في خضمّ البحث عن أفق انفراجة على مستوى الأزمات اللبنانية الداخلية، وفي طليعتها استحقاق انتخابات رئاسة الجمهورية، ثمة تساؤلات كثيرة تُطرح حيال ما ينتظر البلاد في المرحلة المقبلة وأطر الخيارات التي يمكن أن تتظهّر بين استمرار الترشيحات المتعارف عليها أو الانتقال إلى أسماء جديدة. وماذا عن الأسماء التي يرجّح أن تحظى بدعم ملحوظ من التكتلات النيابية الأكثر قدرة على التأثير إذا حصل الانتقال إلى مرحلة توافقية؟
في السياق، يلفت عضو كتلة “تجدّد” النائب أشرف ريفي إلى أن “الخيار القائم هو التمسّك بترشيح الوزير السابق جهاد أزعور للرئاسة الأولى ما دام يصرّ المحور المقابل على مرشّحه، إذ لا توصّل إلى خيارات جديدة سوى من خلال تخلّي المحوَرَيْن عن مرشّحيهما. وكان السبب المؤدي إلى الانتقال إلى ترشيح آخر تعذّر القدرة على حيازة أصوات نيابية إضافية لمصلحة رئيس حركة “الاستقلال” النائب ميشال معوّض أو تجاوز عتبة الخمسين صوتاً”.
ويقول ريفي في حديث إلى “النهار العربي” إنّ “الحلّ يتمحور حول الإصرار على ترشيح جهاد أزعور وخوض غمار المعركة الرئاسية الانتخابية من خلاله، أو الاتجاه إلى تسوية معينة فحواها الانتقال إلى خيار نهائي غير قابل للانتقال إلى سواه. ولا مصلحة في الانتقال إلى مرشح رئاسي مغاير للخيار الحالي على مسافة 6 أصوات من الوصول إلى 65 صوتاً. فإما التمسّك به كمرشّح للقوى المعارضة نهائياً، وإما الانتقال إلى خيار تسوويّ فحواه اختيار مرشح مشترك إذا كانت هناك استطاعة لتأمين 65 صوتاً نيابياً له”.
ويرى ريفي أن “قائد الجيش العماد جوزف عون يُعتبر المرشح الأكثر أهلية وقدرة للوصول إلى منصب رئاسة الجمهورية، لكن يبدو أن القرار الرئاسي انتقل إلى الخارج انطلاقاً من المرحلة الراهنة. وقد جرت محاولة للبننة الاستحقاق الداخلي من خلال ترشيح معوض الذي استجمع أصواتاً بحدود معينة قبل إضافة 10 أصوات مع الانتقال إلى ترشيح جهاد أزعور. وإذ يستمر التمسّك بأزعور فإن الخطوة المقبلة تكمن في بلورة خيار آخر ضمن قرار إقليمي دوليّ أكثر منه داخلياً”.
وفي ما يخصّ التطورات الإقليمية التي يمكن أن تؤثر في الموضوع اللبناني، يقول ريفي إن “هناك محادثات أميركية إيرانية متقدّمة جداً ولا أستبعد أن يكون هناك على جوانب الاتفاق النووي واتفاق فكّ الأرصدة وتبادل السجناء، اتفاق آخر يشكل موضوع رئاسة الجمهورية اللبنانية. وما دامت المنطقة تترتّب من النطاق الواسع ولا إمكان لإبقاء الوضع اللبناني خارج إطار سياق ترتيب المنطقة، فإن هناك بعض المعطيات حول الانتقال إلى مرحلة الخروج من مرحلة التأزم من خلال السير في خيار ترشيح قائد الجيش الأنسب للمرحلة والأفضل لها، بما يشير إلى اعتباره الخيار الأفضل”.
ويرجِّح النائب الطرابلسي أن “تفاجئ خطوة الانفراج في استحقاق رئاسة الجمهورية جميع الأطراف، كما كانت قد حصلت المفاجأة على مستوى الحوار السعودي الإيراني وترسيم الحدود البحرية الذي اتخذت طهران القرار به. ويطلب من الفريق الآخر تحويل الورقة الرئاسية إلى ورقة بيد إيران بغية تحسين شروطه التفاوضية. ويحتّم قول المسائل كما هي الإشارة إلى أن لكلّ مرحلة مؤهلاتها في وقت يجب الانتقال إلى مرحلة الخروج التدريجي من القبضة الإيرانية”.
وفي الاستنتاج العام الذي تضيء عليه مقاربة ريفي، “تتمحور الحظوظ الأكبر حول قائد الجيش العماد جوزف عون الذي يحظى بالعلاقات الأبرز كشخصية علمية ومعتدلة، ساهمت في الوصول إلى تجربة ناجحة على مستوى المؤسسة العسكرية، من خلال مرشح من مدرسة الرئيس فؤاد شهاب كرجل مؤسسات يفهم تفاصيل الواقع اللبناني”.