جاء في “الحرة”:
قبل وصول السفينة التي تحمل شحنة الحبوب الأولى من أوكرانيا إلى لبنان بعد الحرب، يحذر خبراء من أن المشكلة في لبنان لا تتعلق فقط بنقص الغذاء، ولكن أيضا بالتكلفة المترتبة على ذلك.
وقالت صحيفة “وول ستريت جورنال” إن الكثير من اللبنانيين يكافحون لشراء أبسط المنتجات حتى عندما يجدونها على الرفوف.
وارتفعت أسعار دقيق القمح في لبنان بما يزيد عن 200 بالمئة منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، بحسب منظمة “ميرسي كوربس” الإنسانية.
ومن المتوقع أن ترسو الشحنة الأولى من الحبوب التي تغادر موانئ أوكرانيا الرئيسية على البحر الأسود منذ الغزو الروسي، هذا الأسبوع، في ميناء طرابلس، لبنان، البلد الذي يعد تضخم أسعار المواد الغذائية فيه هو الأعلى في العالم وذلك ضمن اختبار تجريبي لصفقة دولية تهدف إلى التخفيف من أزمة الغذاء العالمية.
وتحمل السفينة أكثر من 26 ألف طن متري من الذرة وأبحرت بموجب اتفاقية تصدير الحبوب التي توسطت فيها الأمم المتحدة، ويؤكد وصولها الوشيك إلى لبنان مخاطر الصفقة بالنسبة للدول الفقيرة، وفقا للصحيفة الأميركية.
ويعود ذلك لاعتماد دول في الشرق الأوسط على أوكرانيا كمورد أساسي للقمح على الرغم من أن كييف تزود العالم بـ 10 بالمئة من القمح قبل الغزو.
ويعتمد لبنان على روسيا وأوكرانيا للحصول على أكثر من 70 بالمئة من احتياجه للقمح قبل الغزو. وبعد الحرب، ارتفعت أسعار الغذاء في الدولة الشرق أوسطية الصغيرة العام الماضي إلى 122 بالمئة، وفقا لبيانات البنك الدولي.
وأشارت الصحيفة إلى أن لبنان يواجه مجموعة من الأزمات حتى وإن تدفعت واردات الحبوب من موانئ البحر الأسود من جديد.
ويقول محللون أن شحنات الحبوب لن تكون كافية لمعالجة الفوضى الاقتصادية في البلاد.
وتصل الشحنة إلى لبنان بعد عامين من انفجار مرفأ بيروت المروع والذي أودى بحياة أكثر من 200 شخص وتسبب في خسائر بقيمة 15 مليار دولار، وسرع من الانهيار الاقتصادي للبلاد بعد أزمته المالية قبل عام من تلك الحادثة.
كما دمر انفجار 4 آب 2020 صوامع الحبوب في بيروت، مما أدى إلى مزيد من التصدع لسلسلة التوريد الهشة في لبنان. واشتعلت النيران في بقايا وحدات التخزين الضخمة لأسابيع بعد أن أشعلت حرارة الصيف القمح المخمر بالداخل.
وانهارت الصوامع مرتين هذا الأسبوع، الأحد، ومرة أخرى الخميس، مما أدى إلى تصاعد عمود من الدخان بينما سار سكان بيروت في الشارع القريب، مطالبين بالعدالة لمن قتلوا في الانفجار.
وقال الأستاذ في كلية الزراعة وعلوم الغذاء بالجامعة الأميركية في بيروت، رامي زريق، “تضيف الأزمات العالمية المتعددة إلى العبء الذي يتحمله اللبنانيون”.
وأشار إلى أن عدم القدرة على شراء ما يكفي من الغذاء الصحي يساهم في سوء التغذية وتدهور عام في صحة السكان.
بعد مرور عامين على الانفجار، لا يزال الفساد وسوء الإدارة الاقتصادية مستشريين. ودارت البلاد في سلسلة من الحكومات والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي نحو خطة إنقاذ تباطأت من قبل البنوك في البلاد التي رفضت سلسلة من التغييرات المقترحة.
وتفاقم حرب أوكرانيا من بؤس لبنان، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء وخلق ندرة في الضروريات.
وقال مايكل تانشوم، المتخصص في برنامج الاقتصاد والطاقة التابع لمعهد الشرق الأوسط، “مجرد العودة إلى مستويات ما قبل الحرب في أوكرانيا لا يخرج لبنان من الأزمة”. وأضاف: “إنه يمنع تحطم قطار بشكل فوري، لكنه لا يضع القطار على مسار آخر”.
قبل الأزمة المالية، كان الحد الأدنى للأجور في لبنان يبلغ حوالي 450 دولارًا في الشهر. وانخفض إلى 50 دولارًا حاليا بسبب انهيار قيمة الليرة، وفقا لخبراء بالجامعة الأميركية في بيروت.وقالت الجامعة الأميركية في بيروت إن العائلات اللبنانية كانت تنفق العام الماضي خمسة أضعاف الحد الأدنى للأجور في البلاد على الغذاء شهريا.
ويقول محللون وعمال إغاثة إن حرب أوكرانيا لم تؤدِ إلا إلى تفاقم المشكلة.
وقالت ليلى الأمين، التي تقود برنامج الإنعاش الاقتصادي لمنظمة “كيرسي كوربس” في لبنان، “لم نعد نتحدث عن الأشخاص المهمشين”. وتابعت: “اللبنانيون العاديون لا يستطيعون تحمل احتياجاتهم الأساسية الآن”.