ما عاد الكلام يقتصرعلى تحول معابر لبنان البرية والبحرية وحتى الجوية إلى جسر عبور لتهريب وتجارة المخدرات. فالتقارير تثبت أن “صيت” لبنان بات مقروناً بالشحنات التي تخرج من وطن الأرز لتصدّر بدل العلم والثقافة شحنات “كبتاغون” ومخدرات على أنواعها.
أحدث التقارير وليس آخرها ما أعلنته وحدة الجرائم المالية الإيطالية من تفاصيل حول شحنة مخدرات آتية من سوريا، ضُبطت الصيف الماضي في عملية وصفت بأنها “الأكبر من نوعها في العالم”، وتصل قيمتها المالية إلى حوالى مليار دولار. وأظهرت التحقيقات الإيطالية أن النظام السوري وحليفه اللبناني “حزب الله” يقفان وراءها. وفي الرابع من شهر كانون الثاني الجاري تصدر الإعلام اللبناني والعربي خبر عن ضبط أجهزة الأمن المصرية حاوية بداخلها كمية كبيرة من المواد المخدرة وهي قادمة من لبنان ووجهتها ليبيا عبر ميناء غرب بورسعيد. وقدّرت وزارة الداخلية المصرية القيمة المالية للمخدرات المصادرة بنحو 39 مليون دولار أميركي.
مصدر أمني أكد أن الضابطة العدلية لم تُبلّغ كونها المرجع القضائي المختص لإجراء أي تحقيق حول تلك الناقلة، والموضوع حتى الآن لا يزال قضية إعلامية، وأن أي تحقيق يتطلب تسليم السلطات الرسمية المعطيات المتوافرة لديها إلى السلطات اللبنانية عبر الأطر الرسمية بين البلدين. ورجّح المصدر أن تكون عملية تصنيع الشحنة تمت في سوريا وتم تهريبها إلى لبنان عبر المعابر غير الشرعية وتمت تعبئتها في أكيالس النايلون وتوضيبها قبل إخراجها عبر مرفأ بيروت”.
من يقف وراء عمليات التهريب والتصنيع؟ ما هو المسار القانوني الذي تتبعه السلطات إذا سلمنا جدلا أن هناك تحقيقات تجري مع الأشخاص الذين تم توقيفهم مع الشحنات المضبوطة. هل تم إتلاف الكميات أم أن الجهات النافذة التي تقف وراءها استعادتها وأعادت تصديرها إلى الخارج؟
وزير العدل السابق اللواء أشرف ريفي أكد عبر المركزية أن ” المجهول هو المعلوم في كل الملفات الأمنية والقضائية في لبنان. وكل ملف لا يعلن عنه ولا عن مساره القضائي ويوضع في الأدراج يعني أن هناك جهة نافذة وراءه تتحكم بمفاصل الدولة”. أضاف:” حتى لا يبقى الكلام في “المجهول” لا بد من وضع الأمور في مسارها الطبيعي. النظام السوري و”حزب الله” حولا لبنان إلى مصنع لتصدير الإرهاب والمخدرات. وطالما هناك طبقة سياسية فاسدة عليها ديون متراكمة وفواتير مستحقة لحزب الله سيبقى لبنان معبرا لتصدير ثقافة القتل والترهيب والمخدرات”.
وردا على ما أوردته مصادر أمنية اعتبرت أن ارتفاع وتيرة نشاط تهريب المخدرات إلى دول عربية وأوروبية لا سيما بعد العقوبات الشديدة التي مارستها الولايات المتحدة الأميركية على إيران، والخسائر الفادحة التي لحقت بحجم الصادرات النفطية، أكد أن “لا خشبة خلاص إلا بوصول رجالات أحرار إلى السلطة وتحريرلبنان من قبضة الأدوات الإيرانية”. ولفت إلى أن “في المعادلات العالمية هناك عملية تهريب واحدة تُضبط من أصل 10. وللأسف لم نسمع يوماً من هي الجهة التي خططت ونفذت عمليات التهريب وأين أصبحت التحقيقات؟ تماما كما الحال في جريمة تفجيرمرفأ بيروت واغتيال المصور جو بجاني وكل الإغتيالات التي حصلت وآخرها الناشط السياسي لقمان سليم…”
بحسب المسار القانوني يفترض بعد ضبط عملية تهريب مخدرات الإبلاغ عنها للقضاء المختص. هذا في القانون أما في الواقع، فاختصر ريفي المسار على الشكل التالي:” إذا كانت تعود إلى تاجر مخدرات يصار إلى تلفها أما إذا كان حزب الله وراء الشحنة المضبوطة يتم طمس الملف فلا تتلف الكميات وربما يستعيدها الحزب بطريقة أو أخرى ويعيد تصديرها”. ويختم:”البلد مستباح واللبنانيون أمام تحد كبير فإما أن يحرروا بلدهم لإعادة بناء لبنان اللبناني، أو يكونون رهينة نظام قائم على الترهيب وتصنيع المخدرات وقمع الرأي الحر”.