أقامت مؤسسة مي شدياق – معهد الإعلام، ضمن إطار مشروع “تجديد الهياكل السياسية والاقتصادية في لبنان ” الذي تنظمه بالشراكة مع قسم الشؤون العامة في السفارة الاميركية في بيروت”، حفل إصدار التقرير الموجز عن السياسات والتوصيات الخاصة بالبرنامج. ضمّ هذا الحدث المميّز الذي انعقد في فندق لو رويال- ضبية والذي قدمته الاعلامية يمنى نوفل، حضوراً لافتاً من الشخصيات البارزة في المجالات السياسية والدبلوماسية والإعلامية والاقتصادية والاجتماعية.
في البداية رحّبت مديرة المشروع البرفسورة ميراي الحاج بالحضور الكريم بالنيابة عن المؤسسة وعبّرت عن امتنان فريقها التي أتيحت له الفرصة للعمل على مشروع أدى إلى إصدار هذا التقرير الموجز عن السياسات ومجموعة من التوصيات التي تنطوي على إصلاحات جوهرية ودعم هادف بقيادة الولايات المتحدة الأميركية. وقد استغلت الفرصة لشكر السيدة كريسي هايدن، موظفة الشؤون العامة المعينة حديثًا، والسيدة ميليسا أوشوغنيسي التي بدأت في تولي المسؤوليات كمسؤولة منح لـمشروع “تجديد الهياكل السياسية والاقتصادية في لبنان”. كما شكرت دوروثي شيا، سفيرة الولايات المتحدة في لبنان على مشاركتها في هذا المشروع وعلى دعمها المستمر.
وتكلّمت الحاج عن الأزمات الاقتصادية والمالية والسياسية والصحية الحادة التي يمر بها لبنان والتي تهدد سكانه وتغرقهم في الفقر وتهدد رفاتهم. كما عن العوامل الداخلية والخارجية التي تساهم في هذه الأزمات.
وأضافت “في مثل هذه البيئة، كان تنفيذ البرنامج وتشغيله بسلاسة مسؤولية كبيرة، لأنه كانت هناك حاجة لتحليل القضايا دون تأخير لا داعي له، والتخطيط والتنظيم وإكمال إحدى عشرة حلقة حوارية واثنين من المحادثات الثنائية، في الوقت المحدد، وفي حدود الميزانية وفي النطاق. كان الهدف هو اكتشاف التحديات الرئيسية الملحة، وتحليل المخاطر، وتقديم استجابات سياسية يمكن أن تقلل من العقبات ومكافحة المشاكل في البلاد.”
كما أنها وجّهت التحية الى جميع الشخصيات البارزة والمتميزة، والزملاء الكبار والوزراء، والسفراء والخبراء الذين جرى استقبالهم في استودي وهات المؤسسة خلال فترة تنفيذ المشروع.
وتابعت “الاستنتاج القوي هو أنه حتى لو لم يعملوا بشكل مثالي، فإن ورقة السياسة والتوصيات هذه يمكن أن تحسن الأمور. يجب على مؤسسة مي شدياق متابعة عملها مع قسم الشؤون العامة في سفارة الولايات المتحدة في بيروت، الآن، في الجزء الثاني من البرنامج، وفي العام المقبل. إن تعميق وتعزيز تعاوننا سيؤدي إلى المزيد من السياسات التي من شأنها أن تساعد كمسار للتعافي وكخطة عمل فعالة لتجنب السقوط الحر للبلاد.”
وأردفت، “لذلك بالنيابة عن مؤسسة مي شدياق معهد – الاعلام اسمحوا لي أن أقول إنني واثقة من أن سفارة الولايات المتحدة ستستمر في كونها شريكًا قويًا وموثوقًا للمؤسسة، حيث أن شراكتنا ضرورة مطلقة.” كما أنها أعربت في ختام كلمتها عن تقديرها العميق للسيدة السفيرة شجا على دعمها المستمر ولجميع أعضاء قسم الشؤون العامة في سفارة الولايات المتحدة في بيروت.
وأعربت رئيسة المؤسسة مي شدياق عن خالص امتنانها لجميع الحاضرين وعبّرت عن سعادتها عما عمل عليه فريق المؤسسة بالتعاون مع قسم الشؤون العامة في سفارة الولايات المتحدة منذ أكتوبر 2021 وحتى هذا التاريخ. وقالت، إن ” في هذه المرحلة الأولى من المشروع، جمعت إحدى عشرة حلقة حوارية واثنين من المحادثات الثنائية متحدثين بارزين محليين ودوليين ذوي خبرة عالية. وتطرقوا إلى عدد من القضايا المترابطة فيما يتعلق بالوضع في لبنان، واختناقاته، والمسار المحتمل للتعافي.
واتفق جميع المتحدثين على أن الأزمة في لبنان بدأت كأزمة ديون، مع مخطط احتيالي منظم على المستوى الوطني، حيث تم اقتراض أموال جديدة للدفع للدائنين الحاليين، حتى نفاد الأموال الجديدة. ثم تحولت إلى أزمة مصرفية، وتحولت إلى أزمة اقتصادية، وانتهت بأزمة اجتماعية وإنسانية، خاصة بعد المأساة الإضافية التي حدثت قبل عامين، وكانت من أسوأ الانفجارات غير النووية في التاريخ، قنبلة مرفأ بيروت الكارثية، التي دمرت العديد من الأحياء في وسط المدينة وأدّت الى مقتل وإصابة مئات الأشخاص.”
