كتب داني حداد في موقع mtv:
ليس آموس هوكستين أوّل موفدٍ أميركي يؤدّي دوراً توفيقيّاً في لبنان الواقع على فالقٍ زلزاليٍّ أمنيّ، بين بلدَين عانى في تاريخه الحديث من الصراعات فيهما وبينهما. أشهر أسلافه كان فيليب حبيب الذي قام بسلسلة جولاتٍ في المنطقة انتهت بتأمينه خروج منظّمة التحرير الفلسطينيّة من لبنان، قبل ٤٢ عاماً، ثمّ توقيع ما سُمّي “اتفاق ١٧ أيّار” في العام ١٩٨٣.
قبل أسابيع، خرج رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مع ضيفه هوكستين الى إحدى الشرفات في السراي الحكومي لإسماعه صوت طائرة الـ MK الإسرائيليّة المزعج. وعد هوكستين ميقاتي بإرسال صورة له التقطتها الطائرة بعد وصوله الى إسرائيل، وهكذا فعل.
يروي أحد السياسيّين اللبنانيّين هذه الحادثة، على ذمّته، قبل أن يستفيض في الحديث عن صفات آموس الذي سينتهي دوره الرسمي بعد أسابيع، لينتقل، في شباط المقبل، للإقامة والعمل في الإمارات العربيّة المتحدة، بعيداً عن تعقيدات الواقع اللبناني التي بات خبيراً فيها.
يُعرف عن هوكستين عناده وإصراره، وهو يحاول أن يكون ختام مهمّته مسكاً، عبر التوصّل الى اتفاقٍ على وقف النار. بعد لقاءاته المقرّرة على جدول أعماله، مع رئيس المجلس النيابي ورئيس الحكومة وقائد الجيش، عقد هوكستين أول من أمس لقاءً تقييميّاً مع مستشار رئيس المجلس علي حمدان، ثمّ أجرى سلسلة اتصالات، من بيروت، بمسؤولين إسرائيليّين.
أمّا اللقاءات التي عقدها هوكستين، من خارج جدول الزيارة، فلا تحمل أهميّةً كبيرة في إطار مهمّة وقف إطلاق النار، إلا أنّها أتت في إطار استعراض المواقف والتحضير، داخليّاً، لمرحلة ما بعد الحرب.
وعلى الرغم من تسريب أجواء إيجابيّة عن الزيارة، فإنّ أكثر من مصدر تقاطع على التأكيد أنّ وقف إطلاق النار مؤجّل بانتظار البتّ ببعض النقاط الخلافيّة والتفاصيل التي من شأنها أن تؤخّر الإعلان عن اتفاق. كما أنّ الجانب الإسرائيلي، على خلاف الجانب اللبناني، لن يبلّغ موقفاً سريعاً من الورقة الأميركيّة بل ستُبحث في الدائرتين السياسيّة والعسكريّة ما سيؤخّر البتّ بها، أقلّه لأيّام.
من جهته، نقلت أوساط عين التينة تفاؤل بري بإمكانيّة التوصّل الى وقف إطلاق النار، معتبراً أنّه قام بما عليه وسهّل مهمّة هوكستين قدر الإمكان، مشيراً الى أنّ الكرة باتت في الملعب الإسرائيلي، علماً أنّ نتنياهو يصرّ على فرض شروطٍ قاسية تبلغ حدّ القضاء بشكلٍ كامل على قوّة حزب الله العسكريّة، فوق وتحت الأرض.
إنّ احتمال نجاح آموس هوكستين بمهمّته قائم، ولو أنّ الشيطان يكمن في بعض التفاصيل الخلافيّة. ولكن، قد تكون الأيّام، أو الأسابيع، الفاصلة عن وقف إطلاق النار حامبة جنوباً بهدف تحقيق تقدّم بَرّي في الميدان، علماً أنّ الساعات الأخيرة سجّلت تقدّماً إسرائيليّاً نحو عددٍ من البلدات.
ولكن، إذا أردنا أن نعرف مدى نجاح آموس هوكستين في مهمّته، ما علينا سوى أن نتابع تصريحات نتنياهو وبعض المؤثّرين في الحكومة الإسرائيليّة. الكلام الذي يرد في بعض الصحف في تل أبيب ليس دقيقاً دوماً.