منير الربيع – المدن
اشتداد الأزمة على صعيد المنطقة، وانعكاسها على الملف اللبناني سياسياً، أمنياً، سياحياً، وفي المجالات المالية والإقتصادية، تقابلها مساع مكثفة للتهدئة والوصول إلى قواسم مشتركة. لذلك هناك مسارات متلازمة مع بعضها البعض.
المسار الأول هو انتظار اللبنانيين لعودة المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت والبحث في جلسات التشاور والحوار للوصول إلى اتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية. والمسار الثاني، يتمثل بانتظار اللبنانيين لزيارة المبعوث الأميركي لشؤون أمن الطاقة العالمي آموس هوكشتاين إلى بيروت ولقاءاته بالمسؤولين اللبنانيين، وحضوره بدء عملية التنقيب عن النفط والغاز في البلوك رقم 9.
هوكشتاين واظهار الحدود
بعض ما يحكى في الكواليس السياسية، عن زيارة هوكشتاين، أنها ستكون مرتبطة أيضاً بطرح مسألة “إظهار الحدود البرية” المرسّمة في الأساس، وسط مطالب لبنانية بانحساب العدو الإسرائيلي من النقاط المعتدى عليها، وثمة توقعات تشير إلى أن هوكشتاين سيطرح البحث بهذا الملف. يتقاطع هذا الكلام، مع معطيات أخرى تشير إليها بعض المصادر القريبة من الثنائي الشيعي، والتي تعتبر أن الولايات المتحدة الأميركية تريد إنتخاب رئيس جديد للجمهورية بشكل سريع ليواكب عملية التنقيب وعملية إظهار الحدود ويوقع عليها كما حصل في مسألة الحدود البحرية.
فرنجية…لم يسقط بعد
لذلك يستمر رهان الثنائي على ثلاث نقاط، الأولى المسعى الفرنسي المستمر والذي لم يسقط بحسبهما ورقة سليمان فرنجية، والثانية ما يعتبره الثنائي عدم وجود فيتو أميركي أو من قبل أي دولة بشكل رسمي وعلني على ترشيح فرنجية. فيما الثالثة هي الحوار المستمر والمفتوح بين حزب الله والتيار الوطني الحرّ ورهان الحزب على إقناع باسيل بالسير خلف ترشيح فرنجية مقابل ضمانات متعددة وإقرار مسألة الصندوق المالي الإئتماني.
انفراج بعد أزمة؟
وعليه، هل تكون كل هذه الضغوط المنعكسة من تأزم إقليمي قابلة لأن تتحول لاحقاً إلى انفراج في الأزمة؟ لا يزال من المبكر الإجابة على هذا السؤال، في ظل تطورات الوضع على الصعيد الإقليمي، لا سيما على وقع التوتر الأميركي الإيراني، والذي له انعكاسات واضحة في سوريا وتحديداً على الحدود السورية العراقية، إذ أقدم الأميركيون على إغلاق الطريق الواصل بين البلدين، فيما يعمل الإيرانيون على تحشيد قواهم إلى هناك في سبيل الضغط على الأميركيين والمطالبة بفتح الطريق. يأتي ذلك بعد تعثر مسار المفاوضات بين واشنطن ودمشق حول إطلاق سراح الرهائن الأميركيين، إذ أن النظام السوري طالب الأميركيين بضرورة الإنسحاب الكامل من الأراضي السورية لاستكمال التفاوض. وهو ما اعتبر تصعيداً إيرانياً بوجه واشنطن.
فرصة أيلول
هذا التصعيد لا يمكن فصله عن مسار حزب الله المتبع على الحدود الجنوبية من خلال الإصرار على تثبيت الخيم ورفض إزالتها، وصولاً إلى تكريس معادلة الجيش والشعب والمقاومة من خلال التحركات التي حصلت في الجنوب، ربطاً بالجولة التي نظمها الجيش اللبناني لإعلاميين على طول الحدود البرية لإظهار النقاط التي تم تثبيتها لبنانياً وإظهار النقاط التي لا تزال عالقة وتحتاج إلى حلّ، كل ذلك يندرج في سياق تثبيت الوقائع إلى أن تحين لحظة التفاوض الجديّ. في هذا السياق، يبرز تصريح رئيس مجلس النواب نبيه بري بأن هناك فرصة حقيقية في شهر أيلول للوصول إلى تفاهمات وحلول، أما إضاعتها فتعني الدخول في دهليز مظلم. هذا الدهليزمرتبط بمشاهد التأزم الإقليمي في حال استمرت، وبالتالي فإن انعكاساتها ستكون مباشرة وخطيرة على الساحة اللبنانية ما لم ينجح اللبنانيون بالوصول إلى تسوية حقيقية.