وأضافت “إذا كان من المرجح أن تحتل الأزمة المالية والاقتصادية المرتبة الأولى في أكثر ثلاث أزمات شدة؛ سوف يكون الأثر الاجتماعي للأزمة كارثيًا حيث أن أكثر من نصف السكان يعيشون حاليًا تحت خط الفقر الوطني. خاصة أن هذه الأزمة متعددة المستويات وقد أدّت إلى انهيار معظم الخدمات العامة الأساسية، ولا سيما الكهرباء والصرف الصحي والتعليم. لقد أصاب الانهيار أو “الكساد” كل المؤسسات، وهو يضغط حالياً بشكل غير مسبوق على المؤسسة الوحيدة المتبقية، بما يعرّض القوات المسلحة اللبنانية للخطر.”
وتابعت “كشفت الحلقات الحوارية خلال المشروع والتي ناقشت السياسات الأمريكية في المنطقة كيف أن لبنان أبعد ما يكون عن كونه موضوعًا مركزيًا في محادثات فيينا، لكنها كشفت أن الاتفاق النووي الإيراني يمكن أن يغير قواعد اللعبة في لبنان، إذ يمكنه تحديد دور إيران المستقبلي في المنطقة ودور وكيلها في لبنان. لا شك أن حزب الله يمارس بالفعل نفوذاً كبيراً في البلاد، يتسلط على الدولة اللبنانية ومؤسساتها، ويلعب دور الدولة داخل الدولة، ويحتكر اتخاذ القرار الاستراتيجي. وأن السبيل الوحيد لتغيير ذلك هو استعادة هوية لبنان بدعم من المجتمع الدولي.”
وأوضحت أنّ “اعتماد هذه السياسات وتنفيذها مهمة صعبة للغاية نظرًا للتعقيدات الداخلية والخارجية للبلد، إلا أنها تمثل تحديًا يستحق المتابعة. كما اعتبرت أنه يجب أن تسود سيادة القانون؛ لأن لبنان لن يكون قادرًا على العمل بشكل صحيح إذا كان يفتقر إلى أحد المبادئ العالمية الأربعة التي يمكن أن تبني دولة: المساءلة، والقانون العادل، والحكومة المفتوحة، والقانون المنفتح والنزيه. وأنّه إذا تم تنفيذ هذه الركائز، فإنها تضمن إصلاح القضاء. كل ما تبقى سيتبع بعد ذلك”.
كما اعتبرت أنّ “لإعادة ابتكار المستقبل، هناك حاجة ماسة للتركيز على الحد من الاضطرابات السياسية والاقتصادية الكبيرة التي تؤدي إلى تفاقم الاستقطاب الاجتماعي، وتقويض الأمن القومي، وتآكل الثقة في قادة الحكومة. ومع ذلك، على الرغم من تراجع الثقة في الحكومة، إلا أن الحكومة نفسها هي التي يجب أن تتحمّل المسؤولية السياسية لحل المشكلات الأساسية، وتحقيق الأمن، وضمان الحكم الديمقراطي لأمن المواطن.”
وصرّحت “يمكن التغلّب على التحديات التي تواجه البلاد في مجالات الأمن والاقتصاد والسياسة إذا تم تبني ورقة السياسة والتوصيات هذه وتنفيذها من قبل أعضاء البرلمان الذين حضروا اليوم وأعضاء البرلمان الآخرين الذين يؤمنون بسيادة الدولة. بعد شهرين من الانتخابات النيابية اللبنانية التي نقلت معظم المقاعد إلى أحزاب المعارضة، هناك حاجة للعمل على أجندة مشتركة، واستراتيجية وطنية لاستعادة الثقة، وعلى إحساس مشترك بالاتجاه لتمهيد الطريق مستقبل أكثر استدامة للبلد. ”
وشدّدت الدكتورة شدياق على ضرورة الالتزام والاجتهاد والمتابعة والحاجة إلى تعزيز ثورة في طريقة تفكيرنا وتصرفنا للفوز في المعركة قائلة، “نحن بحاجة إلى عمل أكثر ديمقراطية. نحن بحاجة إلى التعلم من أخطائنا وتجاربنا السيئة. والأهم من ذلك كله، علينا أن نتعلم كيف نفكر “كلبنانيين” من منظور الأمن الداخلي والخارجي. وفي هذا الصدد، يجب أن يكون تأمين الحدود ومواردنا مع تحقيق الازدهار من أولوياتنا المطلقة.”
وشكرت شدياق جميع الموجودين ووجّهت شكر خاص الى قسم الشؤون العامة في سفارة الولايات المتحدة في بيروت لجعل هذا المشروع ممكناً ولإتاحة الفرصة لـمؤسسة مي شدياق-معهد الاعلام وللمجتمع اللبناني لتعزيز مبادئ وممارسات البناء الصحية التي يمكن أن تؤدي إلى تجديد الهياكل السياسية والاقتصادية في لبنان.
كما كانت لها كلمة شكر خاصة للسفيرة الأميركية دوروثي شيا ورد فيها، “سيدتي السفيرة شيا ، أشكرك على استمرار تواجدك الدبلوماسي اللامع مع الشعب اللبناني. أنت صديقة عزيزة لم تفشل أبدًا في أن تكون إلى جانب لبنان ، بينما تستثمر في شعبه ، وتبني رأس ماله البشري ، وتعطي الأولوية لتمكين الشباب والنساء. عاشت العلاقة الاستثنائية بين بلدينا، ولعلنا نسير دائمًا معًا على طريق الازدهار.”