تحالفاتها، إلا أن الترجيحات تصب في خانة التحالف مع بهاء الدين الحريري مع التعويل على امكانية الوصول هذه المرة إلى حاصل يُدخل أحد مرشحيها الندوة البرلمانية، مع التركيز على ترشيح شخصية كاثوليكية ذات ثقل مناطقي، كون المقعدين المارونيين يُرجّح حسمهما من قبل من يرشحه التيار الوطني الحر اضافة للنائب ابراهيم عازار.
من جهته، لم يحسم التيار الوطني الحر اسماء مرشحيه، لا سيما وأن الانتخابات الداخلية لم تنتهِ بعد. أمّا على صعيد التحالفات قد يكون خيار التحالف مع الجماعة الاسلامية من جديد خياراً متاحاً، ولكن ما زال الحسم على هذا الصعيد متأخرًا بعض الشيء.